صلاح نظمى - كمال رمزي - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 7:07 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صلاح نظمى

نشر فى : الثلاثاء 26 يونيو 2012 - 8:45 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 26 يونيو 2012 - 8:45 ص

غدًا، عيد ميلاد صلاح نظمى «24 يونيو 1918 ــ 12 فبراير 1991»، صاحب الحضور المنسى، المظلوم، سواء من الجمهور أو النقاد. شارك فى أكثر من مائتى فيلم، منذ «هذا جناه أبى» لبركات 1945، حتى «بلطية بنت بحرى» لصلاح سرى 1995. وبرغم هذا الكم، لن تجد تفسيرا لظاهرة انتشاره، كما لن تقرأ تقييما لأدائه المختلف، أو على الأقل المتباين، بين هذا الفيلم وذاك.. ربما، لأن أدوار صلاح نظمى الأولى، اتسمت بمزيج من الشر، والاستعداد للتآمر، مع الابتعاد عن رقة العواطف وخفة الروح. ومع توالى التأكيد على هذه الأبعاد، وفى ظل سينما كسولة الإبداع، أصبح الرجل شخصية جاهزة، يكفى أن يظهر مع فريد الأطرش أو عبدالحليم حافظ أو عماد حمدى أو غيرهم من النجوم المحبوبين، كى يدرك المتفرج أنه إزاء غريم البطل، ينازله، بالدسائس، كى يستولى على الحبيبة.

 

هذه الشخصية الجاهزة، بدت كضرورة، فى عشرات الأفلام، كى تنقذ البطلات، من الإدانة الأخلاقية، برغم أن تصرفاتهن، بالمعايير الإنسانية الجادة، تنتزع منهن غلالات الرومانسية، وتقضى على التعاطف معهن..

 

فمثلا، فى «بين الأطلال» لعزالدين ذوالفقار 1959، يخفق قلب منى ــ فاتن حمامة ــ بحب الروائى محمود ــ عماد حمدى ــ لكن تتزوج من رجل آخر، يعمل فى السلك الدبلوماسى، وحين يصاب الروائى، السكران، فى حادث سيارة، تقرر البقاء إلى جانبه، ضاربة، عرض الحائط، بنواهى وحقوق زوجها الذى يضطر لطلاقها.. ولأن الذى يؤدى دور زوجها هو صلاح نظمى، الثقيل، فإن المتفرج لا يرى فداحة ما فعلته تلك الزوجة. وتتكرر هذه الحالة لاحقا، فمع فاتن حمامة أيضا، فى «الخيط الرفيع» لحسين كمال 1971، يغدو صلاح نظمى رجل أعمال ناجح، شريف، صاحب شركة مقاولات لها شأنها، يثق فى زوجته، ويحترم أحد المهندسين الطموحين ــ بأداء محمود ياسين ــ وتنشأ علاقة بين الزوجة والمهندس، مبررها، أن الزوج الجاد، الثقيل، صلاح نظمى ينكب على عمله، وليس عنده الوقت الكافى للاهتمام بالمدللة.. بعد عشرة أعوام من «الخيط الرفيع»، أمسى صلاح نظمى عجوزا فى «الجحيم» لمحمد راضى، فتتجه زوجته ــ بأداء مديحة كامل ــ لإقامة علاقة مع عابر سبيل ــ عادل إمام ــ وتدفعه لقتل زوجها، ولكنه يرفض، فتفتح الغاز لينفجر المكان قبل هروبها، فتموت مع زوجها.

 

أداء صلاح نظمى، إجمالا، يميل للواقعية التى تبلغ أحيانا حد الطبيعية. يبتعد تماما عن الصوت العالى ويتجنب المغالاة فى الانفعالات، ويتميز بقدرته على إبراز تفاصيل البعد الاجتماعى، فى الأنماط التى يؤديها، وآية ذلك تتجلى فى علاقته بالملابس والاكسسوارات، فإذا تأنق وجلس خلف مكتب، ممسكا بسيجار أو بايب، فإنه ثرى، منعم.. وإذا ارتدى الجلباب الصوف، البلدى، بأكمامه الواسعة، ووضع الجبة الكشمير حول كتفيه، وحمل العصا الأبنوس، فإنه المعلم الذى لا يشق له غبار.. وفى «المطارد» لسمير سيف 1984، و«التوت والنبوت» لنيازى مصطفى 1986، ينضم إلى حرافيش حارة نجيب محفوظ. يتعرض لمهانات الفتوات، برغم حالته الميسورة. فى الفيلمين، يلتمع فى عينيه ذلك الإحساس المركب بالغضب المكتوم، والإذعان طلبا للأمان.. وثمة ثلاثة أفلام ظهر فيها على نحو لافت: فى «ثرثرة فوق النيل» لحسين كمال 1971، يؤدى شخصية الأديب خالد عزوز، وبرغم اندماجه فى أجواء العوامة المعبقة بدخان الحشيش، يحاول الاحتفاظ لنفسه ولو بقدر قليل من الوقار. وفى «الأفوكاتو» 1984، يمنحه رأفت الميهى دورا كوميديا ــ ربما لأول وآخر مرة ــ فيجسد شخصية سليم أبوزيد، أحد مراكز القوى، المسجون، الذى لم يتخل عن صلفه وغروره. وفى «شىء من الخوف» لحسين كمال 1969، يقنعنا تماما بأنه درع عتريس، والرجل الثانى فى عصابته.. لا يتحدث كثيرا، لكن تجهم وجهه، وصلابة ملامحه، ورصانة حركته، أمور تؤكد قوته ونزعته الإجرامية. وحين يتخلى عن «عتريس»، يبدو الأخير كمن فقد درعه.. صلاح نظمى، صفحة منسية فى كتاب السينما المصرية.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات