هارفارد.. توقعت ذلك وأكثر! - نادر بكار - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 6:45 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هارفارد.. توقعت ذلك وأكثر!

نشر فى : الثلاثاء 26 يوليه 2016 - 2:15 م | آخر تحديث : الثلاثاء 26 يوليه 2016 - 2:15 م
حصول شاب إسلامى التوجه على درجة علمية رفيعة من أعلى جامعات العالم قدرا ربما يُثبت عند الكثيرين أن الخصومة بين (السلفية) والحداثة هى خصومة متوهمة؛ وأن التعارض بين (القيم الإسلامية المحافظة) وبين التعلم فى الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة هو تعارض فى رءوس ضيقى الأفق ومحدودى التفكير من المعسكرين الإسلامى والعلمانى... لذا كان تشويه هذه الصورة من بداية تكوينها (خبر القبول والالتحاق بهارفارد) وحتى اكتمالها (خبر التخرج) خيارا استراتيجيا عند أنصار (بقاء الوضع على ما هو عليه)!

(١)
لكن الأمر ليس بهذه البساطة... جماهير ليست بالقليلة ممن يلتحق بمسمى (السلفية) فى مصر وخارجها لايزال الحكم السطحى المتسرع عندها هو المنطلق، ولايزال رفض الجديد قبل التفكير فى ماهية هذا الجديد هو القاعدة، ولايزال اتهام (الآخر) هو الأساس، ولايزال احتكار الحق المطلق ورمى المخالف بأقذع الأوصاف هو المنهج المتبع.

(٢)
هل قُبل (نادر بكار) وحده للالتحاق بهذا البرنامج الدراسى أم سبقه وعاصره وسيأتى من بعده مصريون آخرون؟ وهل يمكن أن تثور نفس حملات التشكيك والتخوين والتشويه حول طالب آخر ليبرالى التوجه أو شابة يسارية الهوى أو فلان ابن الوزير أو فلانة قريبة المسئول الكبير؟ هذه النقطة تحديدا هى التى توضح كم (العنصرية) التى تعامل بها أصحاب حملات الاستنكار والتشويه.

والذى لاحظته أن حملات الكراهية لم تكن مرتكزة على طبيعة انتمائى السياسى وتوجهى الفكرى وحسب، وإنما الكثيرون جنحوا بشكل مقزز للحديث ــ ربما دون وعى ــ عن الطبقة الاجتماعية التى أنتمى إليها وطبيعة التعليم الحكومى الأساسى الذى تدرجت فى مدارسه.

من قال إن منطق العائلات والبشاوات والهوانم قد انتهى فى يوليو ١٩٥٢؟ ربما انتهى فقط فى أفلام (رد قلبى) و(الأيدى الناعمة) لكنه لم ينته أبدا فى (الخارجية) و(القضاء) و (الشرطة) وعند أكابر البلد وأبنائهم من رجال الأعمال والإعلاميين وكبار المسئولين.. بعض هؤلاء كان يظن امتلاك كل شىء بين يديه؛ يقيم على أطراف المدينة سكنا وعملا وتعليما لأبنائه... ونفوذه ضارب حتى عمق أفقر حارة فى قلب هذه المدينة التى يؤذيه ترابها وتلوث هوائها وشدة ازدحام شوارعها.

فإذا به يفاجأ أن ابن الطبقة المتوسطة ــ ولا استنكف أن أقول الفقيرة لكنها حقيقة الأشياء ليس أكثر ــ وابن التوجه الفكرى الدينى قد وصل إلى (هارفارد) دفعة واحدة بينما ابناؤه الذين يمرحون على الأرض بأمواله الطائلة إنما يتفاخرون على الناس بـ(الجامعة الأمريكية)... وبين (الجامعة الأمريكية) فى القاهرة وبين (هارفارد) تماما كما بين (الكومباوند) الراقى وحى فقير رقيق الحال من أحياء القاهرة!