بهدوء رحل حمادة إمام - نادر بكار - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 4:44 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بهدوء رحل حمادة إمام

نشر فى : الإثنين 11 يناير 2016 - 11:15 م | آخر تحديث : الإثنين 11 يناير 2016 - 11:15 م
أصبح من النادر فى زماننا هذا أن يُجمع الناس على اختلاف مشاربهم على حب رجل بعينه والوفاء له يوم مغادرته الدنيا على النحو الذى شاهدنا مع الكابتن حمادة إمام رحمه الله.. الأمر لا يتعلق بمن حضر جنازته أو ذهب لمواساة أهله من رموز المنافس التقليدى (الأهلى) مثلا قدر ما هو متعلق باتفاق كل من حضر على نفس المعانى فى رثاء حمادة إمام... أخلاقه فى الملعب وخارجه، تواضعه، اتقانه لعمله، روحه الطيبة، بعده عن إثارة المشكلات وغيرها.

هذه التركيبة من الفضائل صارت فريدة، غريبة تستشعر اختفاءها تحت أطلال هائلة مخيفة المنظر قابضة للنفس من معانى سوء الأدب وفساد الذوق والفهلوة والاستهتار والولع بإثارة الحرائق والأنانية والانحلال الأخلاقى.. وأكمل القائمة بما شئت من كل شاذ ومنفر صار هو الأصل فى واقعنا اليومى.
ظل الكابتن حمادة ــ رحمه الله ــ على مدى عقود يحتفظ لنفسه بذات السمعة؛ فما يحتاج شاب ٌثلاثينى مثلى أن يسمع من جيل سبقه عن أخلاق الرجل وحسن سمته بعد أن لمستها بنفسى كغيرى من أبناء جيلى مع كل مرة كان يطل فيها علينا صوتا أو صورة، تعليقا أو تحليلا، توجيها أو تصحيحا.
العجيب أنه مع ضياع كثير من تلك المعانى التى تحلى بها الكابتن رحمه الله، مازال الناس يقدرون من استمسك بها وعض عليها بالنواجذ، ومازال الناس يأسرهم الإحسان وتؤثر فيهم الأصالة والنبل، ومازال الناس يفتشون عن أمثال حمادة إمام أيا كان الانتماء ومهما كان التوجه، رغم أن دُعاة القُبح ورواد الرذيلة ومتعهدى الفساد يبذلون جهدهم لتشويه أى مثال ٍيحتذى أو معنى يؤثر فى القلوب.
وكان من تصاريف القدر أن يتزامن انعقاد أولى جلسات البرلمان مع جنازة الكابتن حمادة إمام، لتنعقد مقارنة بل مقارنات فى أذهان الكثيرين بعفوية ودون تكلف... وكنت من جملة هؤلاء رغما عنى.
صاحب السمت الحسن سيؤثر فى دوائر متابعيه وأهله ومحبيه بأبلغ مما تفعل ألف خطبة وألف موعظة ليس تقليلا من شأن هذه أو تلك، بل لأن صاحب السمت الحسن يضرب للناس مثالا عمليا ناجحا لمن أراد أن يحتذى... أو على الأقل لمن أراد أن يفرق بين الغث والسمين!