ماجدة.. نافذة ضياء - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 10:06 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ماجدة.. نافذة ضياء

نشر فى : السبت 28 مارس 2015 - 11:40 ص | آخر تحديث : السبت 28 مارس 2015 - 11:40 ص

«أين عمرى»، فتح الطريق أمام تيارات مختلفة، أنعشت السينما المصرية، فلأول مرة يجرى الالتفات إلى روايات إحسان عبدالقدوس، الذى أصبح إحدى أيقونات عالم الأطياف، متجاوزا، من الناحية الكمية، عدد الأفلام المعتمدة على أعمال نجيب محفوظ.. صحيح، ظهر اسم إحسان عبدالقدوس، على الشاشة الفضية، فى «الله معنا» لأحمد بدرخان ١٩٥٥، قبل عام واحد من عرض «أين عمرى»، لكن «الله معنا»، اعتمد أصلا على تحقيقات صحفية قام بها إحسان، فى بداية الخمسينيات، ونشرها فى «روزاليوسف».

هنا، من الإنصاف ذكر اسم «ماجدة» التى قررت، بعقل يقظ وإحساس سليم، أن تكون رواية «أين عمرى» باكورة إنتاج شركتها، وهى تستكمل اختيارها الموفق بإسناد كتابة السيناريو لواحد من الأساتذة الكبار، ذوى المكانة الرفيعة، على الزرقانى.. وقام مخرجها الأثير، أحمد ضياء الدين، الذى أنجز معها سبعة أفلام، بتحقيق الفيلم.

البنت المصرية «علية»، بأداء ماجدة، جاءت مختلفة، إن لم تكن مناقضة، للشخصيات التى جسدتها من قبل، حيث كانت، مثل معظم نجماتنا البريئات، فى ذلك الزمان، باكية، مظلومة، كسيرة القلب، هزيلة الإرادة، تشتكى ولا تواجه، ألعوبة فى يد الأشرار.. ماجدة، بوجهها المتسامح، وصوتها المتهدج، المتقطع، نجحت فى أدوار البنت المغلوبة على أمرها، التى تذعن لأوامر الآخرين.

لكن، فى «أين عمرى»، تفاجئنا، بطباع جديدة، تواجه، تتمرد، تثور، تختار، تصر، تطرح السؤال عن سنوات عمرها التى ضاعت فى ظل مجتمع لا يرحم، يتمثل فى «أم» قاسية، ثم زوج عجوز شرس، وقر فى ظنه أنها من ممتلكاته الخاصة، مثل العزبة، والحصان الجامح، الذى يروضه بالكرباج.

اسم «علية»، ظل لفترة طويلة، متداولا بين الناس، يشير إلى نوع من البنات المطالبات بحريتهن، ويعبر، فى ذات الوقت، عن الآمال المتأججة، فى سنوات ما بعد ثورة يوليو، حين بدت الآفاق واسعة، مع افتتاح مئات من مدارس البنات، وتشجيع انخراطهم فى الجامعات، والوعود المتلألئة بدخولهن سوق العمل.

جاء «أين عمرى» استجابة إيجابية لواقع جديد يتشكل، أدركته ماجدة على نحو ما، وانتبهت له السينما المصرية، فكان من المنطقى ظهور نجمات من نوع جديد، يجسدن شخصيات تعتبر امتدادا لـ«علية».. فى السنوات التالية، تستطع لبنى عبدالعزيز، فتقدم، فيما تقدمه «أمينة»، بطلة «أنا حرة» لصلاح أبوسيف ١٩٥٩، عن رواية لإحسان عبدالقدوس.

«أمينة»، بمثابة الشقيقة الصغرى لـ«علية»، تستوعب تجربة أختها، وتسير قدما للأمام.

«علية» طرحت السؤال القلق، والمقلق «أين عمرى»، ويتضمن السؤال عن الطريق للمستقبل، وكيف تعيش حياتها.. «أمينة»، بأداء قوى، مقتصد، تجيب: عن طريق العلم، فى جوهره الحرية من أغلال الجهل.. فها هى تدرس، بجدية، فى الجامعة.. ثم بالعمل، ذلك الفعل العظيم الذى يحرر المرأة من هيمنة الآخرين. السلطة، تصبح فى يد الفتاة المتعلمة، التى تعمل.

وأخيرا، قمة الحرية، حين تنضم «أمينة» إلى صفوف المدافعين عن حرية وعدالة الوطن. إنها خطوات، ربما كان من الصعب أن تنطلق، لولا بطلة «أين عمرى» التى فتحت الباب.

ماجدة، فى خطوة تحسب لها، وللسينما المصرية، تنتج فيلمها الملحمى «جميلة» ليوسف شاهين ١٩٥٨، الذى يعد، فى بعد من أبعاده، أنشودة للفتاة العربية، حين تصبح قضية وطنها، هى قضيتها الخاصة، وتثبت أنها صاحبة إرادة من فولاذ.. «جميلة» وجدت الإجابة على سؤال شقيقتها المصرية «علية» حين صرخت «أين عمرى».

أخيرا، صدرت «مذكرات ماجدة الصباحى» التى أملتها على الصحفى، السيد الحرانى، الأمر المهم، الذى يستلزم وقفة خاصة.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات