مولود فى 25 يناير - كمال رمزي - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 7:31 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مولود فى 25 يناير

نشر فى : الأربعاء 20 يونيو 2012 - 8:55 ص | آخر تحديث : الأربعاء 20 يونيو 2012 - 8:55 ص

فى هذا الفيلم يمتزج العام بالخاص، الوقائع الموضوعية بالمواقف الذاتية، فالمخرج أصلا، أحمد رشوان، يرنو، إلى تحقيق سينما جديدة، مستقلة، لا ترضخ للسائد والمألوف، وربما، مثل غيره من زملاء جيله، يتمنى، فى جانب من قلبه، تغيير النظام الأبوى المستبد، الجاثم على الوطن، منذ ثلاثة عقود.. ومع هذا، فإن أحداث الثورة، بعنفوانها، تباغته، كما فاجأت، بدرجات متفاوتة، القائمين بها، ذلك أن هول البطش بها، ومحاولة قمعها، بوحشية قوات الأمن، كان أكبر مما هو متوقع، لكن الأهم، أن مئات الآلاف من أبناء مصر، قبلوا، بعزيمة من فولاذ، التحدى، وواجهوا، بصدور عارية، وسواعد خالية من السلاح، قوات مدججة بالسلاح والعتاد.. ولم يكن أمام أحمد رشوان، إلا النزول إلى قلب ميدان الوغى، حاملا آلة التصوير، ليرصد، بعين سينمائية، مرهفة وشجاعة، ما يندلع على أرض النار والدم.

 

الفيلم قد يبدو بسيطا، ولكن بشىء من التأمل، ندرك أنه شديد التركيب، وأنه على قدر كبير من السلاسة، فمخرجه المتمكن، أحمد رشوان، مع مونتيرته المتفهمة لأصول فنها، استطاعا أن يجدلا من المادة المتنوعة، الثرية، المتوافرة لديهما، عملا يتدفق بنعومة على الشاشة، برغم كميات العنف التى تكتظ بها المشاهد.. اعتمد رشوان على صورة فوتوغرافية، وعناوين جرائد، ومقاطع من خطب حسنى مبارك، وشذرات من التلفاز، وحوارات متناثرة، ولقطات وثائقية، وتعليقات من المخرج، المشارك فيما جرى، والذى يقوم، فى الفيلم، بدور الراوى، الأمر الذى يعطى للعمل درجة ما، من الحميمية.

 

يهدى المخرج فيلمه للشهيدين مينا دانيال، وأحمد بسيونى، أولهما استشهد فى مذبحة ماسبيرو الشهيرة، وثانيهما، المصور، الذى درج على تنبيه زملائه إلى البنادق الموجهة نحوهم، والتى يراها خلال عدسة الزوم، وبالتالى كان هو نفسه هدفا ثمينا لأحد القناصين.. إهداء يعبر بوضوح عن انحياز أحمد رشوان، والذى يتجلى لاحقا، فبعد أن يستعرض المخرج «ألبومه» الشخصى، بكاميرا تكاد تتحول إلى عين بشرية، تحنو على المصابين، تتزاحم لترصد اصطياد الشباب الثائر، لتزج بالواحد تلو الآخر، بلا رحمة، داخل عربات الشرطة السوداء، مشيعين بكلمات غادرة، وضربات هراوات غادرة.. إنها مشاهد تسجيلية جديدة، تضاف إلى الشرائط الوثائقية التى تدين ذلك النظام القمعى، بمخالبه الهمجية.

 

«مولود فى 25 يناير» يعرف فضيلة الاختزال والتكثيف والإيحاء، فبعدد قليل من الصور الفوتوغرافية، يعبر بما تحمله من بقع الدم، وجثث ملفوفة فى أكفانها، عن جريمة تفجيرات كنسية القديسين، وعن طريق التقطيع السريع، بين عبارات حسنى مبارك، التى يتحدث فيها عن الأمن، وما يدور فى الميدان، يبين الفيلم بعد الشقة بين السلطة المتداعية، مجسدة فى رئيس يتهاوى، وشباب شد العزم على إنهاء النظام.. وبينما تزداد شراسة المعارك، ينتقل المخرج إلى بيته، لالتقاط الأنفاس.. وها هى القهوة، تغلى، داخل كنكة فوق الموقد.. ولا يفوت أحمد رشوان أن يقدم جانبا مشرفا من فنانين، اندمجوا فى آتون الثورة، يسرى نصر الله، خالد يوسف، جيهان فاضل، محمد خان، كاملة أبوزكرى، وآخرين، يبرز من بينهم خالد الصاوى، الذى يتابعة الفيلم فى أكثر من مظاهرة، وفى كل مرة، يبدو وجهه، من دون ماكياج، وكأن الإنهاك يغزو ملامحه، ولكن لمعة الإصرار والإيمان بالنصر يلتمع فى عينيه.. إنه فى هذا، يشبه الفيلم تماما.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات