التربص بالديمقراطية - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الإثنين 8 ديسمبر 2025 6:27 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

كمشجع زملكاوي.. برأيك في الأنسب للإدارة الفنية للفريق؟

التربص بالديمقراطية

نشر فى : الخميس 19 يوليه 2012 - 8:40 ص | آخر تحديث : الخميس 19 يوليه 2012 - 8:40 ص

من داخل معسكر ما يسمى بـ«القوى الديمقراطية»، هناك خطر حقيقى على الديمقراطية، ومن داخل التيار الإسلامى أيضا هناك مكامن لهذا الخطر، بعض المنسوبين للديمقراطية فى القوى المدنية ممن ظل ينادى بها ويُظهر السعى إليها، كأنه أراد ديمقراطية تفصيل، تأتى نتائجها بما تشتهى سفنه وحسب، وعندما يخرج الصندوق بنتيجة مغايرة، يتخلى عن حقه فى الاختلاف والمعارضة القوية بذات الأساليب الديمقراطية، ويتحول إلى عدو حقيقى يحرض على قلب الطاولة على إرادة الشعب، ويبدى تعاطفا مع استمرار حكم العسكر، ويدعو دون خجل قادة الجيش للتحرك فى تحريض واضح على الانقلاب.

 

وفى داخل القوى الإسلامية من لم يستوعب الفكرة الديمقراطية، رغم أنها وحدها هى التى أخرجته إلى مؤسسات الدولة وبرلمانها ومنحته الأحزاب والمنابر السياسية ووضعته فى لجان صياغة الدستور، لكن فى عمق تفكيره أن النظام الديمقراطى وضع مؤقت، وأن الإسلام لا توجد فيه ديمقراطية تنافسية، وإنما «شورية توافقية»، وأن الحاكم فى الإسلام يختاره «أهل الحل والعقد» ولا يخضع لمزايدات العامة فى تنافس مع آخرين على صندوق انتخابات، كما أنه لم يثبت أن حاكما فى عصور المسلمين التى يستند إليه غادر منصبه بعد انتهاء مدة أو ولاية، فالحاكم يبقى فى موقعه حتى يتوفاه الله، أو يعزله أهل الحل والعقد لو خالف ثابتا من ثوابت الأمة، ولا حزبية فى المجتمع الإسلامى باعتبارها مفسدة.

 

هؤلاء موجودون.. وهؤلاء موجودون.. كلاهما خطر حقيقى على الديمقراطية رغم ضعف تأثير كل منهما فى معسكره، لكنك إن رصدت عن قرب مواقف الفريقين ربما تلتمس قدرا من العذر لمن يستهدف الديمقراطية فى المعسكر الإسلامى، ولا يجد لديه إيمانا بآلياتها ويعتقد أن لديه فى مرجعيته ما هو أفضل منها، ففى النهاية تلك قناعاته، وعلى هذه الأسس تأسست أفكاره، فيبدو متسقا معها، ومدافعا عنها.

 

لكن ما عذر الديمقراطيين الذين تأسست أفكارهم على قيم الديمقراطية وآلياتها، ما قيمة ادعائك أنك ديمقراطى فيما أنت تفضل حكما عسكريا انقلابيا على حكم مدنى منتخب، حتى لو كانت لديك هواجس فى أنه قد يأخذك إلى الدولة الدينية، ما معنى نضالك من أجل الديمقراطية ثم رفضك نتائجها، وبدلا من أن تبنى نفسك كمعارضة وطنية فى نظام ديمقراطى يسمح بتداول السلطة، تسعى لحرمان الشعب من الآلية التى امتلكها أخيرا، فتعود بالبلاد عقودا للوراء.

 

على مستوى الأخلاق يمارس أعداء الديمقراطية فى المعسكر الإسلامى «تقية».. تشكل خطرا حقيقيا إذا تمكنت.. لكن كبحها سهل بأجيال جديدة من الإسلاميين الديمقراطيين لديهم وعى حقيقى بأن النظام الديمقراطى هو الوعاء الحقيقى الصالح لإدارة الدولة والعلاقات بين مؤسساتها وأطراف مجتمعها بتنوعهم، وأن مكاسبهم الحقيقية لم تتحقق إلا بعد اندماجهم فى المجتمع وقبولهم بقواعد العملية السياسية الديمقراطية.

 

لكن ما يمارسه المنتسبون للديمقراطية من عداء لنتائج الديمقراطية واستعداء عليه هو «عار أخلاقى» أولا.. وتضييع لفرص بناء قوى وطنية ديمقراطية حقيقية قادرة على أن تلعب دورها كمعارضة نشطة وذات كفاءة، وكمنافس حقيقى فى الاختبارات الانتخابية القادمة.. احموا الديمقراطية يرحمكم الله.

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات