حبك الأول.. هو جرحك العميق! - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
السبت 4 مايو 2024 1:58 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حبك الأول.. هو جرحك العميق!

نشر فى : الأحد 8 نوفمبر 2015 - 10:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 9 نوفمبر 2015 - 9:56 ص

حبك الأول.. ليس هو ذلك «الحب الطفولى» الذى يداعبك لأول مرة.. يدغدغك لأول وهلة.. لكنه ذلك الذى يجتاحك وقد أوشكت قواك على الاكتمال.. ومداركك على التمام.. وعقلك على الرجاحة.. وفكرك على النضج.. وقد اقتربت مشاعرك من التشكل على نار هادئة؛ فيحيل القوة إلى وداعة.. والإدراك إلى تيه.. والنضج إلى جنون.. والنار الهادئة إلى بركان. تسكر.. لكن بلا خمر.. يقتلك الظمأ والماء بين يديك.. فلا يرويك إلا القرب (فى بعادكم موت وفى قربكم حياة).

(1)

يسيطر الحب على قلبك بدون معركة.. تسلم مفاتيحه من دون مقاومة.. ترتمى فى الأسر وأنت مرتاح الضمير.. عندما تظهر الحبيبة أمامك يصبح لكل شىء فى هذه الحياة معنى.. ولكل تفصيلة من تفاصيلها لونا (الحياة بقى لونها بمبي).. حتى اسمك يحال إلى مقطوعة موسيقية جميلة وهو يخرج من بين شفتيها.. تعرف معنى حياة الدراويش من سحر ابتسامة.. أو على وقع تنهيدة.. أو «من قولة آه» (مَوْلايَ ورُوحِى فى يَدِه قد ضَيَعها سَلِمتْ يَدُه).

تصبح هى القارئ الوحيد الذى تكتب له.. المشاهد الوحيد الذى تتحدث إليه.. عينك التى تبصر بها.. لسانك الذى تنطق به.. وفؤادك الذى يرف لروعتها. أما قوامها فيصبح وحدة القياس التى لابد وأن تعبر عليها كل ملكات جمال الكون والأكوان الأخرى (جل من سواك يا قمري).

(2)

تمضى العلاقة.. وتتلاشى المسافات.. وبينما أنت فى القمة من هذه النشوة.. وتهم لجمع الشمل تأتى اللحظة الحاسمة.. التى لم تخطر لك على بال.. فبدون مقدمات – أو بمقدمات ــ تتحول كل هذه المعانى الحلوة إلى سراب.. إلى جحيم (قالى قلبى بيتحرق.. بس لازم نفترق).

تعرف بعضا من طعم انسحاب الروح من الجسد قبل أن يحين موعد الاحتضار.. تشعر بتلك الخناجر التى ترشق فى ظهرك وكل بقعة من جسدك المثخن بالجراح.. ينسحب قلبك الموجوع من بين الضلوع.. يكاد يصرخ بكل ما تبقى له من قوة «بلاش تفارق».. لكنه يعتصم بكبريائه الذى لا يقو على التفريط فيه؛ فيكتم الصرخة إلى الداخل.

بعد طول مقاومة تعرف لأول مرة معنى البكاء.. تبكى ذاتك.. أحلامك.. حبك.. مستقبلك الذى كنت تراه معها.. تبكيها.. وتعرف معنى أن تستيقظ من نومك على وقع قطع من نار جهنم قد اشتعلت فى جنبات صدرك فى نفس الموعد من كل ليلة.. لا تجد إلا أن ترفع أياديك إلى الواحد الأحد.. «أدعوك اللهم بكل دعاءات الخلصاء الخلص.. يا ممتحن الممتحنين.. لو كنت كتبت على عذابا خفف».

(3)

تمر الأيام.. تسترد مع الوقت عافيتك.. تنجح.. تتفوق.. تتقدم.. وفى الوقت الذى تتصور فيه أنك منها برأت تعاود النزيف.. يحدث ذلك عشرات المرات على وقع لقاء مع صديق مشترك.. مكان التقيتها فيه.. رسالة قد يتراءى لك أنها أرسلتها إليك.. وتمضى فيما أنت عليه مصر.. تمر السنين تلو السنين.. بأسرع مما تتصور.. وتتفاجأ بعدها أن حياتك الحلوة «واقفة على المفارق».

kaboubakr@shorouknews.com

 

 

التعليقات