مجموعة البريكس - إكرام لمعي - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 5:39 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مجموعة البريكس

نشر فى : الجمعة 8 سبتمبر 2023 - 7:40 م | آخر تحديث : الجمعة 8 سبتمبر 2023 - 7:40 م
فى 30 مارس 2023م، صدق الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى على اتفاقية تأسيس بنك التنمية الجديد التابع لتجمع البريكس ووثيقة انضمام مصر إلى البنك.

لكن ــ عزيزى القارئ ــ هل تعرف ما هو تجمع البريكس أو ما يسمى مجموعة بريكس كما يقولون؟.

إن بريكس أو مجموعة البريكس هو مصطلح يشير إلى تجمع دول ذات اقتصادات ضخمة وواعدة وأسواق واسعة ذات نفاذ ونفوذ وظل هذا التجمع الوليد يتلمس خطواته برؤية وهدوء منذ اجتماع القمة الأول فى روسيا عام 2008م، وحتى إنشاء بنك التنمية الجديد عام 2015م ثم بدأ يستفيد من هذه المؤسسة بجذب المزيد من الدول كأعضاء مقرضين ومقترضين، وقوة هذه المجموعة أنها تُعتبر واحدة من أهم التجمعات الاقتصادية فى العالم، ولا شك أن انضمام مصر لهذه المجموعة يتيح لها فرصة لزيادة معدلات التبادل التجارى والاستثمارات المشتركة.

وقد كشف السفير الروسى «جيورجى بوريسينكو»، عن تقدم مصر بطلب الانضمام إلى المجموعة مصرحًا لوسائل إعلام روسية قائلًا: «لقد تقدمت مصر بطلب الانضمام إلى مجموعة البريكس، لأن إحدى المبادرات التى تشارك فيها بريكس حاليًا هى تحويل التجارة إلى عملات بديلة قدر الإمكان سواء كانت وطنية أو إنشاء عملة جديدة مشتركة ستظهر خلال خمس سنوات ومن الواضح أن مصر مهتمة جدًا بهذا الأمر».

فى مطلع يونيو الماضى فى مدينة كيب تاون بجنوب أفريقيا عقد وزراء خارجية الدول الأعضاء اجتماعًا لمجموعة بريكس وكان معهم 12 دبلوماسيًا من 12 دولة ترغب فى الانضمام إلى المجموعة من بينها الأرجنتين ومصر والجابون وإندونيسيا وإيران.

بريكس أو بالإنجليزية Brics ــ عزيزى القارئ ــ هو مختصر الأحرف الأولى باللغة الإنجليزية لأسماء الدول المشاركة فى المجموعة:
(B) Brazil – (R) Russia – (I) India (C) China – (S) South Africa أى البرازيل وروسيا والهند والصين و جنوب أفريقيا وكان هذا التجمع يدعى «بريك» أو «BRIC» قبل انضمام جنوب أفريقيا إلى المجموعة عام 2010م ليضاف حرف (S) الخاص باسمها ليصبح اسم المجموعة بريكس ومن المقترح تعديل الاسم ليكون «بريكس بلس» أو بالإنجليزية BRICS PLUS، وذلك بعد إعلان الرئيس الجنوب الأفريقى فى خلال قمة البريكس المنعقدة فى بلده عن قبول انضمام ست دول جديدة للمجموعة وهى السعودية والإمارات ومصر والأرجنتين وإثيوبيا وإيران وذلك اعتبارًا من 1 يناير 2024م لتصبح المجموعة 11 دولة.

• • •

بينما كانت الدول الأربع تدرس تأسيس تجمعها منذ عام 2006م كانت الأزمة المالية العالمية آخذة فى التصاعد، ومع انطلاق أولى قمم «بريك» عام 2009م بلغت الأزمة العالمية ذروتها، وفرضت تداعياتها على الجميع، لكن الدول الأربع رأت فى الأزمة دافعًا إضافيًا للتعاون.

فقد عقدت أول قمة بين رؤساء الدول الأربع المؤسسة (البرازيل وروسيا والهند والصين) فى يكاترينبورج بروسيا فى يونيو 2009م، حيث تضمنت الإعلان عن تأسيس نظام عالمى ثنائى القطبية وعقد أول لقاء على المستوى الأعلى لزعماء دول «بريك» فى يوليو 2008م، وذلك فى جزيرة هوكايدو اليابانية حيث اجتمعت آنذاك قمة «الثمانى الكبرى» وشارك فى القمة كل من رئيس روسيا فلاديمير بوتين، ورئيس الصين هو جين تاو، ورئيس وزراء الهند مانموهان سينج، ورئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، واتفق رؤساء هذه الدول على مواصلة التنسيق فى القضايا الاقتصادية العالمية، بما فيها التعاون فى النظام العالمى المالى وحل قضايا إمدادات الغذاء.

تشكل مساحة هذه الدول ربع مساحة اليابسة وعدد سكانها يقارب 40% من سكان الأرض ويدار ما يقرب من 60% من تبادلاته التجارية بالعملات الوطنية وليس بالدولار، وقدم «بنك التنمية الجديد» التابع له قروضًا تنموية للدول التابعة له ولدول أخرى فى الجنوب العالمى لم تقل عن 30 مليار دولار.

وهكذا اعتبارًا من 2024م ترتفع جميع هذه الأرقام فى سياق انضمام الأعضاء الجدد بالانفتاح على منطقة الشرق الأوسط والقرن الأفريقى وجنوب أمريكا اللاتينية، بل إن تجمع «بريكس بلس» سيصير مع عضوية روسيا والسعودية وإيران والإمارات المورد الأكبر للطاقة فى العالم اليوم وذلك لأن انضمام السعودية للمجموعة سيزيد حجم اقتصاد المجموعة أكثر من تريليون دولار كما أنها والإمارات من أكثر 10 دول إنتاجا للنفط مما يؤدى إلى تحكم المجموعة فى سوق النفط العالمى.

