دعونا نتعلم من 5 يونيو - سمير عليش - بوابة الشروق
الثلاثاء 7 مايو 2024 8:45 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دعونا نتعلم من 5 يونيو

نشر فى : الجمعة 5 يونيو 2015 - 9:25 ص | آخر تحديث : الجمعة 5 يونيو 2015 - 9:25 ص

كلما اقترب هذا اليوم من كل سنة منذ أواخر السبعينات (بعد ارتفاع الأصوات الإعلامية بتمجيد بطل الحرب والسلام و90% من الحل فى يد أمريكا، ثم من اضطلع بالضربة الأولى واسترداد طابا، متناسية دور الشعب والأسباب التى ساهمت فى تجاوز تلك المحنة) ينتابنى الأمل فى أن نسترجع الدروس المستفادة من هذا الحدث الجلل عبر الرد على التساؤلات التالية:

الأول: ما الذى أدى إلى الهزيمة؟ التى اتضحت أبعادها مساء يوم 8 يونيو المتمثلة فى الإحساس بالمهانة القومية، وبالصدمة فى رئيس حاز بحب لا يضاهى، وضياع حلم جيلى فى القومية العربية، فضلا على خيبة أمله فى عدد من أهم أهداف ثورة 23 يوليو:

• وضع نهاية للاحتلال
• بناء جيش قوى يستطيع التصدى للمؤامرات الخارجية

الثانى: كيف تم الخروج من قاع اليأس إلى قمة البأس فى 6 أكتوبر 73؟

الثالث: لماذا انتكست المسيرة بعد الانتصار؟

•••

الإجابة على التساؤل الأول يكمن من وجهة نظرى فى العديد من الخطايا التى ارتكبت فى حق الشعب المصرى منذ أواخر الخمسينات بعد (العديد من الإاتصارات فى ملحمة السد العالى وتأميم القناة فى 56 ثم الجلاء الكامل للجيش الإنجليزى / مساندة حركات التحرير فى أفريقيا وآسيا / تكوين منظمة عدم الانحياز / الإحساس بكرامة المواطن فى الخارج عبر الحماية وفى الداخل عبر العدالة الاجتماعية)

فيما يلى بعض من أهم تلك الخطايا:
1. الفشل فى وضع نظام ديمقراطى سليم [لمواجهة التشويه السياسى الذى حاول أن يمحو معالم الوحدة الوطنية فى فترة ما قبل الثورة] (هذا ما قيل بالحرف الواحد فى أهداف الثورة). ولاشك أن تركيز السلطات فى يد الرئيس وتكوين المجالس النيابية بالتزوير الفج، وصيغة الاتحاد الاشتراكى لم تكن بديلا عن الحياة السياسية التعددية فى إطار ديمقراطى لأنها بنيت على أساس التنظيم الواحد والتعيين من القمة إلى القاع. وقد أسفر هذا التركيز وتلك الصيغة عن ظهور «مراكز القوى» التى تحكمت فى كل شىء وعزلت الرئيس عن الشباب وجماهير الشعب وأنتجت القطط السمان وأماتت السياسة.

2. إهدار هيبة الدستور والقانون. وقد كانت مذبحة القضاء قمة الاستهانة بمنظومة العدالة التى بدأت فى الانهيار منذ ضرب السنهورى بالأحذية ثم المحاكمات العسكرية. وقد أدى التنكيل الأمنى والتعذيب للشيوعيين / اليساريين / الإخوان / الليبراليين، فضلا عن الأدوار التى كان يلعبها صلاح نصر وأعوانه فى الأجهزة السيادية إلى تفشى الفساد وتمزيق النسيج الوطنى وعزوف المصريين فى الداخل والخارج عن المبادرة والمشاركة.

3. تأميم القطاع المدنى وإعلام الصوت الواحد والفكر الواحد الذى غيب الحقيقة عن الشعب والرئيس واستخدم الدين للترويج للاشتراكية، وأحاط الرئيس ناصر بهالة من القداسة عبر تسميته بالرئيس الملهم.

4. تعيين قيادة غير مؤهلة للقوات المسلحة لعبت دورا محوريا فى انفصال سوريا. والأدهى والأمر أن تلك القيادة (عامر) انتزعت فى 62 مقاليد السلطة الداخلية من السيد الرئيس عندما حاول إقصاءه، ونشرت أعوانها من العسكريين فى جميع مفاصل الدولة.

5. إصدار قرارات أدت إلى تخلف التطور الاقتصادى والتكنولوجى منها: (أ) إيقاف الخطط الخمسية، مما انعكس أثره على المراكز البحثية ومشروعات التصنيع المدنى والحربى. (ب) تحجيم استخدام الكمبيوتر فى الدولة عبر قانون 64.

6. التدخل فى حرب اليمن لمساندة الثوريين ضد السعودية وهذا الانغماس انعكس أثره بالسلب على الاقتصاد ومستوى القوى القتالية للجيش.

