ما تنقمون من الأزهر؟ - نادر بكار - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 5:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما تنقمون من الأزهر؟

نشر فى : الثلاثاء 16 ديسمبر 2014 - 9:20 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 16 ديسمبر 2014 - 9:20 ص

(١)

«كان رفض الوجود الغربى على أرضنا رفضا عاما شاملا وعنيفا، وكان لابد أن تصفى قيادة الأزهر، لا عن طريق احتلاله بالخيل ولا بتسمير أبوابه بل بتسمير باب قيادته الفكرية للأمة.......» خطبة كتاب: ودخلت الخيل الأزهر، محمد جلال كشك

(٢)

فى يوم واحد فقط صادفت ثلاثة برامج وقرأت مثل عددها من المقالات، تنهش (الأزهر) بمنهجه ومجموع علمائه وتراثه العلمى نهشا وحشيا لا رحمة فيه ولا (تحضرا)... أتواصى هؤلاء كلهم به عن عمد وسبق ترتيب؟ أم أن (العوج) المتصف به أسلوب تفكيرهم دفعهم إلى استغلال حالة فقدان الاتزان التى نمر بها جميعا للنيل من (ثوابت) استعصت عليهم طويلا فوجدوا الآن بغيتهم دونما اتفاق؟

قد يتصور حسن النية أن هؤلاء ما انتفضوا إلا غيرة على (منهج) إسلامى اقتنعوا به مثلا ووجدوه قد انهار على يد مخالفيهم، لكن المتابع لـ(أشباه المثقفين) هؤلاء ليعلم يقينا أنهم لا يريدون منهجا مطردا ولا حتى غير مطرد.. كانوا قبل ذلك يفرحون بمن يقتبس لهم الشاذ الغريب من كل مذهب ويهللون لتلفيقه من أقوال الأئمة المطروحة الضعيفة منهجا متكاملا لإسلام ممسوخ مهترئ لا يُعرف منه اسم ولا صفة....فكشفوا اليوم عن وجوه أشد قبحا وأعظم صفاقة لا تريد منهجا من الأساس ولا تسلم حتى للمُلفقين أو المدلسين...لا تريد إسلاما منزوع الدسم فحسب بل اجترأت أكثر وأكثر لتطلب إسلاما شهوانيا عابثا ضعيفا خانعا.....إنهم فى الحقيقة يروجون لإسلام بلا إسلام!

(٣)

(المدلسون) فشلوا فى تحصيل (الملكة العلمية) التى تؤهلهم للنظر أولا فى الآراء الفقهية المختلفة قبل نقدها تصويبا أو طرحا أو ترجيحا، لم تستوعب عقولهم (القواعد والأصول الفقهية) التى هى أقرب إلى قواعد علوم (الرياضيات والفيزياء) ولم يصبروا على تلقيها وسبر أغوارها ومعالجتها، ووجدوا من يشجعهم على هذا ممن استكثر على أمتنا تفردا (بالمنهج العلمى) المُحكم.

صحيح أننا دائما ما نرفض تقديس البشر مهما علا شأنهم وعظم تأثيرهم... أقوالهم بل وأفعالهم ليست بحجة فى حد ذاتها على من خالفهم، والاجتهاد الفقهى لأئمة المسلمين على مر العصور يقبل الأخذ والرد بل والتفنيد، وتراثهم ينضح بذلك كله وما (الفقه المقارن) إلا نوع من نقاش ثرى يعتمد على الأصول العلمية والقواعد العقلية المنطقية فى قبول رأى فقهى أو رفضه.

(٤)

ولا يختلف المراقبون على حاجة المناهج الأزهرية إلى تحديث وتطوير، إلى استبدال الأمثال القديمة التى واكبت عصر مستخدميها بتلك التى تناسب واقعنا ويفهمها صغيرنا وكبيرنا، إلى تنقية معتمد المذاهب من الأقوال الضعيفة والآراء الشاذة، إلى التركيز على تنمية (الملكة الفقهية) عند الطالب والمتلقى... والأمر لا يحتاج إلى تكلف البحث عن معين التطوير هذا؛ فالمنهج العلمى السليم فى استنباط الأحكام وقواعد الاستدلال قد حوى بالفعل مادة التحديث والتجديد منذ مئات السنين... لكن من يقرأ من يفهم من يثابر على التطبيق؟

هذه الأمة تحتاج تحديثا لا تغريبا وتبحث عن حرية مسئولة لا عن علمنة متحررة...أمة تعرف أن (تخلفها) عن ركب التفوق العلمى أمر عارض، و(عزلتها) عن مصادر المعرفة مسألة طارئة وتبقى (أصالتها) هى مادة بقائها...بل هى مادة تفردها.