ماذا فعلت مصر؟ - نبيل عمرو - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 5:46 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ماذا فعلت مصر؟

نشر فى : الأحد 14 يوليه 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 14 يوليه 2013 - 8:00 ص

بعيدا عن الجدل حول وصف ما حدث يوم الثلاثين من يونيو، هل هو ثورة أم حركة أم انقلاب؟

 

وبعيدا عن التذكير، بمصر كظاهرة عبقرية ملهمة للأمة، والتغزل بالأداء الشعبى والعسكرى والسياسى والدينى المتناغم، والذى بدأ كلوحة ساحرة لا يقوى على رسمها سوى مصر، بعيدا عن ذلك كله لنقرأ ما حدث بهدوء وموضوعية.

 

اولا، لقد اعاد الشعب المصرى سلطة المؤسسات التى كادت تقوض بفعل ما سمى بإجراءات التمكين المتسارع الذى قام به الاخوان المسلمون، وكأنهم يؤسسون دولة لهم متجاهلين حقيقة أن الدولة المصرية هى من أعرق وأعمق الدول فى الشرق وبصرف النظر عن الوسيلة التى اعيدت بها سلطة المؤسسات الا أن النتيجة تبلورت بصورة نهائية مفادها.. أن الدولة المصرية استعادت ذاتها وأن الشعب المصرى هو الذى فعل ذلك رغم كل التدخلات المضادة من داخلها وخارجها.

 

●●●

 

ثانيا: إن الدولة المصرية ومن خلال مؤسساتها، اضحت قادرة على استيعاب كافة التيارات السياسية والعقائدية، بما فى ذلك التيار الاسلامى، فلم تعد دولةً متنازعاً عليها ولا كيانا هشا يجرى تفكيكه وتركيبه وفق هوى الاسلام السياسى ولا وفق هوى أى تشكيل آخر، لذا فإن ما حدث يحمل بصورة أو باخرى، بعدا اصلاحيا لحركة الاخوان المسلمين ذاتها ولقد راق لى وصف أحد الأصدقاء المصريين لهذا البعد حين قال: لقد آن الاوان لتمصير الاخوان المسلمين وتوفير كافة الوسائل الصحية لتفاعلهم الايجابى مع القوى السياسية فى مصر والامتثال لضوابط الدولة ومؤسساتها، فلا احتكار للسلطة من جانب اى تشكيل ولا اجتثاث لأى فصيل فتجربة النظم الشمولية ما تزال ماثلة أمام مصر وكوارث الاجتثاث الثأرى لحزب البعث فى العراق مقروءة بدقة لدى النخب الفعالة فى مصر، إذا فإن الدولة المصرية تفسح مجالا للاخوان كشركاء لا كبدلاء.

 

●●●

 

ثالثا: لقد ازاح شعب مصر بلاطة سميكة جثمت على صدره، صنعها الجمود طويل الأمد، وعمقها الفساد المستشرى بفعل هذا الجمود، وساد وهم صار اساسيا فى حسابات القوى الاقليمية والدولية بأن مصر فقدت قوتها وتأثيرها وانشغلت بصورة مطلقة بأزماتها المتوالدة فإذا بكل ذلك يبدو عوارض سطحية مؤقتة ملك شعب مصر وجيشها ومؤسساتها القدرة على اثبات العكس، ولعل الاكثر بلاغة ومصداقية فى التدليل على هذه الحقيقة ما قاله الصحفى الاسرائيلى المهم ناحوم برينياع فى مقال له بعنوان صوت الرعد فى القاهرة، تحدث فيه عن تأثير مصر على اسرائيل فى كل الاوقات والظروف، لقد دحض برينياع قول ايهود باراك الساذج «بأن اسرائيل دارا ومصر غابة، وسنبنى سورا حول البيت ونغلق النوافذ ونشغل مكيف الهواء ونتخيل أننا فى الدول الاسكندافية» انتهى قول باراك ويعلق برينياع قائلا بيقينية هذا خطأ لأن مصيرنا متعلق بمصير مصر شئنا أم ابينا واضاف أن مصر هى عامل الاستقرار والاعتدال فى المنطقة.

 

●●●

 

رابعا: إن ما حدث فى مصر فى الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو، لا يمكن النظر إليه على أنه شأن داخلى، نجح المصريون فى وضع حل استراتيجى لمعضلته الجوهرية، وهى مغامرة «الاخونة والتمكين» بل انه تحول جوهرى مركزه مصر وامتدادته تصل جميع ارجاء العالم العربى وعصفه سيطال افريقيا والمحيط الاسلامى كله.

 

لقد كنا نعرف مكانة مصر إلا أننا تعرفنا بصورة أعمق وأكبر على قدرة هذا البلد على التاثير، لم يكن باستطاعتنا أخذ التحولات التى سميت بالربيع العربى على محمل الجد إلا حين وقعت ثورة الخامس والعشرين من يناير، فمثلما انجحت مصر عمليات التغيير فى معظم الوطن العربى ها هى تنجح ثانية فى اعطاء الربيع المختطف هويته الأصلية كثورة ايجابية نحو الحداثة والتطور ومواكبة العصر.

 

●●●

 

هذا ما حدث فى مصر فإذا كانت ثورة يناير هى المبتدأ فثورة يونيو هى الخبر وإذا كان الأمس البعيد والقريب اعطى دروسا حول ماهية مصر وقدراتها فان الغد الذى يبدأ الآن يملك حين يدار بصورة متقنة ان يؤتى ثمارا طالما حلمنا بها. وهنا ساتحدث عما يجب أن يُعمل لخدمة ما حدث ولجعله الأساس المتين لبناء يتكرس ويعلو فى مصر لنتفيأ جميعا فى ظلاله الوارفة وعلى العرب أولا أن يراجعوا منذ اليوم قراءتهم ليس لاحداث مصر وتطورات الوقائع فيها وإنما لمصر ذاتها وأن يضعوا السياسيات الجريئة والراسخة التى تجسد مكانتها ورسالتها كسند للأمة وذراع قادرة على حماية أمنها القومى.

 

 

 

سفير فلسطين السابق فى مصر وقيادى بحركة فتح

التعليقات