دفاع عن «تقرير» - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 4:31 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دفاع عن «تقرير»

نشر فى : الأحد 24 مارس 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 24 مارس 2013 - 8:00 ص

يليق بنا الدفاع عن عرض فيلم «تقرير»، الذى قيل عنه إنه باكورة إنتاج سينما النهضة، وإنه ينتمى إلى الإخوان المسلمين على نحو ما.. دوافع المطالبة بإطلاق سراح هذا العمل متعددة، فأنْ تتفتح آفاق شباب الإخوان نحو الفن السابع فإن هذا يعنى التحرر، مبدئيا، من الجمود الفكرى الذى يكبل رؤية شرائح من التيارات الإخوانية التى تعادى الفن عموما، وتصب جام كراهيتها المقيتة على التمثيل، سواء على الشاشة أو فوق خشبة المسرح. بعبارة أخرى، يعتبر تحقيق «تقرير»، أيا كان فكره أو مستواه الفنى، خطوة نحو الحداثة.. جانب آخر إيجابى، يتمثل فى تحريك عجلة الإنتاج السينمائى المتعثرة، خاصة إذا كان العمل بداية لأفلام أخرى، أغلب الظن أنها ستتطور، وتغدو أكثر نضجا، حسب صدق الضمير النقدى، الذى عليه أن يبرز إيجابياتها ويلفت النظر إلى سلبياتها.

 

عز الدين دويدار، مخرج «تقرير»، شاهدت له فيلمين قصيرين، أحدهما تسجيلى، بعنوان «الإخوان فى القلب»، يعتمد فيه على لقطات أرشيفية، تتضمن ممارسات الشرطة القمعية ضد الشباب الثائر، ويستيعن بعبارات مكتوبة على الشاشة، توضح ما هو واضح، فمع هراوات العساكر المنهمرة فوق رءوس المتظاهرين نقرأ «قمع وقبضة أمنية»، ثم «ضرب واعتقال».. ويركز الفيلم على دور الإخوان فى الثورة، ويورد، على نحو متسارع، شهادات للدكتور مصطفى الفقى، بلال فضل، عمرو أديب، حول دور الإخوان فى الدفاع عن الميدان، ضد فرسان موقعة الجمل الخائبين.. الفيلم، يوفق فى اختيارات الموسيقى المصاحبة، التى تكثف الإحساس بالخطر، وعنف المواجهات، وعقب إعلان عمر سليمان عن تنحى الرئيس ينطلق صوت المزمار الشعبى، معبرا عن البهجة.

 

أما الفيلم الآخر، الروائى هذه المرة، بعنوان «مات فتيتها لتحيا»، فإنه يكاد يكون مشهدا واحدا، يمتد عدة دقائق، يتمتع بحس سينمائى ينبئ بمخرج قد يكون له شأن فى السينما المصرية.. دويدار، يبدأ عمله بلقطه طويلة لصحراء ممتدة، تتناثر الأشواك على رمالها، ثم لقطات كبيرة، قريبة، لأقدام تسير بثقة، مع موسيقى أقرب للمارشات، لا تخلو من توتر.. ترتفع الكاميرا لترصد شابا، ينضح وجهه بالعزيمة، يمسك لافتة مكتوبا عليها «فداكى يا مصر».. ويظهر شاب ثانٍ، يحمل لافتة تقول «الشعب يريد إسقاط النظام».. وثالث، تعلن لافتته «الشهداء فى قلوبنا».. يتوالى الشباب والشعارات، ويتسلل للمارش ألحان جنائزية، وفى لقطة عامة، يكاد الأفق يمتلئ بشباب، يحمل لافتات، ثم لقطة قريبة للرمال تغرس فيها الخشبات الحاملة للافتات.. وبمهارة، يوقظنا الفيلم حين نرى قطرات دم على الرمال، ثم خيط من الدم يسيل فوق الخشبة الأولى، ثم خيط ثان متعرج، من الخشبة الثانية، والثالثة.. ويستكمل دويدار رؤيته الصادمة بغزارة الدم الذى يصنع قناية تتدفق بالدم، ليكتب باللون الأحمر «الشهداء فى قلوبنا».. إنه فيلم يستحق الترحيب، ويؤكد أن مخرجه، صاحب عين سينمائية.

 

طبعا، لا يمكن الحديث عن «تقرير» طالما لم يعرض بعد، وفيما يبدو أن سبب مشاكله إدارية، روتينية، قبل أن تكون فكرية، فنية، وقد علّمتنا التجارب أن الوقوف إلى جانب المنع، يؤدى إلى أوخم العواقب، فمقصلة المنع، ما إن تبدأ حتى تلقى بقية الأعمال حتفها، تحت حدها.. لذا فثمة ضرورة للدفاع عن عرض «تقرير»، وإذا كان ثمة أخطاء إجرائية، فمن الممكن، والمفيد، تصحيح الأوضاع، بمساندة النقابات الفنية، والرقابة، وكافة الأجهزة، كى يتنسم الفيلم نسيم الحياة.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات