30-ختام اللقاء - جمال قطب - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 11:32 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

30-ختام اللقاء

نشر فى : الخميس 8 أغسطس 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 8 أغسطس 2013 - 8:00 ص

(1)

كنا طوال الشهر الكريم نقلب النظر فيما عرف باسم «علوم القرآن»، وتلك المعلومات هى تراث بشرى رصده وجمعة العلماء، غير أنهم خلطوا بين التعليمات النبوية الصحيحة وواجبة الاتباع وبين ملاحظاتهم هم، وهذا الخلط خطأ علمى وخطأ دينى يجب تلافيه. وأبرز التعليمات النبوية الصحيحة واجبة الاتباع هى الالتزام بقواعد قراءة القرآن وتجويد حروفه والوقوف على رءوس الآيات، فهذه تعليمات توقيفية تستحق الزيوع والانتشار كما يجب الفصل بينها وبين ما جادت به قرائح العلماء.

أما ما سمحت به قرائح وفهوم العلماء مما جاء فى كتب علوم القرآن فقد ذكرنا أغلبها ــ خلال الشهر، كما بينا تنقيحنا لها، وأهم ما فى ذلك: التمييز بين المكى والمدنى، والفقه الجاد فى مسائل النسخ والمحكم والمتشابه، كما أن هناك موضوعات أخرى أكثر شهرة بين الناس مثل أوائل ما نزل من القرآن وأواخر ما نزل، كذلك افتتاحيات سور القرآن بمختلف أشكالها، وقد أضفت إلى ذلك ــ مما من الله به ــ رؤيتى لـ«أسماء السور» ومدى أداء هذه الأسماء دورها كإعلان واضح مختصر عن عناصر الرسالة تطبيقا لما تعارف عليه الناس من مقولة «الجواب يظهر من عنوانه».

(2)

وقد استخرج علماؤنا أسماء القرآن وصفاته التى صرح بها القرآن، وغير ذلك من المعلومات إذا شئت الإطلاع عليها فخير ما يغنيك عن كتب القدماء كتاب «مناهل العرفان» للشيخ الزرقانى، فهو يمثل حلقة وصل بين القديم والحديث. أما الدراسات المعاصرة منذ نهاية القرن الرابع عشر وإلى الآن فأبرزها كتاب «النبأ العظيم» للشيخ محمد عبدالله دراز، وأيضا «مع القرآن فى آدابه ومعاملاته» للشيخ عبدالحسيب طه حميدة، ومن خير ما جاء بعدهما ما كتبه الشيخان العظيمان الغزالى والقرضاوى تحت عنوان «كيف نتعامل مع القرآن الكريم»، كذلك ما كتبه د.عبدالصبور شاهين فى «تاريخ القرآن»، كذلك هذه الدراسات المتعددة والمتجددة فى علوم القرآن التى أصدرها د.طه جابر العلوانى.

(3)

وخير ما يأخذ يدك فى دراسة علوم القرآن تلك العبارة المهمة التى كتبها الشيخ الزرقانى فى كتابه السابق الإشارة إليه، حيث قال: «قبل أن ننتهى من هذا البحث،نلفت نظرك إلى أن هذا العلم يسير على سنة غيره من العلوم بين جزر ومد، وزيادة ونقص، على مقدار ما يستهدف له من مؤثرات خاصة. فلا بدعة أن تجد فى منهج دراستك اليوم مباحث جديدة ومواضيع مبتكرة لم تنتظم قبل اليوم فى سمط «علوم القران»، ذلك لأن الأفكار متحركة ومتجددة ولأن الشبهات التى تحوم فى رءوس البعض فى هذا العصر والمطاعن التى يوجهها أعداء الإسلام هى أيضا جديدة ومبتكرة، ومن الحكمة أن نقاتل الناس بمثل سلاحهم، وأن ندرس فى علوم القرآن ما يحمى حمى القرآن الشريف من هذا العدوان الخبيث. أضف إلى ذلك أن العلوم تخبو بالإهمال والترك، وتزكو بالدرس والبحث، سنة الله فى خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا».

(4)

غير أنى ما زالت أرى أن علوم القرآن ما زالت بحاجة إلى جهود أكثر، بل إلى جهود مؤسسية أممية، نظرا لتسارع الزمان، وتقارب الحدود، واختصار المسافات حتى أصبح العالم النسانى كله قرية واحدة لها آفاق جديدة يلزمها لغة أخرى وآليات وأدوات أكثر تأثيرا، ولا يتم ذلك دون نظرات عميقة ووقفات خبيرة وقراءات متدبرة تنتج فقها وتصنع تدبيرا. وقد حاولت بعض ذلك معك طوال الشهر ــ وهو جهد المقل ــ وبعد ذلك فحتى لا نكون ممن يكثرون الندب والعويل دون البحث عن مخرج فنستخير الله فى توفيقنا لسرعة إصدار كتابنا عن علوم القرآن فى جزئيه إن شاء الله. وكل عام وأنتم بخير.

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات