ما لن تجده فى الجزيرة - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 10:59 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما لن تجده فى الجزيرة

نشر فى : الجمعة 27 سبتمبر 2013 - 8:35 ص | آخر تحديث : الجمعة 27 سبتمبر 2013 - 8:35 ص

المؤكد أن الزملاء فى قناة الجزيرة يطالعون صحيفة الجارديان البريطانية يوميا، وربما يتابعون نسختها الالكترونية لحظيا. يستندون إلى تقارير وتحقيقات وأخبار منسوبة للجريدة العريقة، يفتشون فيها ويقلبون الصفحات بحثا عن كلمة تخص مصر، وتدين السلطات القائمة فيها.

تابعت الجزيرة من مساء الأول وحتى كتابة هذه السطور ظهر أمس، لعلى أجد أخبارا تستند إلى الجارديان، فى القناة العامة أو شقيقاتها، أو حتى على الموقع الالكترونى فلم أجد أثرا لذلك على الرغم من أن موقع الصحيفة البريطانية زاخر بالأخبار والتحليلات والتحقيقات الجديدة والمميزة.

من هذه التحقيقات تحقيق صحفى استقصائى مطول أجراه بيت باتيسون من العاصمة القطرية الدوحة ومن العاصمة النيبالية كاتمندو، عن ملابسات موت نحو 44 عاملا نيباليا فى الدوحة بإصابات وحوادث عمل وأزمات قلبية، وهم يشاركون فى الإنشاءات التى تعدها الحكومة القطرية لكأس العالم فى كرة القدم.

قصة الموت تبدو مأساويتها من ملابساتها، تلك الظروف التى يعمل فيها هؤلاء العمال إلى الحد الذى يجعل صحيفة بريطانية معروفة بانتقاء ألفاظها بحرص تصف الأمر أنه «سخرة تصل إلى العبودية».

بحسب ما نسبته الصحيفة لمنظمة العمل الدولية فإن الحكومة القطرية متورطة فى استغلال العمال الأجانب وتسخيرهم بإذلال لبناء المنشآت اللازمة لاستضافة البطولة الرياضية، فى ظروف عمل تمتد لأكثر من 12 ساعة يوميا دون راحة للطعام، وأماكن تسكين تضم أيضا أكثر من 12 عاملا فى غرفة واحدة.

السفارة النيبالية فى الدوحة تقدمت بشكوى مدعومة بالوثائق والأدلة تكشف هذه الانتهاكات التى تصل إلى منع العمال من شرب المياه، والامتناع عن دفع أجورهم لوقت طويل، واحتجاز جوازات سفرهم ومتعلقاتهم، والامتناع عن استخراج إقامات قانونية لهم، لإذلالهم وإجبارهم على القبول بأوضاع العمل تلك دون شكوى.

ذهب باتيسون إلى عائلات فى نيبال فقدوا أبناءهم فى قطر والتقى بعمال فى الدوحة وبمسئولين قطريين فى لجنة تنظيم كأس العالم، واكتشف أن 44 عاملا ماتوا فى شهرين فقط من يونيو وحتى أغسطس من العام الجارى، غير من تعرضوا لإصابات وإعاقات نتيجة المهام الشاقة التى يجبرون على أدائها، بإكراه كامل يصل إلى حد السخرة والعبودية.

المسئولون القطريون ألقوا بالمسئولية على مقاولى الباطن دون أن يبينوا ما هى الإجراءات التى اتخذوها للتعامل مع هذه القضية، ولماذا لم يزعجهم موت 44 عاملا فى منطقة عمل واحدة.

تهتم الجزيرة كثيرا بحياة الإنسان فى كل مكان، لكن ذلك المهاجر خلف لقمة عيشه فى قطر ليس من اهتماماتها، ربما تنقل كاميراتها مظاهرة مصرية فى حارة جانبية فى قرية مصرية وتعنونها بأن هذه القرية تنتفض ضد الانقلاب، وتصور الكاميرات الجثث فى الشوارع فى أحداث مصر وسوريا، لكن هذه الكاميرا لا تنقل معاناة العمال، ولا تقترب من لغز موتهم تباعا، ولا تعقب على الإكراه والسخرة والعبودية.

تهتم الجزيرة كثيرا بحرية الرأى والتعبير، تتحدث دائما عن الرأى والرأى الآخر، لكنها لا تقترب أبدا من سجن الشاعر القطرى محمد بن الديب العجمى 15 عاما بتهمة نشر قصيدة على الإنترنت، اعتبرتها السلطات تسىء للذات الأميرية، وهو حكم مخفف كان قبل ذلك السجن المؤبد.

إعلام حقوق الإنسان والرأى والرأى الآخر: يرى القشة فى عيون الآخرين، ويغفل عن الخشبة فى عينيه.

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات