عفوًا دكتور نظيف .. الحريق لا يزال مشتعلًا - وائل قنديل - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 6:16 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عفوًا دكتور نظيف .. الحريق لا يزال مشتعلًا

نشر فى : الثلاثاء 18 أغسطس 2009 - 10:17 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 18 أغسطس 2009 - 10:17 ص

 لم يقطع البيان الصادر عن رئيس الوزراء أمس الأول الشك باليقين فى موضوع جامعة النيل الخاصة، ذلك أن الدكتور نظيف نفى وأكد فى الوقت نفسه علاقته بالجامعة مثار الجدل والريبة والدهشة والعجب العجاب، على هذه السيولة والخلط المزعج بين ما هو عام وما هو خاص، وبين المسئولية الحكومية والعمل الأهلى.

ذلك أن الدكتور نظيف نفى أن يكون رئيسا للمؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجى (الأهلية) أو عضوا بمجلس أمنائها، لكنه يعود ويقول إنه أحد الأعضاء المؤسسين لها، هو ووزراء آخرون، سابقون ولاحقون.

ولا أعرف ــ ربما لجهلى المطبق ــ معنى أن يكون وزير أو رئيس وزراء عضوا مؤسسا فى جهة من المفترض أنها «أهلية»، كما لا أستوعب أن يزاحم أعضاء الحكومة باعتبارها الجهاز الإدارى والتنفيذى فى الدولة الناشطين فى العمل الأهلى من المواطنين العاديين.

يقول الدكتور نظيف فى بيانه المقتضب إنه كان أحد الأعضاء المؤسسين عام 2003 حينما كان وزيرا للاتصالات إيمانا منه ومن المؤسسين بأهمية تنمية دور التعليم الأهلى الجامعى عن طريق إنشاء جامعة مصرية خالصة لا تهدف للربح.

وهذا هدف نبيل بالطبع أن يسعى أى شخص فى مصر لتطوير التعليم الأهلى، إلا الدكتور نظيف كوزير ثم كرئيس للوزراء، لأننا بذلك ننسف العمل الأهلى من جذوره، وإذا كان الدكتور نظيف مهموما ومهتما بتطوير التعليم إلى هذا الحد فلماذا لا يستخدم سلطاته وصلاحياته كرئيس للوزراء ويعمل على تطوير التعليم فى جامعة القاهرة مثلا التى تدهورت أحوالها على نحو مخجل وصارت خارج تصنيف أفضل 500 جامعة فى العالم، وفقا للتقييم الصينى، وخارج أفضل ألف جامعة وفق تصنيف آخر إسبانى.

وإذا جاز لوزير الاتصالات أن يشارك فى تأسيس جامعة لتدريس هندسة الاتصالات، فليس مستبعدا أن نجد وزير الزراعة يؤسس لكلية زراعة خاصة، ووزير الصحة يؤسس كلية طب خاصة، وهكذا تذوب المسافة الفاصلة بين الوظيفة العامة والمصلحة الشخصية، ويضيع مفهوم الدولة بشكل كامل.

غير أنه لا شىء مستبعدا فى هذا العصر السعيد، الذى صارت فيه الدولة حكما وطرفا فى المنافسة فى وقت واحد، بحيث جئنا بصاحب إمبراطورية شركات نقل ومحركات وزيرا للنقل، وصاحب مستشفى خاص وزيرا للصحة، وصاحب شركة للإنتاج الزراعى وزيرا للزراعة، وربما يأتى يوم يصبح فيه أحد أباطرة الدروس الخصوصية وزيرا للتعليم، أو تتطور الأمور أكثر ويصبح لدينا وزير للبترول من أصحاب محطات البنزين على الطريق الصحراوى.

على أن بيان نظيف يحمل مفارقة أخرى مدهشة، حيث يتحدث عما يخصه هو فقط فى موضوع جامعة النيل، ويعلن بوضوح أن الوزارات المعنية ستقوم بالرد على الجوانب الأخرى القانونية والتعليمية، وكنت أتصور ــ ربما لسذاجتى ــ أنه من صلاحيات رئيس الحكومة، بل من واجبه، أن يكون مسئولا عن الرد والتوضيح والتصويب إذا ما تحدث أحد عن خلل ما فى واحدة من الوزارات، لكن من الواضح جدا أن مصر ليس بها رئيس للوزراء، وإنما الموجود رئيس لمجلس الوزراء، والفارق شاسع بين هذا وذاك.
البريد الإلكتروني:
wquandil@shorouknews.com

وائل قنديل كاتب صحفي