وائل نور - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 9:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وائل نور

نشر فى : الجمعة 6 مايو 2016 - 9:50 م | آخر تحديث : الجمعة 6 مايو 2016 - 9:50 م
جاءت البداية فى «سنوات الخطر» لنجدى حافظ ١٩٨٥. لم يكن وائل نور، أيامها، تجاوز الخامسة والعشرين من عمره: شاب نحيل، ملامحه مصرية، وجهه يتسم بشىء من البراءة، متوقد الانفعال، مندفع، لا يفكر إلا فى اللحظة الآنية، لا يقيم وزنا لعواقب الأمور، ينشأ فى أسرة تبدو ناجحة تماما. والد متمكن من مهنة المحاماة، والدة صحفية شهيرة، لكنهما لا يلتفتان إلى مسار حياة ابنهما. يدمن الأقراص المخدرة، ينغمس مع أصدقاء السوء، يسرقون سيارات يقبض عليهم. الفيلم كما فى أعمال لاحقة، مجرد تنويعات باهتة لـ«إحنا التلامذة»، الذى حققه عاطف سالم ١٩٥٩.

أداء وائل نور، فى إطار ذلك الفيلم المتواضع، بدا معقولا، يتماشى مع مستوى الإخراج الركيك لمخرج تجاوزه الزمن، لن تجد فى قائمة أعماله ما يستحق الإشادة. لكن، ميزة «سنوات الخطر» أنه فتح الباب لوائل نور كى يؤدى شخصية الولد الطائش، البرىء، المنزلق فى طريق الانحراف، المهدد بمصرى فاجع.. ربما ما يميز الممثل الجديد، قدرته على التعبير عن أحاسيسه، خلال عينين يرتسمان فيهما مزيج من الخوف والدهشة، حين تأتى لحظة الحقيقة، أو تصفية الحساب.

في ذات العام ١٩٨٥، يظهر بطلنا فى «تجار السموم»، المطابق جوهريا لـ«سنوات الخطر».. هو ابن لمهندس بترول، وطبيبة. متميزان فى مهنتيهما، لكنهما يهملان رعاية وحيدهما، مما يجعله مدمنا للمخدرات، ثم مشاركا فى توزيعها، ثم مبلغا للشرطة التى يساعدها فى القبض على العصابة. الفيلم ضعيف، لم يضف شيئا لوائل. قائمة أفلام المخرج شريف حمودة، تكاد تخلو من أعمال لافتة. رغم اجتهاد وائل نور على شاشة السينما، فإن الحظ لم يكن حليفه، ذلك إن الفرصة لم تسنح له كى يعمل تحت قيادة الكلاسيكيين الكبار أو الموهوبين الجدد، فلا صلاح أبوسيف أو كمال الشيخ أو حتى حسام الدين مصطفى، ولا عاطف الطيب أو محمد خان أو شريف عرفة.

شارك وائل فى أفلام من نوع «بنت من ذهب» لمحمد أسامة ١٩٨٨، «الأب الشرعى» لناجى أنجلو ١٩٨٨، «جيران آخر زمن» لسمير حافظ ١٩٨٩. وبرغم تهافت هذه الأعمال، استطاع فقيدنا تحقيق شىء من اللمعان هنا وهناك. فى بوره القصير، فى «البيه البواب» لحسن إبراهيم ١٩٨٧، جسن شخصية الفتى العابث، الرعديد، على نحو جيد، خاصة حين يشرع فى شرب زجاجة مياه غازية، متحرشا بزوجة البواب الصعيدية، وسريعا، يولى الادبار، مذعورا، عندما تكشر عن أنيابها. يصل إلى أفضل مستوياته فى «الحب فى طابا» لأحمد فؤاد ١٩٩٢، خاصة فى موقف النهاية المتميز، الذى يعبر فيه، بعيونه المغرغرة بالدموع، عن انفعالين متباينين، فى لحظة واحدة، الشفقة على صديقيه المصابين بالإيدز، اللذين يفاجأ أنهما سلما نفسيهما للمستشفى، والخجل منهما، لأنه وعد بعدم الإبلاغ عنهما.

منطقة الإبداع اللافتة، تجدها فى المسلسلات التليفزيونية، ذلك أنها منحت وائل مساحة واسعة لأداء نوع من الأداء المتفهم، المتأنى، معتمدا على استيعاب كامل، للشخصية التى يؤديها، ملتزما بقوانين الوراثة، حين يتعرض العمل لعدة أجيال، وإن اختلفت الملابس، ومفردات الكلام، من جيل لجيل.. هكذا بدا فى المصراوية» الذى كتبه أسامة أنور عكاشة، فى جزأين، من إخراج إسماعيل عبدالحافظ عام ٢٠٠٧، ٢٠٠٩، فضلا عن تلك الكيمياء الخاصة بينه والعتيد فريد شوقى، فى أكثر من عمل، توافق فيه وائل مع الأستاذ الذى يؤدى دور والده.. فى «البخيل وأنا» لحسين عمارة ١٩٩١، تنتقل جينات إيثار الذات، الأنانية، الشغف بالملكية، من الأب إلى الابن، النهم، نصف النصاب، حيث يتعمد وائل محاكاة فريد شوقى فى بعض لمساته ولفتاته.

بعد ابتعاد وائل نور عن الشاشة الفضية استمر لأكثر من عقدين، عاد فى دور قد صير فعالا فى الفيلم الجماعى البطولة «الليلة الكبيرة» لسامح عبد العزيز ٢٠١٥. فى مشاهده القليلة، أصبح راسخا، يوحى أكثر مما يصرح، يؤدى دور صاحب لوكاندة مشبوهة، يبتسم ابتسامة تكاد تقطر سما، يدير مؤسسته الفاسدة ببساطة جارحة، يستشف منها أنه، طوال عمره، ينغمس فى أعمال لا أخلاقية.. كان من المحتمل أن يكون هذا الفيلم فاتحة لعودته إلى السينما، لكن رحمه الله، غادر قبل أن يتحقق هذا الاحتمال.
كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات