هل خاض الشيخ حازم أبوإسماعيل معركة جنسية والدته بمنطق وقناعات الشيخ الداعية، أم بثقافة ومهارات المحامى؟
هذا سؤال جوهرى، ربما تعتقد أن المسافة بين الاثنين الشيخ والمحامى ليست بعيدة، فكلاهما وفق الصورة النمطية عن «الوظيفتين» المفترض أن هدفهما دعم الحق والحقيقة والدفاع عنهما، لكن الواقع يثبت لك أن الحق بالنسبة للمحامى «المهنى» هو مصالح موكله وانتصار موكله، لذلك هناك صنف من المحامين يركز على الإجراءات دون المضمون، ويسعد إذا ما حصل لموكله على براءة بسبب خطأ فى الإجراءات حتى لو كان عمليا ونظريا مدانا بتلبس.
ربما يضبط ضابط شرطة متهما متلبسا بالإتجار فى المخدرات، يضبط البائع والمشترى والبضاعة، ثم تنتهى القضية إلى لا شىء بسبب عدم حصول الضابط على إذن من النيابة، أو أن يشمل محضر الضبط تحريز 15كيلو، فيما تجد النيابة أن ما أمامها 16 كيلو.
قطعا الفوارق والأمثلة شاسعة، لكنه المنطق نفسه، هل القضية لدى الشيخ حازم هى حصول والدته على الجنسية الأمريكية فعلا، أم وجود أخطاء إدارية فى منحها الجنسية، هل معركته هى خوض الانتحابات من باب استغلال ثغرات القانون، أم إثبات أنه لا يكذب ولم يكذب ونفى أن تكون والدته أمريكية مطلقا؟
هل يلعب الشيخ حازم لعبة «الأفوكاتو» الذى يتحرك فى ثغرات القانون، أم يؤدى دور الشيخ الداعية الذى يبحث عن الحق والحقيقة ويضرب مثلا فى الصدق والأمانة؟
المؤكد أنك تعرف الآن أن الشيخ فضل أن يكون «أفوكاتو» لديه هدف وحيد هو خوض انتخابات الرئاسة، ولا يكترث إن فعل ذلك مستندا لخطأ فى الإجراءات أو ثغرة إدارية فى منظومة منح الجنسية، لكنه غير مكترث إطلاقا بكل ما تقدم حول حصول والدته على الجنسية بدءا من جواز سفرها ووثائق وأوراق الجانب الأمريكى، وصورتها وعنوانها ورقم قيدها الانتخابى.
قال المستشار طارق البشرى وهو فقيه قانونى محسوب على التيار الأصولى، إن أمريكا وحدها هى التى تفصل فى جنسية والدة الرجل، لكن أبوإسماعيل يرفض الأوراق الأمريكية ويبحث عن جنسية والده فى سجلات وزارة الداخلية المصرية، وبهذا المعنى يحق لهشام طلعت مصطفى ومحسن السكرى أن يطلبا البراءة فى قضيتهما، لأن كل أوراق الثبوت ضدهما واردة من شرطة دبى، والجهات الأمنية المصرية لا تملك دليلا واحدا على إدانتهما، يمكن إذن أن يقول محاميهم لا نعترف بأوراق دبى، هذه مؤامرة إماراتية.
دخل الشيخ حازم سباق الرئاسة المحتمل بعد صدور قانون الرئاسة وبعد أن صوت وأنصاره بنعم على التعديلات الدستورية، هو إذن وافق على قواعد اللعبة وقبل بالعهد، لكنه الآن ينقض هذا العهد ويخون أمانته، ناهيك عن شبهات الكذب، ومازال يبحث عن ثغرة قانونية لن تنفى عن أمه الجنسية الأمريكية، لكنه كما قلت لك يتصرف مثل «الأفوكاتو» الذى يريد أن يربح القضية بأى شكل وأن ينصر موكله ظالما أو مظلوما.. لكن المثير أن أنصاره وقفوا أمام اللجنة العليا يهتفون «نفديك يا إسلام» وكأن الشيخ الأفوكاتو هو الإسلام، والحق أننى أصدق حماستهم للإسلام، وأدعوهم إلى أن ينصروه بإلزام شيخهم بالحقيقة: إما البراءة كاملة أو الاعتذار.. لكن براءة ثغرات القانون وأخطاء الإجراءات فهى كالإدانة النافذة أو أشد!