ومن المتوقع بحلول عام 2050م أن تنافس اقتصادات هذه الدول، اقتصاد أغنى الدول فى العالم حاليًا.

• • •

ربما نتساءل ــ عزيزى القارئ ــ ماذا تستفيد مصر من الانضمام للبريكس؟
صرح الخبير الاقتصادى المصرى على الإدريسى لموقع «اقتصاد سكاى نيوز عربية» قائلًا: إن مصر تتطلع منذ سنوات للانضمام إلى مجموعة بريكس، حيث سبق وأن تقدمت بطلب غير رسمى، قبل أن تطلب ذلك بشكل رسمى مؤخرًا، محددًا أهمية المجموعة فى عدد من النقاط، تشمل التعامل مع تكتل يضم ما يزيد عن 40% من سكان العالم، سواء من دول المجموعة أو دول تتعامل معها كما ينتج أكثر من 30% من السلع والخدمات على مستوى العالم، ويساهم بأكثر من 31.5% من معدلات النمو الاقتصادى كما أن الانضمام للبريكس يحمل ــ كما قلنا قبلًا ــ فرصة كبيرة لزيادة معدلات التبادل التجارى والاستثمارات المشتركة بين مصر والدول الأعضاء، فضلًا عن أهمية الوجود وسط تكتل يحمى المصالح السياسية والاقتصادية للدولة المصرية ويضيف مزيدًا من التعاون وتبادل الخبرات والاستفادة من اتجاه البريكس بالعملات المحلية أو بعملات غير الدولار الأمريكى وهذا جزء تحتاج إليه القاهرة نظرًا لمشكلة النقد الأجنبى، وبالتالى تنويع سلة العملات الأجنبية.

يقول الخبراء إن التخلص من الدولار أو حتى تعطيل هيمنته يحتاج وقتًا طويلًا لأسباب متعددة بل إن مجموعة البريكس نفسها تحتاج إلى الدولار، وهكذا يجب النهوض أكثر باقتصادات دول المجموعة وذلك لسهولة التبادل التجارى معًا والتخلى نسبيًا عن الدولار حتى إن لم تحتج المجموعة إلى الدولار فإن اقتصاد أمريكا هو أعظم اقتصاد فى العالم، وهذا ما جعل مونيكا كرولى مساعد وزير الخزانة الأمريكية سابقًا تصرح بأن «ما يفعله البريكس كابوس مرعب خاصة أن عملتهم ستكون مدعومة بالذهب» وهذا معناه هدم النظام المالى العالمى وذلك لأن الدولار انتهى دعمه بالذهب عام 1971م وقت صدمة نيكسون المعروفة.

إن انضمام مصر لمجموعة البريكس سيجعلها دولة عظمى فيما بعد لأنه سيساعدها فى زيادة إنتاجها وحجم صادراتها الذى يساعدها فى التبادل التجارى سواء بعملتها الوطنية أو بالعملة الجديدة.

إن البريكس يستفيد أيضًا من وجود مصر فى عضويته، فهى بوابة لأفريقيا من حيث نفاد وتوجيه السلع والخدمات الخاصة بهم عن طريق قناة السويس التى تربط شرق العالم بغربه، وتصدير لباقى دول القارة للاستفادة من السوق الأفريقية، استغلالا لموقع مصر الجغرافى والمقومات التى تمتلكها.

أما رئيس منتدى الدراسات الاستراتيجية والاقتصادية فى القاهرة، رشاد عبده، فقد صرح بأن دول البريكس تمتلك قدرات اقتصادية كبيرة، بما يعود على مصر بالعديد من المزايا الاقتصادية.

كما عدد أيضًا تلك المزايا فى خلق فرصة لتنشيط الصادرات المصرية، بما يخفف الضغط على النقد الأجنبى بالبلاد، وتعزيز حركة التبادل التجارى مع دول المجموعة، والانفتاح على الاستثمارات المشتركة الذى يحقق رواجًا استثماريا فى مصر، فضلًا عن الحصول على منتجات ومواد خام بأسعار منخفضة.

وفى تصريح لغادة شلبى نائبة وزير السياحة والآثار، قالت «إن قرار انضمام مصر للمجموعة كله فوائد اقتصادية عامة وسياحية خاصة فانضمام مصر لتجمع يأتى منه ملايين السائحين آثاره إيجابية على حركة السياحة الوافدة كما أن التعامل بالعملات المحلية بين دول المجموعة يساهم بشدة فى زيادة حركة السفر والطيران بين دول المجموعة وهو ما تستهدفه وزارة السياحة والآثار خلال الفترة المقبلة».

هنالك معادلة اقتصادية يتفق عليها أغلب الباحثين والمتخصصين والتى تقول (إنه كلما زادت مساحة الدول الجغرافية زادت حظوظها فى الحصول على الموارد الطبيعية المتنوعة والثروات الباطنية التى تحتاجها فى التنمية الاقتصادية، ولو أخذنا هذه الفكرة وطبقناها على البريكس لوجدنا أن روسيا الاتحادية هى أكبر دولة من حيث المساحة فى العالم وفى البريكس والمجموعة التى تشكلها دول فى أربع قارات البرازيل فى الأمريكتين، روسيا فى أوروبا، الهند والصين فى آسيا، وجنوب أفريقيا فى أفريقيا.
إكرام لمعي  أستاذ مقارنة الأديان
التعليقات