ثرثرة النخبة تخنق الثورة - إبراهيم يسري - بوابة الشروق
الإثنين 20 مايو 2024 4:47 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ثرثرة النخبة تخنق الثورة

نشر فى : الأحد 26 يونيو 2011 - 9:28 ص | آخر تحديث : الأحد 26 يونيو 2011 - 9:28 ص
اكتشف العبدالضعيف كاتب هذه السطور أنه ربما كان قليل العلم ضعيف الفهم سطحى البحث، وذلك بعد نصف قرن فى العمل السياسى الوطنى منذ نعومة أظافرى واعتبارا من أواسط التسعينيات والممارسة القانونية بجوانبها الداخلـية «قانون عام وخاص ــ دستورى ــ إدارى ــ مدنى ــ تجارى» وجوانبها الدولية؛ حيث شرفت بالعمل فى إدارة القانون الدولى والمعاهدات الدولية إلى أن عهد إلى بإدارتها خلفا لعمالقة القانون الدولى مثل عبدالله العريان ونبيل العربى اللذين توليا منصب القضاء فى محكمة العدل الدولية، كما تولى منصبا قضائيا دوليا كرئيس للمحكمة الإدارية لمنظمة الوحدة الأفريقية لمدة ثلاثة أعوام.

فالحقيقة التى أذهلتنى هى ضعف ما لدى من ملكات سياسية وقانونية لأننى لم أستطع أن أفهم أو أسبر غور أسس المناقشات الممتدة فى مكلمة النخب التى نصبت نفسها وصية على الشعب واعتبرته قاصرا عن حكم نفسه.

●●●

ولكى أبدأ فى عرض فكرى المتواضع أسمح لنفسى أن أزيح الستار عن مقترحات سطرتها ووجهتها للمشير طنطاوى يوم 20 فبراير 2011 وسلمت فى مكتبه مع مخصوص، ولا أعلم ما إذا كانت قد عرضت عليه أم نالت عدم القبول، وفيما يلى النص الكامل للرسالة:
فخامة المشير حسين طنطاوى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

أتشرف بتأكيد أننى أشارك كل المواطنين فى الإشادة بموقف الجيش فى حماية الشعب والاستجابة لطلباته ولآماله، وأتشرف بأن أورد فيما يلى تصورى الشخصى لخارطة طريق مقترحة لتوقى فشل الثورة.

ــ للثورة شرعية ثورية تسقط العقد الاجتماعى السابق وتفتح الباب لعقد اجتماعى جديد بموجب بناء دستورى وقانونى جديد بعد تنحى الرئيس وتولى الجيش السلطة، وحتى لا تتبدد الجهود ويضيع الزخم ويقفز المهرولون على الثورة.

ــ عدم طرح تشكيل مجلس رئاسة او حكومة إنقاذ وطنى.

ــ لا حاجة إلى حوار أو تفاوض بين الشباب والقوى السياسية وبين العسكريين لأن أهداف الثورة معروفة ولا خلاف عليها ولا بديل عن تحقيقها، ويتولى الجيش تحقيقها تدريجيا وفق الظروف،
ــ يواصل المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة الدولة ويقوم بإعداد بنود العقد الاجتماعى الجديد ويتخذ الخطوات التالية:

١ ــ إصدار إعلان بإلغاء جميع التعديلات التى أدخلت على دستور 1971 مع الحفاظ على المواطنة وحل مجلسى الشعب والشورى،
٢ ــ إلغاء حالة الطوارئ وكافة القوانين المقيدة للحريات.

٣ ــ السماح بتكوين الأحزاب السياسية بالإخطار (تقدم الإطارات خلال 30 يوما).

٤ ــ إصدار قانون الحقوق السياسية الذى قدمته القوى السياسية وقانون استقلال القضاء الذى أعده نادى القضاة.

٥ ــ تشكيل حكومة تكنوقراط غير مسيسة. (لتصريف الأعمال).

٦ ــ الحرص على أن تتم كل إجراءات إرساء الديمقراطية وإقامة الحكم المدنى عن الشهور الستة التى حددها الجيش تفاديا لميوعة الموقف السياسى وتصاعد الصراعات خارج صندوق الانتخابات.

٧ ــ الإعداد لانتخابات برلمانية لمجلسى الشعب والشورى على أساس القائمة النسبية خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة شهور بعد نقل إدارة الانتخابات لوزارة العدل.

٨ ــ تشكيل حكومة حسب نتيجة الانتخابات بحزب الاغلبية او ائتلاف عدد من الأحزاب تحدد التوجهات السياسية والاجتماعية والثقافية فى إطار توافق وطنى.

٩ ــ ينظر البرلمان فى مشروع الدستور الذى اعده الخبراء الدستوريون ويطرح على الاستفتاء.

١٠ ــ بعد قيام الدستور الجديد تجرى انتخابات رئاسية تعددية تعين الرئيس الجديد.

