منى الشاذلى.. رائحة الياسمين - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 5:05 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

منى الشاذلى.. رائحة الياسمين

نشر فى : السبت 22 يناير 2011 - 9:46 ص | آخر تحديث : السبت 22 يناير 2011 - 9:46 ص

ببرنامج «العاشرة مساء» تألقت منى الشاذلى. من قبل، قضت سنوات طويلة فى الظل، فقنوات الـ«A.R.T» الداجنة لا تتيح لأحد فرصة إثبات الذات، ذلك أن المطلوب من المذيع الالتزام التام بأسلوب قنوات انشئت للتسلية، وبالتالى عليها ألا تغضب أحدا، مع تجنب الخوض فى السياسة أو أحوال الناس فى أى مجتمع يصل له الإرسال. قدمت الشاذلى برنامجا أو اثنين أو ثلاثة، كلها جاءت باهتة، بلا لون أو طعم أو رائحة، يعبر عنها عنوان أحد برامجها «لا أرى لا أسمع لا أتكلم».

ذهبت منى الشاذلى إلى «دريم»، وكان يشرف على القناة، حين ذلك، مدير ذكى، يتسم باتساع الأفق، يملك حسا إعلاميا ذكيا، أدرك أن الجمهور يحتاج إلى برنامج ساخن، يشتبك مع القضايا الملحة، المعتملة فى الواقع، معتمدا على مذيعة غير شهيرة، ولكن ذات كفاءة، تكبر بالبرنامج، كما يكبر البرنامج بها، وهذا ما حدث فعلا، فالآن من الصعب تخيل «العاشرة مساء» بدون منى الشاذلى، وربما من العسير تصور منى الشاذلى خارج «العاشرة مساء».

منى الشاذلى، أصلا، مثقفة ثقافة عميقة، جادة، تدرس موضوعها وتستوعبه قبل الخوض فيه، وهى ذات حضور محبب، أسرى، فجمالها من النوع الهادئ، لا تعتمد على ماكياج صارخ، ملامحها الرقيقة تعبر بوضوح عن مكنون نفسها، الابتسامة لا تفارقها، ولكنها ابتسامة متغيرة المعانى، تارة تأتى من باب الموافقة، وتارة من باب التحفظ أو الرفض، من الممكن أن توحى بالتعاطف أو الاستنكار.

إلى جانب ابتسامتها ثمة عيونها شديدة الوضوح، تلتمع بالعديد من الانفعالات. أحيانا تبدو مترعة بالانزعاج، حين يتجاوز الضيف ما يسمى بالخطوط الحمراء ــ ذلك التعبير الفاشى ــ وأحيانا تترقرق بالحنو والتعاطف مع أصحاب المآسى وما أكثرهم ــ إنها تعطى بوجهها معانى الكلام، سواء متحدثة أو مصغية.. ولكنها تدرك، سواء قبل أو بعد الإطاحة باللامع عمرو أديب، أن المذيع، مهما طالت قامته، هو «جنرال» بلا جيش، من الممكن إحالته إلى التقاعد، فى لحظة واحدة، وليس أمام محبيه سوى ضرب رءوسهم فى الحائط.. وتجنبا للإقصاء، تتعمد منى الشاذلى، فى نهاية بعض الحلقات الساخنة، أن تنظر إلى عين الكاميرا، معلنة تبرئها مما جاء على لسان البعض، فما قيل هو رأى هذا «البعض».. وليلة استضافتها لعضو مجلس الشعب السابق، كمال الشاذلى، رحمه الله، الذى كان واسع النفوذ، اقتربت مما أعتبره خطا أحمر.. زغر لها زغرة ينطلق منها التهديد والوعيد. انكمشت داخل نفسها، كادت تغمض عينيها فيما يشبه الاعتذار إن لم يكن التوبة.

فى الأيام الأخيرة، عقب ثورة تونس التى أطلقت الآمال، ومع توالى انتحار المصريين حرقا وشنقا، بدت البرامج أكثر شجاعة، فالمناخ لم يعد كما كان، وفى حلقة «العاشرة مساء» يوم الثلاثاء الماضى، تألقت منى الشاذلى وهى تفند، بحسم ودقة، كلام لواء، من أعضاء مجلس الشعب، يزعم فيه أن أحوالنا «عال العال»، وأن كل المشاكل ستحل، مرحليا.. بدت منى برونق على قدر كبير من النضارة، فالواضح أن نسيم الياسمين المنعش، بدأ يهب عليها، وعلينا.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات