البرنامج.. باسم يوسف - نبيل عمرو - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 9:03 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

البرنامج.. باسم يوسف

نشر فى : الإثنين 8 أبريل 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 8 أبريل 2013 - 9:11 ص

عرفت «البرنامج».. ورحت أتابعه من خلال واقعة طريفة، فلقد دعوت أحد أصدقائى إلى سهرة وعشاء فى منزلى، هذا الصديق لم يسبق أن اعتذر عن دعوة أو فوّت وليمة، إلا انه وقبل أن يعطى كلمته المألوفة لى سأل: هل ستستمر السهرة حتى منتصف الليل؟ أجبته: نعم كالعادة، فاجئنى بالاعتذار قائلًا فى هذه الفترة عندى «البرنامج».

 

●●●

 

عملت سنوات طويلة فى مجال الإعلام بمختلف تخصصاته، وتابعت أهم البرامج الإذاعية والتليفزيونية، التى تعاطت مع السياسة بأساليب انتقاديه، كانت فى واقع الحال قليلة بحجم مساحة الحرية المتاحة عند النظم، إلا أنها كانت مزدهرة فى معالجة أمر الخصوم السياسيين الذين هم غالبًا من خارج الوطن، سواء كانوا دولًا أو أحزابًا أو أفرادًا.

 

كان المسرح هو الرائد فى صناعة النقد السياسى، خصوصًا بأسلوبه الكوميدى اللاذع والمؤثر، ومن ينسى فايز حلاوة ومسرحياته ومحمد الماغوط وكاسك يا وطن، والمسرحيات الغنائية للرحابنة.... وغيرها.

 

إلا أن المعالجات المسرحية، ومهما بدت شجاعة وعميقة ومؤثرة .. تظل قاصرة عن مواكبة الأحداث والتطورات اليومية، ومهما ادخل على المسرحية من لقطات ونصوص إضافية فان المعالجة تظل فى إطار العموميات ولا يمكن منطقيًا لأى مسرحية أن تتعاطى مع اليومى الذى يشد الناس أكثر، ويلامس همومهم على نحو أعمق وأفضل.

 

الذى سد هذه الثغرة فى المعالجات الانتقادية.. هو «البرنامج» الذى يدخل كل بيت مرة فى الأسبوع.. وكأننا حيال مسرحية مختصرة ومتقنة تعالج اليومى وتتحرك معه دون انفصام عن تفاعلاته وتفاصيله.

 

انه إبداع كان الإعلام العربى بحاجة لمثله، لهذا تلقفه الناس فى كل الوطن العربى وهضموه بسهولة، وتعودوا عليه ، حتى أدمنوه.

 

●●●

 

لست ناقدًا ولا باحثًا فى أمر الإبداع الإعلامى، سواء اتخذ قوالب جادة ومباشرة أو ذهب إلى الأصعب وهو المعالجة الكوميدية، إلا أننى وبحكم متابعتى لمعظم حلقات البرنامج أستطيع الاجتهاد فى تحديد ما أراه بعض عوامل نجاحه وسرعة انتشاره.

 

أولًا: الإعداد.

 

أهم عوامل فشل أى برنامج سياسى ذى طابع كوميدى هو نضوب الأفكار، والارتجال بحكم قلة إمكانيات الإعداد المواظب والذكى والمدروس، وهذا ما تفاداه «البرنامج» من خلال جيش المعدين الذى يرصد كل حركة وسكنه فى سلوك المستهدفين سواء كانوا أفرادًا أم قوى أم مؤسسات. إن الإعداد المدروس والمتمكن .. ابعد الرتابة والتكرار والاجترار عن « البرنامج»

 

ثانيا: المونتاج والإخراج

 

أستطيع وصفه بالذكى والدقيق.. ذكى فى تسليط الكاميرا على الهدف.. ودقيق فى تحديد مساحة اللقطة وضرورة تكراراها أو العبور عنها، والأمر هنا بحاجة إلى موهبة ودراية وهذا ما لا اعرف عنه الكثير.

 

ثالثا: المذيع.. باسم يوسف

 

ما الذى يشدك حين تراه ... لا شىء مما كان يشدنا إلى تقاطيع وجوه وشكل أجسام ممثلى الكوميديا، لا شىء من سمير غانم وفؤاد المهندس وغيرهم.. إلا أن باسم يوسف يتمتع بقدرة استثنائية على توظيف لغة الجسد حين يبدأ المشهد حتى ينهيه .. ولغة الجسد تغنى وتتفوق فى التأثير على لغة اللسان .. فاللسان يعتمد على النص وطريقة النطق .. أما لغة الجسد وتحريك العضلات وفق مقتضيات بلوغ الهدف.. فهذا ما تفوق فيه باسم .. بل انه الخاصية الأهم والأكثر جاذبية فى أدائه.

 

لدى مقياس فى غاية البساطة.. لاعتبار هذا البرنامج ناجحًا بل واختراقًا فى مجال الإعلام السياسى.. انه سرعة الانتشار .. وقدرته على أن يفتح حوارًا حول القضايا اليومية والعامة على أوسع نطاق .. وهذا ما أنجزه البرنامج.

 

●●●

 

بالتوفيق يا باسم ويا أسرة هذا البرنامج المرعب!

 

لماذا استخدمت مفردة المرعب؟

 

لأن أى سياسى لابد وان يخاف من ذكر اسمه فى «البرنامج» والسياسيون يعرفون ممَ يخافون.

 

 

 

مفكر فلسطينى

التعليقات