مصر من الثورة إلى الكوميديا - وائل قنديل - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 7:17 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر من الثورة إلى الكوميديا

نشر فى : الجمعة 10 فبراير 2012 - 9:15 ص | آخر تحديث : الجمعة 10 فبراير 2012 - 9:15 ص

كمال الجنزورى يرتدى جلباب جمال عبدالناصر هذه الأيام مقدما نفسه فى طبعة جديدة ومنقحة باعتباره البطل القومى المقاوم للغرب ولصندوق النقد الدولى، متحدثا عن المؤامرة على السيادة الوطنية مطلقا صيحة كاذبة «مصر لن تركع».

 

والجنزورى تحديدا هو آخر من يتحدث فى موضوع الصمود والتحدى أمام الأمريكان والبنك الدولى، فهو المسئول الأول عن إدخال مصر فى بيت الطاعة الأمريكى من بوابة أكذوبة الإصلاح الاقتصادى والتكيف الهيكلى، ففى كتابه الوثيقة «النهب الثالث لمصر» للراحل سعد الدين وهبة يكشف أن الجنزورى ظل لمدة تسع سنوات نائبا أول لرئيس الوزراء عاطف صدقى ومسئولا بشكل كامل عن العلاقة مع الصندوق والبنك الدوليين، يقول وهبة فى كتابه «إذا كان أقوى ما يوجه للدكتور الجنزورى هو: ماذا يمكن أن يفعل وهو رئيس للوزراء مما كان عاجزا عن فعله وهو النائب الأول لرئيس الوزراء لسنين طويلة وهو مسئول التخطيط وهو رئيس مجموعة التفاهم مع صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، ماذا يمكن أن يضيف الجنزورى إلى العمل الوطنى ولم يكن قادرا على إضافته خلال توليه مسئولياته القديمة؟ هل لابد أن يكون رئيسا للوزراء حتى يعمل بجد أكبر وبحرص أكثر وبمسئولية أكبر؟ هل كان وجود عاطف صدقى حائلا دون قيامه هو بتحقيق إنجازات أكثر فى الميادين التى كان مسئولا عنها مسئولية مباشرة؟ وإذا كان عاطف صدقى معوقا له بحكم رئاسته لمجلس الوزراء ألم يكن ذلك يدفعه لأن يكافح ويناضل من أجل تنفيذ ما يراه صالحا للوطن حتى لو دفعته الظروف إلى ترك منصبه بإرادته؟

 

رحم الله سعد الدين وهبة وأطال فى عمر الجنزورى ومنحنا الصبر على تحمل هذه الموجة العنيفة من التردى والهزال فى مستوى الأداء السياسى الرسمى هذه الأيام.

 

والحاصل أننا نعيش حاليا كوميديا سياسية بلهاء تقوم على محاولة اختراع بطل يبدو فى هيئة المقاوم لأمريكا والغرب والعالم كله، بتصدير أوهام لشعبه مفادها أن العالم كله بغربه وشرقه وبعربه وعجمه ضالع فى مؤامرة كونية كبرى على مصر، وهذا كلام مضحك أقرب إلى الهلوسة السياسية، ذلك أنه فى الوقت الذى تتحدث فيه الحكومة عن السيادة والعزة وتخوض حربا ضد تمويل مؤسسات المجتمع المدنى، فإنها تمد يدها طالبة اقتراض خمسة مليارات دولار من البنك الدولى المعبر عن أطماع الغرب الوغد الشرير المتآمر على مصر.

 

ومن نكد الدنيا علينا أن الذين تقلبوا على موائد القبض من أقصى اليسار القذافى إلى أقصى اليمين الخليجى، والذين استثمروا حنجرتهم بعوائد هائلة فى بورصة القومية المزيفة، هم الأكثر حديثا عن العمالة.

 

والسؤال هنا: من يريد أن يعادى مصر؟ من يخشى دولة تمارس السياسة بمنطق الكوميديا، دولة برلمانها إلى شىء أقرب إلى عشة فراخ، يتحول فيه النائب الى ديك فصيح يؤذن فى غير وقت الصلاة؟

وائل قنديل كاتب صحفي