سيناء والحل السحرى - نادر بكار - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 10:47 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سيناء والحل السحرى

نشر فى : الثلاثاء 21 مايو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 21 مايو 2013 - 8:00 ص

القيادة السياسية المصرية فى موقف لا تحسد عليه بعد حادث اختطاف الجنود وتداعياته، فهى مطالبة وسط ضغوط مجتمعية وسياسية هائلة بإدارة هادئة متماسكة الأعصاب لواحدة ٍمن أخطر الأزمات وأشدها تعقيدا، وينتظر منها الجميع قرارا سريعا حاسما يجمع فى آن واحد بين تحرير المختطفين واستعادتهم أحياء، وبين حفظ البقية الباقية من ماء وجه الدولة، ثم التأكد من أن كارثة كهذه لن تتكرر مستقبلا.. أى ببساطة حل سحرى لا يخضع لحسابات التكلفة والمكسب والخسارة.

 

حسنا.. يمكنك وأنت تحتسى القهوة عاقدا ساقيك ومسندا ظهرك إلى مقعدك الوثير أن تتحدث كما يحلو لك عما ينبغى فعله وما لا ينبغى، وتمصمص شفتيك متحسرا على هيبة الدولة التى ضاعت وعلى الفوضى التى عمّت وأنك لو كنت مكان الرئيس لفعلت وسويت.. لكن دعنى أؤكد لك أن قضية بالغة التعقيد كهذه تخضع للحسابات الوطنية بالمقام الأول قبل أن تكون فرصة للمزايدة السياسية المشروعة، والحق أن ثمة خيطا رفيعا مازال أغلبنا لم يكتشفه يفصل بين المواقف التى تقبل التمايز السياسى ومن ثم تسمح بانتقاد نهج الرئاسة فى التعاطى وبين المواقف التى لا يسعنا فيها إلا أن نقف فى نفس الخندق ونشجع فيها قيادة نختلف معها على اتخاذ القرار المناسب.

 

أى قرار سيتخذ لابد وأن ثمنا مناسبا سيضطر الوطن بأسره لدفعه، فالحسم العسكرى مثلا سيريق دماء جديدة بلا شك وسيعتبر إلى حد ٍكبير بمثابة توقيع على شهادات وفاة أغلب المختطفين وربما نسبة من القوات المهاجمة، والقبول بالتفاوض السياسى يعنى الاستعداد للتنازل والرضوخ الضمنى لسياسة لى الذراع استخدمها مجهولون لابتزاز دولة بأسرها.

 

والوطن الذى سيدفع الثمن هنا يشمل سيناء نفسها.. سيناء بأهلها وتاريخها وهمومها وآمال أبنائها بل وربما بمستقبلها نفسه.. فسيناء خليط متشابك من المشاكل الاجتماعية والتاريخية لم ينخرط السيناويون فى صنعها بالقدر الذى انخرط به الباقون.. مشاكل صنعها القهر والإهمال والعنصرية والظلم حتى أسهمت فى خروج سيناء من الحسابات الوطنية بشكل عملى بعيدا عن شعارات ليس لها من الواقع رصيد حقيقى.

 

وعلى سبيل المثال لا الحصر يمكنك القول إن تعامل وزارة الداخلية على مدار سنوات كان سلبيا مع مشكلات المخدرات وتهريب السلاح فى سيناء، بصورة قمعية تعمم العقاب على الصالح والطالح ولا تعرف عن معانى الإنسانية والرحمة حتى فى التعامل مع المجرم شيئا، تكريسا لروح (إنا فوقهم قاهرون) بكل حذافيرها، فكانت الشبهة وحدها ذريعة كافية للتنكيل بأهل المتهم وذويه وقبيلته من النساء والرجال والأطفال إشباعا لروح السادية التى تحلى بها رجال (العادلى). والجهاز الإعلامى أخذ حظا وافرا من صناعة المشكلة، فتفنن عبر عقود فى إنتاج أفلام ومسلسلات ترسخ فى عقول المصريين صورة ذهنية بالغة السوء عن أهل سيناء، حتى أصبح السيناوى فى نظر عموم المصريين أحد رجلين إما خائن لوطنه بالعمالة لإسرائيل أو بالاتجار فى المخدرات.