جديرة بالإعجاب - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 5:00 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جديرة بالإعجاب

نشر فى : السبت 13 يوليه 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : السبت 13 يوليه 2013 - 12:49 م

أقصد بها المرأة المصرية. ليست ذات القامة العالية، مثل تهانى الجبالى، ولا صاحبة المواقف النزيهة، مثل سكينة فؤاد، ولا مئات الناشطات، الثائرات، ضد كل ألوان القمع والاستبداد، ولكن أقصد تلك المرأة المجهولة الاسم، التى وإن كانت فى الموقع المناقض تماما لما أظنه صحيحا، إلا أن انفعالاتها الصادقة، وشجاعة سلوكها، يدفع المرء لاحترامها، أو على الأقل تفهم دوافعها.

 

فبعيدا عن موجة الفرح التى عمت جحافل الجماهير، ليلة الإعلان عن عزل مرسى، جاءت صورة الخاسرين، أمام المنصة المقامة عند رابعة العدوية، شديدة الاختلاف.. بعد لحظات من صمت الذهول الممتزج بالإحباط، تباينت المشاعر والتصرفات. البعض بدا وكأن ضربة غادرة جارحة، قوية، أصابت رأسه، وبالتالى وضع كفيه على جبينه لإيقاف تدفق الدم الوهمى.. قطاع آخر تقلصت ملامحه بالألم، وسالت الدموع على وجهه وهو يجهش ببكاء مر.

 

ثمة مجموعة من النساء، محجبات ومنتقبات وسافرات، كن أكثر تماسكا، عيونهن تنطق بالغضب، والتحدى. ربما هن اللاتى أوحين لماسك الميكروفون بأن يردد هتافا غير مسبوق، يقول «ورينى كل الوشوش.. بس ما تعيطوش».. عدوى رباطة الجأس انتقلت من النساء إلى الهتيف ثم إلى المتظاهرين الذين تحركت أيديهم، يمينا ويسارا، علامة على الرفض، وهم يرددون «باطل.. باطل» و«مش هايحصل».

 

بعد ساعات من الانهاك، بدأت مجاميع فى المغادرة، ساروا فى الشارع الممتد من ظهر رابعة إلى شارع عباس العقاد، فرادى وثنائيات وثلاثيات. اكتست وجوههم جميعا بالكدر.. ومن داخل شقق العمارات العالية، انطلقت زغاريد نساء، بعضهن يقفن فى الشرفات. زغاريد لا تخرج من الأفواه بقدر ما تأتى من أعماق تتخلص من قبضة هم وغم كانت تهصر القلوب. زغاريد متعددة الأطوال والأنواع، ولكنها فى النهاية أحد اختراعات وإبداعات المرأة المصرية، الموروثة من أزمان موغلة فى القدم.

 

فى الشارع، يمكنك أن ترى شابا وحيدا، صامتا، يمشى بعيون زائغة، وفجأة، يجأر بصياح «يسقط يسقط حكم العسكر»، طبعا لا أحد يرد عليه، وهو نفسه، لا ينتظر تجاوبا.. إنها شحنات انفعال مكبوت لابد أن يتفجر.. كل سيدة أو فتاة، تمشى بجوار زوجها أو شقيقها، تحس أن الهزمية وحدت بينهما على نحو أعمق.

 

وها هو رجل منهك، أسند رأسه فوق ذراعه المستندة على عمود نور. السيدة بجواره، تخرج زجاجة مياه من كيس كبير. تفتحها، تسكب منها على كفه كى يغسل وجهه. تعطيه الزجاجة ليتجرع منها ما يبل ريقه. اللافت للنظر أن المتجهين للخروج إلى شارع عباس العقاد، يعودون مرة أخرى نحو المنصة.

 

فى هذه الأجواء تأتى الزغاريد كسياط لاسعة على آذان الهائمين.. أكثر من واحدة نظرت إلى الشرفات لتشتم النساء السعيدات، وفورا، يتدافع الرد عليها بوابل من الزغاريد، مما يضاعف من غضب السائرات فى الشارع، ويتوالى التراشق، بالشتائم من جبهة، والزغاريد من الجبهة الأخرى.. هنا، يتجلى دور المرأة الجدير بالإعجاب، وهى تحنو على رفيقها المنهك، وفى ذات الوقت.. تخوض معركة، للأسف، فى الاتجاه الخطأ.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات