الحرب فى غزة - إكرام لمعي - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 9:17 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحرب فى غزة

نشر فى : الجمعة 20 أكتوبر 2023 - 8:05 م | آخر تحديث : الجمعة 20 أكتوبر 2023 - 8:05 م
أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة فى ٢٩ نوفمبر ١٩٤٧م، قرارًا يقضى بتقسيم فلسطين دولتين: يهودية وعربية (مع وجود منطقة دولية تشمل القدس وبيت لحم). واقترحت الخطة دولة يهودية على أكثر من نصف فلسطين ولم تُذكر فكرة تقسيم فلسطين دولتين ــ يهودية وفلسطينية ــ فى الخطاب الرسمى البريطانى خلال استعمارها لفلسطين، وكانت المرة الأولى فى توصية لجنة بيل سنة ١٩٣٧م، التى كانت الدولة اليهودية فيها مقارنةً بمثيلتها فى قرار تقسيم فلسطين، أصغر حجما بكثير. وعلى رغم موافقة الوكالة اليهودية على خطة بيل وقتذاك، وهى الهيئة التى تمثل الصهيونية العالمية، وكذلك موافقة قيادات القوة اليهودية المسيطرة على الأرض، إلا أن كثيرا من الصهاينة، اعترضوا على خطةٍ تحدّ إلى هذه الدرجة من أهدافهم، ولم يلطِّف من اعتراضهم سوى اقتراح تقرير بيل بتقسيم ينقل الفلسطينيين العرب إلى خارج الدولة اليهودية.
أما الفلسطينيون العرب، الذين شكلوا آنذاك أكثر من ٧٠% من عدد السكان، فقد صدمهم قرار التقسيم، وأظهر تصعيدهم الفورى والعنيف للثورة (التى بدأت منذ سنة ١٩٣٦م)، عمق معارضتهم الشعبية للقرار، والتى دفعت لجنة بريطانية شُكلت فى نوفمبر ١٩٣٨م تسمى «لجنة وودهد»، إلى استنتاج أن «التقسيم متعذر التنفيذ».
• • •
فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، أصبح الوضع فى فلسطين خطيرًا فقد أعلنت بريطانيا فى فبراير ١٩٤٧م عن نيتها إنهاء الانتداب. وفى مايو ١٩٤٧م، وبعد شهر من تسليم بريطانيا القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة بشكل رسمى، أنشأت الأخيرة لجنة خاصة بفلسطين وهى الـ«يونسكوب» التى أصدرت فى سبتمبر ١٩٤٧م، تقريرا أدرجت فيه إحدى عشرة توصية بشأن مبادئ عامة اتفق عليها بالإجماع، بما فيها انتقال فلسطين من إقليم منتدب إلى الاستقلال، والمحافظة على «الوضع القائم» المعهود سابقا للأماكن المقدسة وعلى حقوق الجماعات الدينية، والامتيازات الخارجية التى منحها العثمانيون. وفى توصية لافتة جدا، ربط التقرير المسألة الفلسطينية بحل مشكلة اللاجئين اليهود الناتجة من الحرب العالمية.
وإلى جانب التوصيات المُجمَع عليها، تقدمت اليونسكوب بخطتَين من إعداد مجموعتى عمل مختلفتين: خطة تقسيم مع وحدة اقتصادية، وحل لدولة فدرالية، وفى ٢٣ سبتمبر ١٩٤٧م شكلت الجمعية العامة للأمم المتحدة لجنة خاصة لدراسة تقرير اليونسكوب، دُعى إليها ممثلون عن الهيئة العربية العليا والوكالة اليهودية.
رفضت الهيئة العربية العليا اقتراحات مجموعتى عمل اليونسكوب، مبررة موقفها بأن أى حل يمنح امتيازات لمطالبات اليهود فى فلسطين يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة. أما الوكالة اليهودية ــ التى كانت قد قدمت فى أغسطس ١٩٤٦م اقتراحا للتقسيم بـ«دويلة» فلسطينية ذات حدود تشبه حدود الضفة الغربية بعد ١٩٤٨م ــ، فوافقت على اقتراح التقسيم مع ممارسة الضغط لتضمين القدس والجليل الغربى فى الدولة اليهودية. وأدخلت اللجنة الخاصة فى «يونسكوب» بعض التعديلات على الحدود التى رسمها تقرير اقتراح التقسيم وأحالته إلى الجمعية العامة للتصويت.
غطت الدولة اليهودية المقترحة حوالى ٥٦% من فلسطين المنتدَب عليها، مقسَّمة ثلاثة «أجزاء ــ مناطق» بالكاد تكون متاخمة باستثناء بئر السبع ومنطقة تمتد حتى حوالى نصف المسافة إلى الحدود مع مصر، إنما متصلة بالبحر الأحمر، وتضمنت الدولة اليهودية المقترَحة «أقلية» عربية تناهز الـ ٤٧% من سكان تلك الدولة.
أما الدولة العربية المقترحة ــ التى قد تربط بالضفة الشرقية للأردن ــ ، فكانت حصتها حوالى ٤٣% من فلسطين المنتدَبَة بسكان عرب يتجاوزون ثلثى مجموع السكان، وقسِّمت أيضا ثلاثة «أجزاء ــ مناطق»، إضافةً إلى يافا المحاصرة والصغيرة جدا (والمحاطة بالدولة اليهودية). وتمتد غربا لتشمل طولكرم وقلقيلية واللد والرملة، وجنوبا لتشمل المحور المركزى لصحراء بئر السبع الجنوبى، وأخيرا قطاع ساحلى (بما فيه غزة) يمتد من أشدود حتى الحدود المصرية، ثم يتبع تلك الحدود جنوبا. أما المنطقة الدولية المحاصَرة المحيطة بالقدس وبيت لحم («الكيان المنفصل») فكانت تتمتع بأكثرية عربية متواضعة.
