من أدخل الحكومة نفق دار الحكمة؟! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 11:05 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من أدخل الحكومة نفق دار الحكمة؟!

نشر فى : السبت 13 فبراير 2016 - 10:50 م | آخر تحديث : السبت 13 فبراير 2016 - 10:50 م

فى يوم الأحد 7 يونية من العام الماضى كان الرئيس عبدالفتاح السيسى يتحدث فى أثناء افتتاح مجموعة من المشروعات التنموية.


كنت أحد حضور هذا الاحتفال، وفى تلك الأيام كان هناك توتر كبير بين المحامين والشرطة بسبب اعتداء ضابط بقسم شرطة فارسكور بدمياط على أحد المحامين الذين هددوا بالتصعيد إلى أقصى الحدود.


خلال كلمته فاجأ السيسى الجميع، واعتذر لجموع المحامين عن التصرف الذى صدر من الضابط، وقال يومها بالنص:


«أنا بقول للمحامين كلهم حقكم عليا، وأنا بعتذر لكم يافندم، وبقول لكل أجهزة الدولة من فضلكم، لازم نخلى بالنا من كل حاجة، رغم الظروف اللى إحنا فيها»، موجها كلامه للواء مجدى عبدالغفار وزير الداخلية الذى كان يحضر الاحتفال.


ثم أضاف: «أنا بعتذر لكل مواطن مصرى تعرض لأى إساءة، باعتبارى مسئولا مسئولية مباشرة عن أى شىء يحصل للمواطن المصرى، وبقول لأولادنا فى الشرطة أو فى أى مصلحة حكومية، لازم ينتبهوا أنهم بيتعاملوا مع بشر، والوظيفة تفرض عليهم التحمل، لأن المصريين أهلنا وناسنا، ومافيش حد ينفع يقسو على أهله».


بعد هذا الاعتذار تبخرت المشكلة وتلاشت وانتهت وكأن شيئا لم يكن، ولو كان السيسى طلب من المحامين عيونهم بعد هذا الاعتذار لحصل عليها وأكثر.


هذا ما حدث قبل نحو ثمانية شهور، فما الذى تغير وأوصل مصر إلى المشهد المفاجئ الذى رأيناه فى شارع قصر العينى بعد ظهر يوم الجمعة الماضى؟!.


قطاع كبير من الشرطة ظل يعمل بالطريقة القديمة، ينتهك كرامات الناس ويهينهم، ولا يتعامل معهم باعتبارهم بشرا.


وفى المشكلة الحالية بين الشرطة والأطباء بعد الاعتداء الذى وقع من بعض أمناء الشرطة على أطباء مستشفى المطرية التعليمى قبل أسبوعين، كان يكفى تحويل امناء الشرطة إلى النيابة فورا بعد الحادث وتنتهى المشكلة.


الذى حدث أن وزارة الداخلية تلكأت، ومجلس النواب حاول أن يقنع الأطباء المعتدى عليهم بالتنازل، والنائب العام أجبرهم على فتح المستشفى.


بعد هذا الأداء الكارثى كان طبيعيا أن تصل رسالة إلى الأطباء أن التصعيد هو السبيل الوحيد للحفاظ على كرامتهم. وبالتالى كان انعقاد جمعية عمومية طارئة للأطباء هو الملاذ الأخير من وجهة نظرهم.


يوم الأربعاء تم استدعاء الأمناء إلى النيابة وحجزهم على ذمة القضية، تفاءل كثيرون بأن المشكلة فى سبيلها إلى الحل، بل إن نقابة الأطباء اعتبرت الأمر رسالة إيجابية، وكان متوقعا أن تنعقد الجمعية على أرضية مختلفة شعارها أن جزءا من كرامة الأطباء قد عادت إليهم. لكن فجأة وقبل 24 ساعة من انعقاد الجمعية الطارئة جرى إطلاق سراح الأمناء، والرسالة التى وصلت إلى الأطباء هى: «اضربوا رءوسكم فى الحائط».


انعقدت الجمعية بحضور أكثر من عشرة آلاف عضو نقابى وخمسة آلاف متعاطف، وبدلا من الحديث فقط عن المشكلة كبرت كرة الثلج، ورأينا مطالب متنوعة شملت مراجعة سياسة الدولة فى الصحة.


هل نلوم الأطباء على مطالبهم حتى لو كان بعضها مبالغا فيه، أم نلوم الشرطة والحكومة وسائر أجهزة الدولة التى تركت الأمورز تتفاقم لتصل إلى هذا الحد؟!.


هل نطالب رئيس الجمهورية بالاعتذار لكل طرف أو نقابة أو هيئة أو طائفة تعرضت لظلم، أم نلوم الأجهزة والوزارات التى تشرنقت وتعاملت بروح القبيلة، ولم تؤد دورها؟.


هل نلوم الأطباء الذين قيل إنهم سمحوا لبعض المعارضين بحضور الجمعية العمومية الطارئة، أم نلوم من سمح للأمور بأن تتطور إلى هذه الدرجة؟!


هل نستمر فى ترديد أسطوانة اتهام الإخوان، ونردد أنهم الذين يهيجون الأطباء، أم نحاسب من تسبب أصلا فى الكارثة، وكذلك الذين لا يفهمون شيئا فى السياسة، وجعلوا شارع قصر العينى يتحول إلى مهرجان قد يغرى آخرين بتكراره فى مناسبات أخرى؟!.


تقديرى الشخصى المتواضع أن ما حدث أمام دار الحكمة يوم الجمعة الماضى من أخطر الضربات التى تلقتها الحكومة منذ 30 يونية 2013.. فهل من متعظ؟!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي