حرب يوم الغفران - إكرام لمعي - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 5:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حرب يوم الغفران

نشر فى : الجمعة 6 أكتوبر 2023 - 8:00 م | آخر تحديث : الجمعة 6 أكتوبر 2023 - 8:00 م
كشفت وثائق بريطانية مؤخرًا أن السوفييت «هم الذين نصحوا الرئيس المصرى الراحل أنور السادات باختيار السادس من أكتوبر عام 1973م» لعبور قناة السويس وبدء الهجوم على الجيش الإسرائيلى الذى كان يحتل سيناء.
كان اختيار هذا اليوم الموافق السبت، الذى يطلق عليه اليهود بالعبرية اسم يوم كيبور، أى الغفران، العاشر من شهر رمضان، أحد عناصر المفاجأة التى شلت حركة إسرائيل فى الأيام الأولى للحرب. وتكشف الوثائق، أن حجم الدعم السوفييتى لمصر وسوريا قبل الحرب وخلالها كان أكبر بكثير مما يُعتقد.
بعد شهور قليلة من انتهاء الحرب، أجرى حلف شمال الأطلسى «الناتو» دراسة للحرب بهدف «استخلاص الدروس» تحسبًا لاندلاع صراع عسكرى مع دول حلف «وارسو» فى ذلك الوقت، بقيادة الاتحاد السوفييتى، على المسرح الأوروبى.
وحسب نتائج الدراسة، فإن السوفييت أدوا دورًا مؤثرًا ساعد المخطط المصرى فى أن ينفذ خطة الخداع بإحكام، التى جاءت بعد دراسة دقيقة لتجربة الهزيمة أمام إسرائيل فى يونيو عام 1967م.
تقول النتائج، التى قدمت لقيادة «الناتو» فى أول مارس عام 1974 واعتُبرت أحد وثائق الحلف البالغة السرية: «أظهر التحليل العربى، المصحوب بإرشاد من جانب مستشاريهم الروس، لحرب يونيو 1967م، أنه إذا أراد العرب تحقيق أى نوع من النجاح ضد الإسرائيليين، فيجب لهم ضمان المفاجأة كاملة وذلك عن طريق إخفاء نواياهم العدائية عن طريق تهيئة موقف سياسى وعسكرى لا يؤدى إلى شن هجوم إسرائيلى استباقى وقائى، أو شن هجوم قبل استكمال التعبئة الإسرائيلية».
كما تشير معلومات استخباراتية، إلى أنه «خلال دراسة المصريين لحرب يونيو، أوصى المستشار الروسى الكبير الجنرال، فاسيليو فيتش، بفترة يوم كيبور باعتبارها أفضل وقت للهجوم لتحقيق المفاجأة».
واستندت النصيحة إلى أنه فى هذا اليوم تتوقف الحياة بشكل شبه تام وفقًا للتعاليم اليهودية المتبعة.
وقال: «فى هذا اليوم يكون سكان إسرائيل فى منازلهم يتأملون، ويصومون وعادة تظل أجهزة المذياع مغلقة».
وقالت نتائج دراسة «الناتو»: إنه «باختيار الساعة الثانية (بعد ظهر يوم كيبور) ساعة الهجوم، زاد عنصر المفاجأة أكثر. فإذا لم يحدث هجوم فى الفجر، يكون هناك ميل إلى الاسترخاء. أما الهجوم فى الغسق، فيتيح ضوءا نهاريا ضئيلا لا يساعد فى الاستفادة من المكاسب الأولية التى تتحقق».
وقد حدث فقد أربكت المفاجأة إسرائيل التى لم تستطع انتزاع المبادرة على الجبهة الجنوبية (المصرية) إلا يوم 15 أكتوبر، أى بعد 9 أيام من بدء العمليات، وفق معلومات الناتو.
وما أثار اهتمام خبراء الناتو هو احتمال أن يكون الاتحاد السوفييتى على علم أكبر مما كان يُظًن، بخطط السادات فى مرحلة مبكرة، وهو ما يجعل السوفييت، حسب دراسة الحلف، يستحقون «قدرا أكبر من الاعتراف بفضلهم».