7. سحب قوات الأمم المتحدة من سيناء دون استعداد لحرب محتملة.

الإجابة على التساؤل الثانى: التحول من اليأس إلى البأس
أعتقد أنه كان عبر ما يلى:
1. خطاب الرئيس ناصر الذى أبدى فيه استعداده لتحمل المسؤولية الكاملة.

2. الموقف البطولى الذى اتخذته جماهير الشعب المصرى يومى 9، 10 يونيو فى ذلك الظرف العصيب بالتمسك بقيادتها، ثم إعداد برامج للتوعية بثقافة التحدى.

3. التخلص من مراكز القوى وخاصة التى وقفت فى طريق عملية التصحيح عبر المحاكمات العلنية (للقيادات العسكرية وللمخابرات) والتى طرحت صورة كاملة لانحرافات وأخطاء المرحلة السابقة.

4. إنهاء انغماس القيادات العسكرية فى مفاصل الدولة وإعادة بناء جيش قوى (معظمهم من خريجى الجامعات). والعمل على تكثيف التعاون الكامل بين المجتمع والقوات المسلحة، حتى إن الشهداء من المدنيين تجاوز العشرات من الآلاف.

5. طرح (بيان 30 مارس 68) كبرنامج للتغيير المتكامل بعد حوار مجتمعى للاستفتاء، بهدف إصلاح المسارات التالية:
ــ السياسية (تكوين الاتحاد الاشتراكى بالانتخاب من القاعدة إلى القمة).

ــ الإعلامية والانفتاح على جميع الأفكار الناقدة.

ــ الدستورية والقانونية لقيام دولة عصرية عبر توفير كل الضمانات للحرية الشخصية والأمن لجميع المواطنين فى كل الظروف، وأن تتوفر كل الضمانات لحرية التفكير والتعبير والنشر والرأى والبحث العلمى.

6. إجراء تغييرات ضخمة فى قيادات مؤسسات الدولة سعيا للكفاءة والقدرة على بذل الجهد المهنى والعلمى. وللأسف امتدت إلى (ماهو مختلف عليه) مؤسسة العدالة (مذبحة القضاء).

7. إصلاح المسار الاقتصادى عبر التركيز على إعلاء قيم المسؤولية الجماعية والواجب واستخدام الموارد المجتمعية المتوفرة فى الأفراد (المهارات، التطوع، العطاء) وفى القطاع العام والمزارع والمراكز البحثية، فضلا عن قدرات الدوائر السياسية الصديقة وخاصة الاتحاد السوفيتى والدول العربية وأفريقيا ودول عدم الانحياز والدول الإسلامية.

8. الانفتاح على أهل العلم من الشباب والمصريين فى الداخل والخارج، وعلى جميع الأيدولوجيات تعزيزا للنسيج الوطنى (المهندس باقى وفكرته العبقرية لعبور القوات المصرية).
الإجابة على التساؤل الثالث: لماذا انتكست مسيرة شعب؟

لأنه لم يتوفر لها: مجتمع مدنى فعال، ولا نظام ديمقراطى سليم، ولا منظومة عدالة مستقلة.

•••

وأظن أننا نعيش الآن فى ظروف اقتصادية واجتماعية وثقافية محلية وإقليمية وعالمية أكثر قسوة من التى واجهتنا فى يونيو 1967، لذا لا أرى بديلا لعبور الشعب إلى الدولة الوطنية الديمقراطية المدنية بعد الفترة الاستثنائية المحددة فى الدستور الحالى للجيش والقضاء (باقى 7 سنوات)، إلا بالالتزام الصارم بالدستور والقانون وحقوق الإنسان وحرية المجتمع المدنى / بالحرص على إقامة حياة سياسية تعددية حزبية سليمة / واستبعاد القوى التى أوصلتنا إلى هذا الموقف خلال 30 سنة (بالعدالة الانتقالية وليس بالعدالة الهزلية)/ والعمل على تعزيز النسيج والتوافق الوطنى وإصلاح المسار الاقتصادى ومؤسسات الدولة وبالأخص منظومتا العدالة والتنمية البشرية الإنسانية / وفق رؤية ومشروع قومى يقوم على المسؤولية الجماعية والموارد المجتمعية يضطلع بتنفيذه قيادات من خلفيات خارج الصندوق (أهل الثقة) الذى أفسد الدولة فى الوادى وسيناء والأطراف.

وأختم بمقولة ناصر بعد يونيو 67:
(إن أى نظام ثورة يستند على الجماهير وحدها لا يكفيه أن يكون الشعب وراءه راضيا ومؤيدا، وإنما هو يحتاج إلى أكثر من ذلك، يحتاج إلى أن يكون الشعب أمامه موجها وقائدا)
وأعتقد أن الشعب يكون أمامه موجها وقائدا عبر مجتمع مدنى فعال ونظام ديمقراطى سليم وعدالة مستقلة.

سمير عليش  ناشط في مجال الشأن العام
التعليقات