عودة مهاتير محمد واقتلاع جذور الفساد فى ماليزيا - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 9:55 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عودة مهاتير محمد واقتلاع جذور الفساد فى ماليزيا

نشر فى : الإثنين 14 مايو 2018 - 10:50 م | آخر تحديث : الإثنين 14 مايو 2018 - 10:52 م

عادة لقد كان يمكننا التنبؤ بنتائج الانتخابات فى ماليزيا إلا أن هذه الانتخابات التى أجريت فى أوائل مايو الحالى خالفت كل التوقعات، حيث صعدت المعارضة إلى سدة الحكم بعد فترة طويلة من سيطرة حزب «المنظمة المالاوية القومية المتحدة» UMNO على السلطة منذ عام 1955. فعلى مر الأعوام الماضية لجأ حزب المنظمة المالاوية القومية المتحدة إلى كل الوسائل التى يمكن تصورها للبقاء فى السلطة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: إثارة التوترات الطائفية بين الجماعات العرقية المختلفة فى ماليزيا، اعتقال المعارضين، تزوير الانتخابات لصالحه، تقديم الرشاوى الانتخابية للناخبين، والتهديد بإثارة الفوضى حال تعرضهم للخسارة، وقد فعلت كل ذلك فى الفترة التى سبقت الانتخابات التى أجريت فى 9 مايو الحالى. لقد كانت المعارضة المتنافسة بمثابة شهادة ودليل على فظاعة حكومة نجيب رزاق. كما أن فوز المعارضة فى الانتخابات دليل قوى على الحس السليم ووعى الناخبين الماليزيين ودليل أيضا على تمهيد الطريق لأول تغيير للحكومة فى ماليزيا.

بالنسبة لبلد كانت فيه السياسة تسير على الدوام على الأسس الطائفية، فإن الانزعاج المثير للصدمة يحمل فى طياته احتمالية تشكيل حكومة أكثر جدارة بالثقة. بالنسبة للمنطقة، حيث كان الحكام الاستبداديون يقيدون الحريات السياسية بشكل كبير، فإن هذا يعد بمثابة نصر مشجع للديمقراطية. وبالنسبة للسيد نجيب ــ المتهم من قبل وزارة العدل الأمريكية باختلاس ما يقرب من 681 مليون دولار من إحدى الوكالات الحكومية الماليزية ــ فإن ذلك يعد تعويضا يستحق الاحتفاء به.

وكثيرا ما كانت تُطرح ماليزيا كمثال نادر على التسامح والديمقراطية بين البلدان ذات الأغلبية المسلمة. ولكن تم إثارة الشكوك حول ذلك بعد السياسات الاستبدادية الظالمة التى استخدمها حزب المنظمة المالاوية القومية المتحدة بشكل فج أكثر من أى وقت مضى، والمطالبات الحادة للأغلبية المسلمة فى مالى للبقاء فى السلطة. إلى أى مدى سيتغير هذا بشكل أو بآخر يتوقف على حسن نية الحكومة الجديدة وكفاءتها.

ويشير المشككون إلى أن مهاتير محمد ــ الذى شغل منصب رئيس الوزراء لمدة 5 فترات انتخابية والتى امتدت من عام1981ــ 2003 وهو قائد حزب «المنظمة المالاوية القومية المتحدة» ــ كان بطلا لنظام التفضيل العرقى البغيض فى ماليزيا، والذى عمل على توسَيعه من أجل إبقاء الناخبين المالييين موالين لـحزب الـ«المنظمة المالاوية القومية المتحدة»، والأكثر من ذلك، أن تحالف الأمل «Pakatan Harapan» ــ التحالف المنتصر ــ لجأ إلى النزعة الشعبوية لمواجهة تزوير الانتخابات فى ظل حكم «حزب المنظمة المالاوية القومية المتحدة»، ووعد بالتراجع عن ضريبة السلع والخدمات التى لا تلقى رضاء شعبيا ــ على الرغم من ضرورتها، وإعادة إعانات الدعم على البنزين التى قام السيد نجيب بتقليصها.

وتستند أغلبية الحكومة الجديدة أيضا إلى تحالف من المنشقين عن حزب المنظمة المالاوية القومية المتحدة والسياسيين المعارضين المخضرمين الذين لديهم خبرة قليلة نسبيا بالحكومة. وبشكل خاص، هناك «ثأر» بين الدكتور مهاتير، البالغ من العمر 92 عاما، وأنور إبراهيم النائب السابق لرئيس الوزراء ــ مهاتير محمد ــ والذى سجن فى عهده بتهم فساد وتهم جنسية زائفة. السيد أنور هو الآن زعيم أحد الأحزاب المكونة للتحالف المنتصر ــ تحالف الأمل ــ والذى يتكون من أربعة أحزاب. على الرغم من أن الدكتور مهاتير وأنور يدعيان التوافق بينهما وأنه تم التصالح بينهما، إلا أنه ليس من الواضح كيف سيكون الوضع بعد أن يتم إطلاق سراح أنور من السجن فى الشهر المقبل؟

ومع ذلك، لا يمكننا تصور أن خسارة حزب المنظمة المالاوية القومية المتحدة لن تغير ماليزيا إلى الأفضل. لسبب واحد، أنه من مصلحة التحالف الجديد أن يجعل النظام الانتخابى أكثر عدالة وأن يدعم حرية الصحافة. والأفضل من ذلك، تشير النتائج إلى أن التحالف الجديد لديه دعم انتخابى أكثر من كل من حزب المنظمة المالاوية القومية المتحدة والمتعصبين الإسلاميين فى حزب الإسلامى الماليزى PAS ــ وهو حزب معارض رفض الانضمام إلى ــ تحالف الأمل سيكون لدى العديد من النواب الجدد ــ بعد أن عانوا من الأشكال المختلفة من الاستبداد والتحيز الرسمى عندما كان «المنظمة المالاوية القومية المتحدة» فى السلطة ــ رغبة طبيعية لجعل البيروقراطية أكثر نزاهة. لقد كان التخلص من التحيز فى الملايو أمرا شاقا دائما، بالنظر إلى نفوذ الناخبين الماليزيين. لكن على أقل تقدير، من المحتمل أن يقوم «تحالف الأمل» بالإصلاحات السياسية، فكما وعد بمحاربة الفساد والتحقيق فى فساد السيد نجيب يجب أن يعمل أيضا على تطهير السياسة من الفساد.

ربما تستسلم الحكومة الجديدة للاقتتال الداخلى وتفشل فى إنجاز الكثير. لكن وجودها هو تذكير قوى للماليزيين وجيرانهم بأن الحكومات يمكن بل يجب عليها، من وقت لآخر، أن تتغير بشكل سلمى. من حسن الحظ، سيبدأ الكمبوديون والسنغافوريون والتايلنديون والفيتناميون وآخرون، بالتساؤل عما إذا كان هناك إمكانية لأن يحدث شىء مشابه لذلك لهم فى يوم ما.

الإيكونوميست ــ بريطانيا
ترجمة: ريهام عبدالرحمن العباسى
النص الأصلى

التعليقات