إذن ماذا حدث فى إسرائيل يوم 6 أكتوبر 1973م؟
كان السادات «مستعدا لزيارة درامية ثانية للقدس استجابة لاقتراح لورد يهودى».
تكشف دراسة الناتو عن أن الأقمار الاصطناعية السوفييتية «مكنت العرب، قبل العمليات القتالية، من التأكد من الترتيبات الإسرائيلية فى سيناء، ومن أن يروا، لاحقا بعد أن بدأ الإسرائيليون فى التحرك غربا، التهديدات التى تتعرض لها القاهرة».
ما أهمية هذه الوثائق؟
فى يوم الجمعة الثانى عشر من أكتوبر، أى بعد ستة أيام من بدء الحرب وفشل الجيش الإسرائيلى فى الحفاظ على مواقعه فى مواجهة الجيوش العربية، مدت الولايات المتحدة جسرا جويًا غير مسبوق فى تاريخها لنقل أسلحة متطورة إلى إسرائيل بينما كان القتال مستمرا، ونفذ 570 مهمة عسكرية على مدار 13 ألف ساعة طيران حملت 22 ألف طن من الأسلحة المتطورة إلى إسرائيل«، لتجنب ما وصفه كيسنجر بالكارثة.
وتكشف دراسة «الناتو» أن حجم الدعم السوفييتى للعرب كان أكبر وأهم بكثير من المعروف عنه فى الحرب التى فتح السادات بعدها بأربع سنوات أبواب التسوية بين العرب وإسرائيل بزيارته التاريخية للقدس فى نوفمبر عام 1977م.
وكان الرئيس السادات قد قرر يوم 17 يوليو عام 1972م «إنهاء مهمة» الخبراء العسكريين السوفييت فى مصر، والذين كان سلفه عبدالناصر قد استقدمهم للمساعدة فى إعادة بناء القوات المسلحة المصرية بعد الهزيمة عام 1967م أمام إسرائيل. وأبلغ السادات، حسب وثائق بريطانية أفرج عنها فى وقت سابق، البريطانيون رسميا بأنه جاد فى إعادة النظر فى علاقاته مع الاتحاد السوفييتى.
وقد أجرى خبراء الناتو مقارنة بين الدعمين الأمريكى والسوفييتى لطرفى الصراع، ما يكشف حقيقة دعم موسكو للعرب رغم موقف السادات المعلن.
بدأت طائرات السلاح الجوى الأمريكى ممارسة دورها من يوم 16 أكتوبر وما بعده، «حاملة ما يصل إلى 1000 طن فى اليوم قاطعة مسافة 10400 كيلومتر عبر المحيط الأطلنطى ومن أوروبا الغربية».
وأضاف الخبراء أن «الولايات المتحدة تمتلك طائرات نقل بحمولة أكبر من حمولة الطائرات السوفييتية. وكان باستطاعتها حمل معدات أثقل بكثير بما فيها دبابات إم ــ 60 ومدافع 175 مم و155 مم، غير أن فاقد المعدات فى الصراع المحلى (حرب أكتوبر) تجاوز بكثير توقعات الولايات المتحدة.. وأرسلت أيضا 92 طائرة سكاى هوك وفانتوم إلى إسرائيل».
وشملت «قائمة الإمدادات التعويضية الأمريكية» لإسرائيل أيضا «ذخيرة إم 175، صواريخ تاو المضادة للدروع، صواريخ جو/ جو سايد ويندر وطائرات سوبر هوك كاملة التجهيز وأسلحة موجهة تلفزيونيًا «مافريك» ومعدات حرب إلكترونية وقنابل ذكية».
عمليات «غير مسبوقة»
ورغم أن الولايات المتحدة استخدمت البحر لنقل بعض معدات الدعم لإسرائيل، فإن الجغرافيا حالت دون أن يكون لهذا الدعم «تأثير كبير»، وفق وثيقة الناتو.
وقالت دراسة الناتو «على خلاف الروابط عبر البحر بين الاتحاد السوفييتى والعرب، كانت خطوط الإمداد البحرى بين الولايات المتحدة وإسرائيل طويلة. وتستغرق الرحلة البحرية الواحدة 10 أيام. لذا فإن إعادة الدعم البحرى من ساحل الولايات المتحدة الشرقى ومن بريمير هافن الساحلية، فى ألمانيا، لم يكن له تأثير على المعركة قبل وقف إطلاق النار الثانى»، يوم 24 أكتوبر عام 1973م.
كانت هذه الحرب محاولة من العرب للرد على الهزيمة التى ألحقتها بهم إسرائيل عام 1967م حين هُزمت جيوش 3 دول عربية، هى مصر وسوريا والأردن.
وكانت إسرائيل قد احتلت فى حرب 1967م شبه جزيرة سيناء المصرية، وهضبة الجولان السورية، كما استولت على الضفة الغربية من الأردنيين.
«إعادة بناء الجيش المصرى»
يقول عمرو الشوبكى، فى جريدة «المصرى اليوم»: إن «نصر أكتوبر هو نقطة مضيئة ناصعة فى تاريخ الشعب المصرى والعسكرية المصرية بعد هزيمة 67 التى أحدثت شرخًا كبيرًا فى نفوس الكثيرين داخل مصر وخارجها».
ويضيف الشوبكى: «لم ينتصر الجيش المصرى عسكريًا فقط فى حرب أكتوبر 73، ولم يرد فقط الكرامة للشعب المصرى وللشعوب العربية بعبور قناة السويس وتحرير جزء من أرض سيناء، إنما انتصر أيضًا حين استعاد تقاليده كجيش وطنى محترف حارب دفاعًا عن الوطن بشرف ونزاهة، وقدم الشهداء الذين روت دماؤهم الزكية أرض سيناء الطاهرة».
يرى الكاتب أن «الطريق إلى أكتوبر بدأ بإعادة بناء الجيش المصرى على أسس مهنية منضبطة، أو بالأحرى إعادته إلى تقاليده الأولى التى قام عليها منذ تأسس بصورة حديثة فى عهد محمد على».
وتقول لميس عودة، فى جريدة «الثورة أون لاين» السورية»: إن «التضحيات التى قدمها السوريون على مذبح الثبات المقاوم وللخلاص من المعتدين الإرهابيين أثمرت تحريرًا للأرض وحفظًا لوحدة سوريا، والتراب الذى سقاه ويسقيه شهداؤها بطهر دمائهم ليبقى الوطن عزيزًا شامخًا أبيًا وعصيًا على الغزاة لا ينبت إلا عزة وفخارًا ولا يجود إلا ببيادر انتصارات».
«ما تلا» حرب أكتوبر
تحت عنوان «ذكرى حرب أكتوبر وما تلاها»، يقول الكاتب خير الله خير الله، فى صحيفة «العرب» اللندنية، إنه «قبل أقل بقليل من نصف قرن، اتفق أنور السادات وحافظ الأسد على شن حرب على إسرائيل بغية استعادة الأراضى المحتلة. ما نجده الآن أن مصر استعادت كل أراضيها المحتلة، بثرواتها، فى حين تكرّس الاحتلال الإسرائيلى للجولان».
ويتابع الكاتب: «بكل بساطة نستطيع القول إن أنور السادات كان يمتلك عقلًا استراتيجيًا وهو يفكر فى مرحلة ما بعد الحرب. فى المقابل كانت لدى حافظ الأسد رؤية مختلفة تتلخص بحصول النظام الأقوى فى سوريا، عن طريق الحرب، على شرعية عربية وداخلية فى آن تسهل عليه متابعة عملية القمع المبرمجة للشعب السورى وصولًا إلى ما وصل إليه البلد فى السنة 2019م».
إكرام لمعي  أستاذ مقارنة الأديان
التعليقات