حكومة القضاة - نجاد البرعي - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 6:14 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حكومة القضاة

نشر فى : الإثنين 4 مايو 2015 - 9:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 4 مايو 2015 - 9:11 ص

الحكم الذى أصدرته المحكمه الإدارية العليا بعدم مشروعية الإضراب، جاء كاشفا عن أن مصر تعيش عصر «حكومة القضاة». تجاهلت المحكمة رفيعة المقام نصوص الدستور، وقدمت تفسيرات غير مقبولة لأحكام الشريعة الإسلامية.

تنشأ «حكومة القضاة» عندما يكون فى إمكان القاضى أن يفسر النص القانونى بشكل يتسق مع انحيازاته الفكرية لتحقيق هدف سياسى. يمكن «لحكومة القضاة» أن تعطل النصوص الدستورية من أجل ما تتصور أنه «مصلحة للدولة». تنتعش حكومة القضاة أثناء الفترات الانتقالية وعندما يغيب البرلمان الذى يعتبر «عين الشعب فى الرقابة على مدى التزام السلطة التنفيذية والقضائية بنصوص الدستور والقانون».

مع اتساع الدور الذى تلعبه «حكومة القضاة» تضعف هيبة الدستور، وتهتز الثقة فى العدالة. يتحول القضاء من «حارس» يضمن التزام أطراف العملية السياسية بالدستور والقانون إلى «طرف» يمكن له تفسيرهما وفقا لما يتصور أنه مناسب وضرورى. الحكومات التى لا تستند إلى شرعية برلمانية ترحب فى العادة «بحكومة القضاة». يتحمل القضاء عنها مسئولية قرارات صعبة لا تريد هى اتخاذها وتبحث عمن يتخذها نيابه عنها.

خلال العام الماضى أصدر «قاضى الأمور المستعجلة»، عددا من الأحكام ذات الطبيعة السياسية تخرج كلها عن اختصاصه. من منع رموز الحزب الوطنى من الترشح للانتخابات وحتى اعتبار حماس جماعة إرهابية. لم يلتفت أحد إلى أن تلك الأحكام تضع القضاء فى قلب العملية السياسية، وتربك السياسة الخارجية للدولة.

شهر العسل بين السلطه التنفيذية «وحكومة القضاة» لا يستمر فى الغالب طويلا، بشكل تدريجى تبدأ «حكومة القضاة» فى تكريس وضع استثنائى لها ثم تعاقب من يحاول انتقاده أو مناقشته بدعوى «إهانة القضاء». فى مارس الماضى أفتى مجلس الدولة بعدم خضوع القضاة إلى قانون الحد الأقصى للأجور!!.

لا يزال مشروع قانون الكسب غير المشروع متعثرا نتيجه اعتراضات قضائية ترفض تطبيقه على القضاة إما بسبب تبعية جهاز الكسب غير المشروع أو لأن كل هيئة قضائية مستقلة بشئونها فلا يجوز لأحد أن يراقبها.

فى ديسمبر الماضى رفض مجلس القضاء الأعلى تعيين ١٣٨ معاون نيابة سبق الموافقة على تعيينهم بحجه أن آباءهم وأمهاتهم لا يحملون مؤهلا عاليا وهو شرط لم يقل به أى قانون ولم نسمع به من قبل. حتى انتخاب البرلمان لا يمكن توقى النتائج السيئة لحكومة القضاة.

يمكن الآن على الأقل الآن فتح مناقشة علنية حول حدود «استقلال القضاء» وكيف يمكن أن يتم فى حدود الدستور وليس بالخروج على نصوصه. يمكن أن يضاف إلى اختصاص المحكمة الدستورية النظر فى الأحكام النهائية التى تصدر من المحاكم العليا وتشكل اعتداء على الدستور بشرط ان تُنظر تلك الطعون على وجه السرعه، لم تعد التشريعات فقط هى من يخرج على الدستور بعض الأحكام القضائية تنتهكه بقسوة.

negad2@msn.com

التعليقات