تتح - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأربعاء 1 مايو 2024 9:49 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تتح

نشر فى : الثلاثاء 14 مايو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 14 مايو 2013 - 8:00 ص

منذ اللمبى، عثر محمد سعد على شخصية ذات أبعاد تتوافق مع قطاعات واسعة من شبابنا: المواطن العشوائى، بلا حضور اجتماعى محترم، ولا مستوى اقتصادى مستور، ولا عمل منتظم، ولا مستقبل مأمول.. ومع هذا، يعيش الحياة، يواجهها من دون احتجاج أو تزمر، وربما، بدرجة ما من السخرية والتهريج.. ومن الناحية الشكلية، تعمد العشوائى الابتعاد عن التأنق، فهو يرتدى الملابس القديمة، المهترئة، المتنافرة، بوجه يكاد يخلو من الجمال: حواجب كثيفة فوق عينين غائرتين. أنف غليظ. فم واسع. شعر الرأس خفيف. إنه ليس نجما بالمعنى المألوف، ولكن يعد نمطا خاصا، يتوالى ظهوره، فيلما بعد آخر. وهذا لا يعد عيبا فى حد ذاته، فتاريخ السينما يذكر العديد من الأنماط التى حافظت على ألقها برغم أنها لم تتغير صورتها على الشاشة.. ولعل شارلى شابلن أن يكون النموذج الكلاسيكى للفنان الذى قدم، بنجاح، عشرات الأعمال، يطالعنا فيها بشخصية الشريد جسم ضئيل، بنطال واسع، قبعة قديمة فوق رأس صغير، حذاء واسع.. هو صعلوك، فقير، لكن بالغ الثراء، إنسانيا، فبرغم عوزه، يتبنى «الصبى» اليتيم، وعندما يحب، فإنه يحب بائعة الورد الضريرة.. أفلامه، التى كتب سيناريوهاتها بنفسه، تتسم بوعى سياسى عميق، تصب جام غضبها على نظام يقسم أناسه إلى جوعى ومتخمين، ويغدو فيه رجل الشرطة الغليظ مخلبا للسادة. مجتمع مصاب بسعار البحث عن الذهب والثروة إلى حد الجنون.. وهذا ما جعل لشابلن قيمة رفيعة، لا تخفت عند الأجيال المتعاقبة.

 

لم يستوعب محمد سعد درس شارلى شابلن، خاصة فى المعنى والهدف والرؤية، فاكتفى بالشكل دون المضمون، وظن أن التطور ــ أو التدهور ــ الشكلى من الممكن أن يصنع كوميديا، ووصل به الأمر، فى «تتح»، إلى الظهور بجاكتة بيجامة من دون بنطالها، وترك شعر ذقنه نابتة، لا هى محلوقة ولا هى لحية، فقط توحى بإهمال النظافة. زاد الحول فى عينيه، وتهشمت الكلمات الخارجة من فمه، وأخذ يسير بقدمين متداخلتين. أى أنه بدلا من أن يعبر عن العشوائية، أصبح هو نفسه، بأدائه عشوائيا.

 

«تتح»، فيلم لا سيناريو له، برغم كتابة اسمى محمد نبوى، وسامح سر الختم.. ولكن به مشاهد متراكمة، يمكنك حذف بعضها، أو إضافة لها، فالعمل بلا بناء، برغم أن بطله المطلق، يقوم بتربية ورعاية ابن شقيقه، الشحط، بأداء عمرو مصطفى متولى، يسكن فى بيت قديم، من جيرانه فتاة لعوب، بأداء سخيف من ممثلة نسيت اسمها، ومدرس نبيل ومريب فى آن، يؤدى دوره سامى مغاورى، له حدوتة لم يستوعبها أى متابع للفيلم، تتعلق بثروة تركها مليونير له كى يسلمها لابنته التى يطاردها أشرار.. يقوم «تتح» بالبحث عن الابنة، فيلتقى مرة، بالنجم سمير غانم، ويقدمان سويا فاصلا يدخل فى باب الفارص ثم يذهب لقرية حيث يحضر زفافا لطفلة من رجل عجوز، وهناك يشارك «بوسى» فى أغنية «السلك لمس»، ينقلها المخرج سامى عبدالعزيز، ببلادة، من خشبة المسرح الريفى إلى الشاشة.. بلا خيال، ومن دون اجتهاد.. ويدخل الفيلم فى متاهة صراع مفتعل فى ممرات «مول»، منتقلا من عبث إلى عبث، ومن افتعال إلى إفلاس.

 

محمد سعد ــ وصناع فيلمه ــ لم يستوعبوا أهمية أن يكون للعمل رؤية وهدف، وإلا سيكون السقوط حليفه، وسيجعلنا نخسر رهاننا على كوميديا لا شك فى قدراته، لكن إهماله أدى به إلى نوع ممجوج من «التناحة».

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات