الكوميديا الغائبة - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 4:43 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الكوميديا الغائبة

نشر فى : الأحد 5 يناير 2014 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 5 يناير 2014 - 8:00 ص

مزايا كثيرة تجلت مع صدور كتاب «سينما الشغف» الذى يضم قائمة أهم 100 فيلم عربى، بداية بنزاهة منهج اختيار الأفلام المفضلة، حيث شارك عدة مئات من السينمائيين والنقاد، من معظم البلدان العربية، وانتهاء بالكلام المكتوب عن كل فيلم، الذى يبين بوضوح، قيمة العمل، وقصته وأهم معالمه الفنية، فيما يشبه المقالات النقدية الموجزة، المكثفة، المعتمدة على معرفة شاملة بخارطة السينما فى الوطن العربى كله، فضلا عن موضوعية جديرة بالاحترام، تتجاوز أى نزعة تعصب مع أو ضد سينما هذه الدولة أو تلك.. الكتاب الثمين، يقع فى 160 صفحة من القطع الكبير، بغلاف أصفر سخيف، يخلو من أى خيال، على نصف الغلاف الأيسر، حروف عربية طولية وعرضية، لا يمكن قراءتها، بعضها بلون رمادى كئيب، والبعض الآخر بالأسود القاتم.

بعيدا عن المسائل الشكلية، تأتى الدراسة المرموقة فى المقدمة التى كتبها الناقد الشاعر الروائى زياد عبدالله، منظم الاستفتاء، كمحاولة جادة، شاملة وعميقة، لقراءة دلالة النتائج، وتلمس مسيرة السينما العربية، عبر قرن من الزمان، ويلاحظ، بنفاذ رؤية، أن «الواقع والواقعية» كثيرا ما سيترددان فى صفحات الكتاب.. ولكن فجأة، يحلو لزياد عبدالله أن يتخلى عن أسلوبه الواضح، السلس، ليغرق فى تعريفات غامضة، يستعيرها ــ حسب قوله ــ من الفلسفة، فيكتب بين قوسين، أن الواقع هو «مجموع ما هو موجود» من حيث أنه يفترض وجوده باعتباره معطى ويقتضى الاعتراف به أولا فى غيريته أو مطابقته لذاته، فى المقاومة التى يعارض بها التأثيرات والرؤية الإنسانية. ويتعارض الواقع فى الآن نفسه مع الظاهر والوهم والإمكانية غير المتحققة أو غير القابلة للتحقيق.. أنا آسف، لأننى لم أفهم شيئا.

الجداول، المعتمدة على الإحصاء، من أهم إنجازات الكتاب، وبالتأكيد، بذل زياد عبدالله جهدا كبيرا لبيانها، وهى تبين الخارطة البشرية للمبدعين، فعلى سبيل المثال، الجدول المتعلق بالمونتيرين، يثبت أن دولة المونتاج تتألق بالنساء وليس بالرجال: رشيدة عبدالسلام فى المقدمة بواقع «13» فيلما من المادة، ونادية شكرى بإنجاز «7» أفلام، والثالثة مفيدة تلاتلى بواقع «6» أفلام.. أما عن شركات الإنتاج، فإن الجدول يشير إلى أن «المؤسسة العامة للسينما ــ سوريا ــ هى الأكثر تفوقا، ذلك أنها أنجزت «10» أفلام فى قائمة الأفلام الأفضل، والبون بينها وبين من تليها شاسع. «أفلام مصر العالمية» بواقع خمسة أفلام فقط، متساوية مع «هومبير بالزان».. وفى مجال الأداء التمثيلى، تخلو القائمة من فاتن حمامة، نادية لطفى، ليلى علوى، وغيرهن لأن الأفلام المختارة لم يشاركن فيها.. وهذا ما يفتح الباب لقراءة خارطة الغياب، وأسبابها. «الغياب» يردنا بالضرورة إلى المزاج العام، والسينمائيون جزء منه.. الواضح أن سحابة التجهم زحفت على سماء الجميع.. دليلى على هذا عدم الالتفات إلى أفلام الكوميديا، فهل من المعقول أو المنطقى تجاهل «البحث عن زوج امرأتى» للمغربى محمد عبدالرحمن التازى 1993، أو «حسن طاكسى» ـ حسب النطق الجزائرى لكلمة تاكسى ــ لمحمد سليم رياض 1982، أو «الآنسة حنفى» لفطين عبدالوهاب 1954؟

الفيلمان الوحيدان اللذان نجيا من محرقة الكوميديا هما «الحدود» لدريد لحام 1984، و«غزل البنات» لأنور وجدى 1949، وبينما تعرض «الحدود» للسعة فى المرتبة «75» بالقائمة، جاء «غزل البنات» أسوأ حظا، ذلك أن تعرض للسعة وصفعة. نجح على «الحركرك» فى دخول سينما الشغف، بالرقم «96»، وعلى غير العادة أو المألوف، كتب ناقدنا الخبير على أبوشادى فى سطوره الأولى «أعتقد أنه من الصعب ــ من وجهة نظرى ــ اعتبار فيلم «غزل البنات» واحدا من أفضل 100 فيلم فى تاريخ السينما المصرية أو العربية».

هكذا، عصف المزاج العربى السيئ بالكوميديا.. وهنا تبرز قيمة أخرى للكتاب، تتمثل فى تلك الآفاق الغائبة فى ذاكرتنا السينمائية التى ينبهنا لها، التى تنتظر من يكتشفها، فلا يمكن أن نتناسى أسماء كبيرة، فى حجم عز الدين ذوالفقار، ومحمد شكرى جميل، وغيرهما.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات