دليل اختيارات السياسى (٢ــ٢) - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 11:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دليل اختيارات السياسى (٢ــ٢)

نشر فى : الأربعاء 7 أغسطس 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 7 أغسطس 2013 - 8:00 ص

بالأمس ناقشت اختيارات ثلاثة أساسية تطرح ذاتها على ممارسى السياسة فى المحطات والمراحل الوطنية الفارقة. واليوم، أتابع باختيارين أخيرين. الاختيار الرابع ــ الحدود القصوى: والسياسى هنا يعمد فى المحطات والمراحل الفارقة إلى تبنى مواقف وأفكار وآراء حادة لا تسمح له فى الأغلب الأعم بقبول الآخر أوبالمراجعة الذاتية وإعادة التقييم. قد ترتبط دوافع سياسيى الحدود القصوى باستمالة الرأى العام بتحويل توجهاته وتفضيلاته إلى توجهات وتفضيلات مطلقة ومتطرفة وتزعم موجاتها، قد تتعلق بالتركيبة الشخصية للسياسى وقناعاته وقدراته (خطابية، إقناعية، معرفية، أخرى).

هنا يتحول الدعم إلى تأييد غير مشروط وغير قابل للإنهاء، والرفض إلى إقصاء وكراهية وترويج لمقولات فاشية ومتطرفة، والسياسة إلى صراع أضداد ومعادلات صفرية (إما نحن وإما هم)، والسياسى إلى مكبر أو مصغر للديكتاتور وللمحرض ولممارس العنف اللفظى أوالمادى، والقوى والتيارات السياسية إلى حركات متطرفة. سياسيو الحدود القصوى، ونطالعهم اليوم بكثافة فى المشهد المصرى إما كمحرضين على العنف أوكخبراء فى علم «فض الاعتصامات» أو كأصوات تدعو جهارا نهارا إلى كراهية الآخر السياسى (اليمين الدينى) وإقصائه وإلغائه، هم سياسيو المحطة الواحدة والمرحلة الواحدة يستهلكونها وتستهلكهم ويتوارون بعدها.

الاختيار الخامس ــ بعض المبادئ ينفع وبعض المصالح لا يحتمل التأجيل: والسياسى هنا يحدد بوصلة فعله فى المحطات والمراحل الفارقة استنادا إلى رغبته فى الانتصار لمبادئه ممزوجة بتحقيق مكاسب عامة أو خاصة. يدافع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، ثم يشارك فى إدارة حكومية تبتعد عن هذه المعايير ربما بغية الحد من الضرر أو ترددا أو بحثا عن مكاسب أخرى. يتبنى سيادة القانون ومدنية الدولة، ثم يساوم عليها ويتنصل منها فعليا (وإن احتفظ بـ«لافتاتها» وشعاراتها خالية من المضمون) عند أول محطات الصراع السياسى ويستقوى بمؤسسات عسكرية أوأمنية أو يتجاهل سيادة القانون. يتحدث عن المساواة والمواطنة والعدالة والعيش المشترك، ثم يتورط فى الموافقة (وربما على مضض) على إجراءات تنقلب عليها أو تنتقص منها، وقد يبررها.

بعض سياسيى ثنائية المبادئ ــ المصالح ينجحون فى تجاوز المحطات والمراحل الفارقة دون أضرار شخصية بالغة، وبعضهم يجد منفذا إلى كتب التاريخ كمساوم على المبادئ ومبرر لمصالح من التحق بهم حكما أو معارضة. ومعضلتهم فى الحالتين هى انتفاء قدرتهم على إقناع أصحاب المواقف الأخلاقية القاطعة من جهة وسياسيى الانتظار وغريزة البقاء والحدود القصوى من جهة أخرى بتأييدهم ودعمهم. ليسوا بمبدئيين حقا أوأصحاب أياد مرتعشة ومواقف مهزوزة، هكذا يصنفون ولذلك يتحولون أيضا إلى سياسيى المحطة الواحدة والمرحلة الواحدة.

دليل لاختيارات ممارسى السياسة فى المحطات والمراحل الفارقة، وإسقاطه على مصر اليوم ليس بالعسير!

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات