ــ المخطوطات تضم أشعارا نادرة للروائية إميلى برونتى.. وخطابين للكاتبة جين أوستن
قررت مجموعة ضخمة من المكتبات والمتاحف البريطانية التعاون من أجل جمع مبلغ 15 مليون جنيه إسترلينى لشراء مجموعة من المخطوطات الأدبية المهمة والنادرة قبل بيعها فى مزاد علنى هذا الصيف.
وتم وضع الخطة بعد الإعلان الشهر الماضى عن طرح محتويات مكتبة «هونريسفيلد» المفقودة للبيع بالمزاد فى دار «سوذبيز» للمزادات؛ حيث تحرّك الخبراء مباشرة مؤكدين أهمية تلك الكتب الثقافية للأمة البريطانية برمتها، بعد أن بذل رجليّ الصناعة ويليام وألفريد لو الرخيص والغالى فى العصر الفيكتورى من أجل تجميع الكتب بها، وهى كتب كان يتعذر الوصول إليها تمامًا منذ عام 1939 ولذلك سُميت بـ «المفقودة».
ووصف الخبراء تلك الكتب بـ «الكنز الثقافى الثمين» الذى يجب الحفاظ عليه من الضياع بأى ثمن، وناشدوا الجهات المسئولة بضرورة اتخاذ جميع الإجراءات لمنع بيعها لأى مؤسسة من القطاع الخاص أو لجامعى التحف.
وتقود حاليًا جمعية أصدقاء المكتبات الوطنية (FNL) مبادرة «منع بيع المخطوطات التى لا تقدر بثمن» من قِبَل المؤلفين على غرار الأخوات «برونتي»، وجين أوستن، ووالتر سكوت، وروبرت بيرنز، وهى تضم مؤسسات مثل «بودليان» و«المكتبة البريطانية» و«مكتبة اسكتلندا الوطنية»، والمنظمات الأصغر حجمًا مثل «أبوتسفورد»، وهى موطن الروائى الاسكتلندى والتر سكوت فى ميلروز؛ ومنزل جين أوستن فى «شاوتون»؛ ومتحف «متعلقات برونتي» فى هاوورث؛ ومتحف مسقط رأس روبرت بيرنز فى ألواى.
وتناشد FNL فاعلى الخير من رجال الأعمال والممولين من أجل رفع سعر الشراء ــ البالغ 15 مليون جنيه إسترليني ــ لمكتبة «هونريسفيلد» بأكملها فى المزاد العلنى، نقلًا عن صحيفة «الجارديان» البريطانية.
وتضم المكتبة مخطوطات وقصائد نادرة مكتوبة بخط اليد للروائية الإنجليزية، إميلى برونتى، ومجموعة من الملاحظات والرسومات والخطابات الخاصة بها، بالإضافة إلى رسالتين هامتين للغاية من الروائية الإنجليزية، جين أوستن، إلى أختها كاساندرا، تمت كتابة إحداها عشية إحدى الحفلات الراقصة؛ حيث كتبت «أوستن» لأختها أنها على وشك إنهاء علاقة غرامية، فقالت: «يبدو أنه اليوم الأخير الذى سأتبادل فيه الغزل مع توم ليفروى، وعندما تتلقين هذا الخطاب ستكون العلاقة قد انتهت بالفعل، إن دموعى تنهمر الآن وأنا أتذكر ذلك الخاطر الكئيب».
كما تضم المكتبة سلسلة من الرسائل الخاصة بمناقشات الكاتبة، جين أوستين، حول انطباعات القُرّاء تجاه روايتيّ «كبرياء وتحامل» و«عقل وعاطفة»، ومما يزيد من ندرة تلك الخطابات كونها تنتمى لفئة السيرة الذاتية؛ حيث لا توجد سوى ٣ خطابات مماثلة فى المجموعة الوطنية بالمملكة المتحدة، ومعظمها فى مكتبة «مورجان» فى نيويورك.
وتحتوى المجموعة، التى تحتوى على أكثر من 500 مخطوطة وطبعات أولى وخطابات، أيضًا على مخطوطة العمل الكاملة لرواية «روب روي» الشهيرة للروائى الاسكتلندى، السير والتر سكوت، ومجلد من قصائد وحواشى الشاعر الاسكتلندى روبرت بيرنز حين كان بصدد كتابتها.
وقد وافقت دار مزادات «سوذبيز» على تأجيل المزاد للجزء الأول من المكتبة، الذى كان من المخطط عرضه فى شهر يوليو القادم، حتى يمكن جمع الأموال من أجل حفظ المكتبة بأكملها كمجموعة، وتعتزم FNL بمجرد شرائها المجموعة أن يتم توزيع كل عنصر على حدة إلى المؤسسة المناسبة له فى جميع مؤسسات المملكة المتحدة الثقافية.
وقال عضو مجلس أمناء FNL، جون سكالى: «إننا نسعى سعيًا حثيثًا لشراء مجموعة الكتب والمخطوطات؛ حيث إن تلك النوادر ملكية عامة لا يجوز تخبأتها أو الاستمتاع بها من قِبَل مؤسسة أو شخص ما»، ووصف أمين الصندوق، تشارلز سيباج مونتفيورى، خطط المكتبات والمتاحف بأنها «مسعى وطنى مهيب لجمع الأموال الكافية للاحتفاظ بهذا الكنز الفريد من نوعه فى بريطانيا».
وقد تم تشكيل هذا التعاون بعد أن دقت «جمعية برونتي» ناقوس الخطر بشأن البيع المحتمل للمخطوطات، واصفة إياه الشهر الماضى بأنه «فعل فادح لتشتيت التراث»، وقد نجحت «جمعية أصدقاء المكتبات الوطنية» بعد الانضمام للحملة فى ضم المزيد من المؤسسات الوطنية.
وقال متخصص الأدب الإنجليزى والمخطوطات التاريخية فى دار مزادات سوذبيز، جابرييل هيتون، إن دار المزادات مسرورة بلعب هذا الدور التاريخى فى عملية بيع هذه المكتبة العظيمة.
وأضاف: «إن المقتنى الجديد سينال شرف حمل لواء حفظ الثقافة الذى صنعه «الأخوان لو» حين قاما بتجميع المكتبة مدفوعين بعشقهم اللا متناهى للأدب، كما أنه يعد تكريمًا للجهود التى بذلتها أسرتهما لحماية تلك الممتلكات لأكثر من قرن» وتابع: «إن هذه المبادرة غير المسبوقة هى شهادة على القوة المستمرة للأدب فى إلهام الجمهور لسنوات عديدة، وعلى صلاحيته لأجيال وأجيال مهما تقدم به العمر».