كان من المقرر عقد التصويت فى الأمم المتحدة فى ٢٦ نوفمبر، إلا أن مؤيدى التقسيم خشوا عدم حصول الاقتراح على أكثرية الثلثين المرجوة فأرجأوا التصويت ثلاثة أيام، ما وفّر وقتا إضافيا لممارسة واشنطن والمنظمات الصهيونية بشكل رئيسى ضغوطا شديدة على الدول الأعضاء، ليتم أخيرا إقرار قرار التقسيم فى ٢٩ نوفمبر بمجموع ٣٣ صوتا مؤيدا و١٣ صوتا معارضا و١٠ ممتنعين عن التصويت.
لاقى إعلان الموافقة على التقسيم إضرابا عاما وتظاهرات فى فلسطين العربية، تحول بعضُها ــ كما فى القدس ــ أعمال شغب مُدَمِّرة. فقام سكان البلدات بمساعدة المتطوعين العرب الأكثر تنظيما والقوات غير النظامية، بحماية أرضهم ومهاجمة المناطق الصهيونية، لتستمر «الحرب الأهلية» فى فلسطين (1947 ــ 1949) بين كرٍّ وفرٍّ إلى حين إعلان إسرائيل قيام الدولة اليهودية فى ١٥ مايو 1948م.
• • •
نجح الصهاينة من خلال قبولهم فكرة التقسيم فى الوقت الذى رفض العرب لها، وتعتيمهم على الظلم الشديد المحيط بتفاصيل الاقتراح من ناحية الأرض والسكان، فى إضفاء ستار الشرعية لضمان الاعتراف الدولى بالسيادة اليهودية على جزء كبير من فلسطين، وفى الوقت ذاته التمهيد لقيام دولة إسرائيل فى مايو ١٩٤٨م، المبنى على ترحيل مئات الألوف من الفلسطينيين من أراضيهم.
لا تؤمن حركة حماس بأى حق لليهود الذين أعلنوا دولتهم إسرائيل عام 1948م باحتلالهم فلسطين، ولكن لا تمانع فى القبول مؤقتا وعلى سبيل الهدنة بحدود 1967م، ولكن دون الاعتراف لليهود الوافدين بأى حق لهم فى فلسطين التاريخية.
وتعتبر صراعها مع الاحتلال الإسرائيلى «صراع وجود وليس صراع حدود». وتنظر إلى إسرائيل على أنها جزء من مشروع «استعمارى غربى صهيونى» يهدف إلى تمزيق العالم الإسلامى وتهجير الفلسطينيين من ديارهم وتمزيق وحدة العالم العربى. وتعتقد بأن الجهاد هو السبيل لتحرير فلسطين، وتردد بأن مفاوضات السلام مع الإسرائيليين مضيعة للوقت ووسيلة للتفريط فى الحقوق.
تعتقد حماس أن مسيرة التسوية بين العرب وإسرائيل التى انطلقت رسميا فى مؤتمر مدريد عام 1991م أقيمت على أسس خاطئة، وتعتبر اتفاق إعلان المبادئ بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل والذى وقع عام 1993م ومن قبله خطابات الاعتراف المتبادل ثم تغيير ميثاق المنظمة وحذف الجمل والعبارات الداعية إلى القضاء على دولة إسرائيل تفريطا بحق العرب والمسلمين فى أرض فلسطين التاريخية.
وتعتبر حماس أن إسرائيل هى الملزمة أولا بالاعتراف بحق الفلسطينيين بأرضهم وبحق العودة.
وفى هذه الأيام يقول منسق الاتصالات الاستراتيجية فى مجلس الأمن القومى الأمريكى، جون كيربى، فى تصريحات خاصة لـ«سكاى نيوز عربية» إن المشاورات جارية مع إسرائيل ومصر فيما يخص معبر آمن للمدنيين الراغبين فى الخروج من غزة.
وأضاف كيربى: «لا أحد يريد أن يرى أبرياء مدنيين يُقتلون، وحماس لا تمثل الشعب الفلسطينى وعن عمد تضعه فى الخطر باستخدامه كدروع بشرية، لا يجب أن يدفع المدنيون الثمن لما تفعله حماس».
وتابع: إسرائيل وأمريكا تتقاسمان مبادئ مشتركة وتحترمان الحياة البشرية وقوانين الحرب والنزاع هذا ما يفصلنا عن حماس».
وأكمل: «نريد أن تصل المساعدات الإنسانية إلى غزة، الولايات المتحدة أكبر مقدم للمساعدات الإنسانية».
وفى وقت سابق قال كيربى بمؤتمر صحفى، إن الولايات المتحدة تتواصل مع إسرائيل على مدار الساعة لضمان قدرتها على الدفاع عن نفسها وعن الشعب.
وأضاف: «العديد سأل عن الممر الآمن للمدنيين فى غزة، نتحدث مع نظرائنا الإسرائيليين والمصريين وندعم ممرًا آمنًا للمدنيين فهم لا يلامون على ما فعلته حماس، المدنيون يجب أن يحموا فى النزاعات وتعطى لهم الفرصة لتجنب القتال».
وبالطبع فإن مصر أعلنت بوضوح معارضتها لما أعلنته مصادر إسرائيلية بتهجير سكان غزة إلى سيناء المصرية باعتباره يهدد الأمن القومى المصرى ويصفى القضية الفلسطينية.
إكرام لمعي  أستاذ مقارنة الأديان
التعليقات