١١ ــ يتسلم الرئيس الجديد السلطة من رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة.
١٢ ــ تدخل مصر القرن الواحد والعشرين.

كان هذا تصورى المتواضع لآلية الانتقال من حكم ثورى إلى حكم مدنى ديمقراطيا يقوم على المشروعية والحرية والشفافية، وكان دستور 1971 بعد إلغاء 34 تعديلات مباركية وإلغاء فتح مدة الرئاسة إلى ما لا نهاية التى تمت بعلم ورضا الرئيس السادات.

●●●

وكان فى مقدمة أولوياتى الاستجابة لما حدده المجلس العسكرى من مهلة ستة شهور يتم فى نهايتها تسليم الحكم إلى حكومة منتخبة ورئيس للجمهورية يحظى بثقة الشعب، ولم أحاول إخفاء جزعى من إصرار بعض النخب على استمرار الحكم العسكرى لمدد وصلت عامين كاملين، لأن طول البقاء فى السلطة يعقد عملية إقامة الدولة الديمقراطية وربما يعرض البلاد لخطر الانقلابات والفوضى، الأمر الذى تحدث عن خطورته الكتاب الأجانب فى مجلة فورين بوليسى وول ستريت جورنال وغيرها.

ومن الطبيعى ان يستعين المجلس العسكرى الذى فوجئ بتسلم السلطة بجهابذة المستشارين السياسيين والقانونيين الذين نكن لهم كل الاحترام والتقدير فوقعوا فى مصيدة النهج الأكاديمى من جهة وتنازعتهم عوامل خلافات قديمة لانعزالهم عن العمل السياسى لخمسة عقود فلم تحظ العوامل السياسية بجل اهتمامهم، الأمر الذى وضع المجلس فى حالة من التيه الدستورى والسياسى والذى تجسد فى قرارات مثيرة للجدل إلى جانب العدد الأكبر من القرارات الصائبة.

وعندما جرى الاستفتاء على بعض مواد الدستور كنت ممن قالوا لا، ولكن الديمقراطية تعلّمنا أن نعلى رأى الأغلبية. وتم على عجل تشكيل العديد من الأحزاب الجديدة وائتلافات الشباب المتزايدة، وهى ظاهرة ايجابية فى عهد الديمقراطية خاصة إذا تمت الانتخابات بالقائمة النسبية وتحت إشراف قضائى. وكان إقبال 20 مليونا من المواطنين على التصويت علامة لا تقبل الجدل على ان شعب مصر اصبح يملك زمامه بيده ويؤمن بأنه سيحكم نفسه بنفسه.

وكان المتصور انه بعد انتخاب المجلس النيابى انتخابا حرا نزيها فان أولى مسئولياته هى اتخاذ خطوات إعداد دستور جديد للبلاد ولدينا والحمد لله أكثر من مشروع نذكر منها على سبيل المثال دستور 1956 ومشروع الدكتور إبراهيم درويش والأستاذ عصام الاسلامبولى وغيرهما، ولن يتطلب الأمر أكثر من لجنة من الخبراء الدستوريين والسياسيين يشكلها المجلس تعد له مشروعا للدستور خلال مدة وجيزة تتفادى كل سلبيات الدساتير السابقة ويحقق الفصل بين السلطات والتوازن بين مصالح الطبقات المجتمعية ويحقق أكبر قدر ممكن من التأمين الاجتماعى فى دولة تتبع اقتصاد السوق، ثم يناقشه المجلس للاتفاق على شكل الدولة رئاسية ام برلمانية ومدة المجلس وولاية الرئيس وآليات سحب الثقة من الحكومة وإعفاء الرئيس من مهامه وغير ذلك.

لذلك لم أتمتع بملكات تفسير الجدل المثير الذى قد يستدعى العجب حول أيهما أولا انتخابات البرلمان أولا أم الدستور أولا. ولدعوة أولولية الدستور وجاهتها فى كتب الفقه الدستورى الذى يوكله لما يسمى جمعية تأسيسية، ولكن إذا كان الأمر كله للشعب فله ان يوكل البرلمان مهمة اعداد مشروع للدستور الجديد وطرحه على الشعب فى استفتاء حر.

ومما يثير الأسى أن المنادين بالدستور أولا ربما يصدرون ــ بحسن نية أو لضبابية فقهية ــ عن أغرض خفية تحقق إقصاء فصيل سياسى أو إفشال تحالف أو إتاحة فرصة لمحاولة بناء شىء من الشعبية تفتقده وإلا فشلت أحزابهم.

خلاصة الأمر أعود فأناشد النخب أن ترفع وصايتها على الشعب، وأن تترك سفينة الوطن للوصول إلى شاطئ الديمقراطية والحرية.
إبراهيم يسري  محام ومحكم دولي
التعليقات