أوروبا تتجاوز نتنياهو! - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 11:09 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أوروبا تتجاوز نتنياهو!

نشر فى : الثلاثاء 23 يناير 2024 - 7:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 23 يناير 2024 - 7:45 م

القراءة الأولية لخطة السلام الأوروبية التى طرحها جوزيب بوريل منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى الاثنين الماضى والقائمة على إعادة إحياء «حل الدولتين»، تشير بشكل واضح لا لبس فيه أن الأوروبيين تجاوزوا معارضة حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة لهذا الحل، الذى أعلن الأخير بنفسه مرارا وتكرارا أنه يعرقله منذ 30 عاما؛ ذلك أن بوريل قد قال للصحفيين إن «خطة إسرائيل لتدمير حركة حماس فى غزة غير ناجحة وإنه يتعين على الاتحاد الأوروبى مواصلة الجهود للتوصل إلى حل الدولتين، رغم المعارضة الإسرائيلية لذلك الحل».
ثم تساءل باستنكار على هامش الاجتماع الشهرى لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبى، الذى حضره هذه المرة الأمين العام لجامعة الدول العربية ووزراء خارجية مصر والسعودية والأردن: «ما هى الحلول الأخرى التى يفكر الإسرائيليون فيها.. هل نجبر جميع الفلسطينيين على الرحيل؟ نقتلهم جميعا؟!.. إن الطريقة التى يدمرون بها حماس ليست هى الطريقة الصحيحة للقيام بذلك. إنهم (الإسرائيليون) يزرعون الكراهية لأجيال عديدة»، وفى ذلك إدانة أوروبية واضحة للعمليات العسكرية العدوانية التى تقوم بها إسرائيل ضد المدنيين العزل فى قطاع غزة، وتعكس التطور فى الموقف الأوروبى منذ السابع من أكتوبر حتى اليوم.
***
ما يؤكد ذهابنا إلى أن الاتحاد الأوروبى تجاوز حائط بنيامين نتنياهو الرافض لقيام دولة فلسطينية أن تصريحات بوريل جاءت بعد ساعات من تصريحات رئيس وزراء إسرائيل التى رفض فيها حل الدولتين؛ ذلك أنه أكد الأحد الماضى مجددا على الموقف المتشدد ضد أى دولة فلسطينية لأنها ستشكل «خطرا وجوديا» على إسرائيل. مضيفا أن تل أبيب «ستواصل إصرارها على السيطرة الأمنية الكاملة على جميع الأراضى غرب نهر الأردن، والتى ستشمل غزة والضفة الغربية التى تحتلها إسرائيل».
وتأكيدا على ذلك التجاوز من قبل التكتل الأوروبى لرئيس الحكومة الإسرائيلية أن الخطة التى طرحها الاتحاد الأوروبى تقتضى دعوة لعقد «مؤتمر تحضيرى للسلام» ينظمه الاتحاد الأوروبى ومصر والأردن والسعودية وجامعة الدول العربية، مع دعوة الولايات المتحدة والأمم المتحدة أيضا للمشاركة فى عقد المؤتمر. وسوف يمضى المؤتمر قدما حتى لو رفض الإسرائيليون أو الفلسطينيون المشاركة فيه، لكن الوثيقة تشير إلى أنه سيتم التشاور مع الطرفين فى كل خطوة من المحادثات حيث يسعى المندوبون إلى وضع خطة سلام.
وتوضح الوثيقة الداخلية التى جرى تسريب محتواها للعديد من وسائل الإعلام أن أحد الأهداف الرئيسية لخطة السلام يجب أن يكون إقامة دولة فلسطينية مستقلة «تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل فى سلام وأمن».
***
ما يؤشر على الإجماع الأوروبى على خطة السلام التى طرحها منسق السياسة الخارجية بالتكتل هو موقف كل من ألمانيا والنمسا أكبر داعمين لإسرائيل فى الاتحاد الأوروبى منذ السابع من أكتوبر؛ ففى انتقاد واضح لإسرائيل قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك للصحفيين ردا على رفض نتنياهو: «كل الذين يقولون إنهم لا يريدون أن يسمعوا عن مثل هذا الحل (حل الدولتين) لم يطرحوا أى بديل».
وفيما يتعلق بالموقف النمساوى، يكفى أن نورد العنوان الذى أوردته صحيفة «كورونا» الأوسع انتشارا فى النمسا بشأن تصريحات وزير الخارجية ألكسندر شالنبرج للصحفيين من بروكسل الاثنين الماضى تعليقا على الخطة الأوروبية للسلام، إذ قالت: «شالنبرج يوجه انتقادات لنتنياهو: غزة ملك للفلسطينيين»، ثم نقلت عن الوزير قوله: «حل الدولتين هو العرض الوحيد المطروح على الطاولة.. وهو الطريقة الوحيدة التى يمكن للإسرائيليين والفلسطينيين أن يعيشوا جنبا إلى جنب فى سلام وأمن».
***
فى كل الأحوال وبغض النظر عن النتائج المباشرة للطرح الأوروبى للسلام، إلا أنه يعكس تطورا كبيرا فى الموقف الأوروبى تجاه معاناة الشعب الفلسطينى، ونجاح ذلك التوجه تجاه الأزمة الأكبر فى الشرق الأوسط سيكون مرهونا بالتغييرات التى صارت مرتقبة داخل إسرائيل؛ ذلك أن الكثير من التوقعات حتى التى سبقت عملية 7 أكتوبر تشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية القادمة ستكون من يسار الوسط وستنخرط فى عملية سلام مع الفلسطينيين، وقد تفضى التفاعلات داخل إسرائيل إلى الإطاحة بحكومة نتنياهو والذهاب إلى انتخابات مبكرة.
ويمكنك أن تضيف إلى ذلك ما سوف تسفر عنه الانتخابات الأمريكية المقبلة، وإلى أى مدى يمكن للفصائل الفلسطينية أن تلتقى على كلمة سواء بعد كل هذه الدماء التى سالت وتسيل على «الأرض المقدسة»، وهو التعبير الأثير للرئيس المصرى الراحل محمد نجيب عندما كان يأتى على ذكر فلسطين.

التعليقات