أن تكون حمادة طلبة! - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الخميس 2 مايو 2024 9:50 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أن تكون حمادة طلبة!

نشر فى : الأحد 27 مارس 2016 - 10:30 م | آخر تحديث : الأحد 27 مارس 2016 - 10:30 م
مساء يوم الجمعة أخذنا مقاعدنا على «المقهى» – صديقى وسام عبدالفتاح وأنا ــ لمشاهدة مباراة كرة القدم بين منتخب مصر ونظيره النيجيرى. كانت الأجواء رائعة.. فما أعظم المصريين وهم متوحدون تحت علم بلادهم!. بمجرد أن تأكدنا من أن اللاعب حمادة طلبة فى التشكيل الأساسى لمنتخبنا حتى انفرجت أسارير وسام. سألته عن سبب فرحته، رغم أن اللاعب يلعب فى غير مركزه. وأن الأمر فيه مخاطرة كبيرة من المدرب. قال صديقى «إن مشاركة طلبة اليوم فى أول مباراة دولية له وقد اقترب من الخامسة والثلاثين من عمره، لهو خير دليل على أن لكل مجتهد نصيب».

رحت أفكر فى أمر طلبة، وكيف كانت مشاعره وهو يخوض مباراته الدولية الرسمية الأولى وهو فى هذه السن، فلو أنه كان قد دخل المنتخب مع جيله، فبالتأكيد كان سيكون واحدا من رجال حسن شحاتة الأشداء الذى حصلوا على ثلاث بطولات أفريقية متتالية بداية من سنة 2006، وقت أن كان سن طلبة 25 عاما.

طلبة الذى لعب فى أندية بالدرجة الثانية قبل أن ينتقل لنادى الزمالك قبل عدة سنوات. نجح فى أن يغتنم أول فرصة له بعد رحيل اللاعب محمد عبدالشافى ليحل محله. وعلى الرغم من أن مركز عبدالشافى ليس مركز طلبة، إلا أن الأخير أقنع مدربيه المتعاقبين الأجانب والمصريين، بأحقيته فى اللعب أساسيا فى هذا المركز، وأخيرا أقنع مدرب المنتخب الوطنى، الأرجنتينى هيكتور كوبر بالدفع به أساسيا. إن لاعبا بهذه المواصفات هو بلا أدنى شك يملك عزيمة فولاذية يحتاجها الكثير من شبابنا فى هذه الأيام.

إن حمادة طلبة نموذج ممتاز يصلح لأن نفكر فيه مليا بعيدا عن حسابات كرة القدم؛ فالرجل تمسك بحلمه. وسعى بكل ما أوتى من قوة لتحقيقه رغم المصاعب والعقبات التى كانت كفيلة بأن تجعله يدرك وهو مرتاح الضمير أن حلمه صار مستحيلا. لكنه تحلى بأعلى درجات الجد والصبر إلى أن نال مراده ولو بعد حين!

إن حلم أى لاعب لكرة القدم فى أى بلد فى الدنيا هو تمثيل منتخب بلاده فى البطولات الدولية، وكان هذا بالضبط هو هدف طلبة وحلمه الأكبر، الذى حافظ عليه طيلة السنوات الماضية من حياته. وقد أدركت جوارحه ــ وربما عقله الباطن ــ أن «الحفاظ على الهدف» هو واحد من مبادئ الحرب الحديثة، التى قد تشنها على الخصوم فى المعارك الحربية، أو على ذاتك فى معركة تأكيد الوجود وتحقيق الأمانى والأحلام الكبرى فى الحياة.

لقد وضع طلبة هدف انضمامه لمنتحب مصر قبل أن يعتزل الكرة نصب عينيه. فلم يقع فريسة لليأس والقنوط والإحباط. لم يستسلم لهذه المشاعر السلبية التى يركن إليها معظم شبابنا تحت وطأة الظروف. آمن الرجل بأنه لكى تحقق حلمك عليك أن تبتعد عن هؤلاء الحمقى الذين لا يملكون الصبر ويريدون الحصول على نتائج فورية وسريعة، فلا يستطيعون الرؤية أبعد من مستوى أنوفهم.

إن أهم ما يميز المثابرين من أصحاب الأحلام والأهداف الكبرى فى الحياة عن غيرهم أنهم «استراتيجيون» بطبيعتهم. لديهم مقدرة عالية على النظر لأبعد مدى. لا يغرقون فى تفاصيل النظر تحت الأقدام كما يفعل أولئك المحبطون دوما. إن هؤلاء الناجحين فى حياتهم يتذكرون على الدوام أهدافهم الكبرى، ولا يتعجلون الوصول إليها؛ فيعرف الواحد منهم متى يقاتل ومتى يمشى مبتعدا. وكل شىء يقدم عليه لابد وأن يكون بحساب ومقدار.

وفى الأخير أُذكّر كل شابة وشاب بالحكمة الاستراتيجية العظيمة التى تقول: «إذا ما كنت ترغب أو تريد تحقيق أى شىء؛ فعليك أن تكون مستعدا وقادرا على القتال من أجله»، كما فعل حمادة طلبة.

kaboubakr@shorouknews.com
التعليقات