السؤال صريح وواضح ونكرره: من هم شباب مصر؟ هذا السؤال البديهى له أهميته القصوى سواء فى التعامل مع الكتلة الشبابية أو فى إتاحة الفرصة لها للمشاركة فى بناء الوطن أو فى كيفية التعامل معها.

من هو هذا الشباب الذى تحيطه العديد من المتغيرات الجديدة سواء داخليا أو من العالم والفضاء الخارجى وعملت على تشكيله؟ هذه النوعية الجديدة من الشباب ما هى خصائصها وما هى اختلافات سماتهم عمن سبقوهم من أجيال شابة أخرى؟

من هم هؤلاء الشباب؟ وما هو حجم هذه الشريحة ووزنها فى المجتمع وخصائصها؟ هذا التساؤل يقود إلى تساؤلات أخرى فى مقدمتها ما الذى دفع الشباب إلى القيام بهذا الدور الثورى؟ هل هو مهتم بأحوال الوطن؟ وبأحوال المواطنين؟ وهل تمتد همومه إلى مستقبل الوطن ومساراته المستقبلية؟

من هم هؤلاء الشباب؟ هم ثلاثة ملايين ونصف مليون متعطل وفق آخر إحصاء وتلقى البطالة بظلالها الداكنة على كافة جوانب حياة هؤلاء الشباب ويلفت النظر وجود حوالى مليون شاب زاهدين عن العمل، ويلاحظ تزايد نسبة الشباب فى التركيبة السكانية عاما بعد عام مما يعنى زيادة ثقلهم كشريحة اجتماعية متنامية الحجم، وربع الشباب بدون تعليم، حتى المتعلمين لا يجدون وظائف حيث 82% من المتعطلين من حملة المؤهلات العليا ولذا يقبلون العمل فى وظائف كان ممكن يحصلوا عليها بمستويات تعليم أقل، وأدى تضاؤل قدراتهم على الزواج كونه مشروعا باهظ التكاليف إلى إفراز علاقات غير سوية بين الجنسين والزواج العرفى والسرى وسقوط معنى الحياة لديهم ومع اتساع دائرة ومصادر الاتصال بالعالم الخارجى يتزايد غضب وتمرد الشباب والدخول فى دروشة دينية أو إفقاد العقل بالمخدرات أو الهجرة غير المشروعة فى قوارب الموت وترك الوطن بما حمل، وأدت ثورة التكنولوجيا والمعلومات والاتصالات إلى نضج أكبر بين الشباب ووعيا أكثر بحقوقه والتمسك بها فأصبح الشباب أكثر قدرة وحرية وجرأة فى التعبير عن نفسه ومصالحه عن أجيال سابقة دخلت دائرة المعاشات.

فى هذا المناخ من التهميش وفى ظل أوضاع متردية وتزداد سوءا خلق الشباب لغة خاصة بهم ولهم «هوية شبابية» ينتمون إليها وتغير نمط الأسرة الأبوية فأصبح محور الأسرة هو إرضاء الشباب وليس العكس ووجد الشباب فى الإنترنت مجالا خصبا للمشاركة يعوضهم عن عجز المؤسسات القائمة وكسر احتكارها لقنوات الاتصال وظهرت بنجاح الديمقراطية الإلكترونية متجاوزة كل أشكال الرقابة رسمية كانت أو اجتماعية أو عائلية وأصبح للشباب عالمه الخاص ولعبت مواقع التواصل الاجتماعى خاصة الفيس بوك دورا حاسما فى تشكيل الشباب.

هل الشباب مهتم بأحوال الوطن؟ وما هى الموضوعات والقضايا التى يهتم بها؟ حوالى 83% من الشباب مهتمين بأحوال الوطن، أما القضايا التى تشغلهم ففى مقدمتها المسألة الاقتصادية وعلى رأسها البطالة وارتفاع الأسعار والفقر والتعليم والعلاج والمعيشة فى بيئة نظيفة ومشاكل الطرق والمواصلات، أما انشغال الشباب بهموم الوطن فيأتى على رأسها الحاجة إلى الحياة فى وطن يتوافر له فيه الأمن والاستقرار ويتمتع فيه بالعدالة الاجتماعية وبالحرية والديمقراطية وبالمساواة وبحقوقه كإنسان ولا ينتشر فيه الفساد فضلا عن القلق بشأن مستقبل الوطن والمخاطر التى تهدده.

الشباب بانتظار آليات تمكنه من الاندماج فى الوطن ومؤسساته وتحمل المسئولية وكسر الحواجز التى حالت بينه وبين خدمة بلده.