3 يوليو.. والمصير الحرج لثورة يناير - محيا زيتون - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 2:34 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

3 يوليو.. والمصير الحرج لثورة يناير

نشر فى : الإثنين 29 يوليه 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 29 يوليه 2013 - 8:00 ص

رغم أخطاء متعددة فى ظل رئاسة مرسى، إلا أن عزل أول رئيس مصرى مدنى منتخب، يعد إجراء يجهض المشروعية والديمقراطية الوليدة. والقلق بشأن مستقبل مصر ليس بالدرجة الأولى عزل مرسى عنوة، ولكن ما صاحب ذلك وسيظل يصاحبه من تأثيرات قد تصل إلى درجة عالية من التعقيد. فالنتيجة المباشرة للانقلاب، تفاقم وتعميق الاستقطاب داخل المجتمع المصرى، بين طرفين، أولهما سعى لإزاحة الرئيس المنتخب من الحكم لاعتقادهم بفشله فى إدارة الدولة خلال السنة الأولى، وساهم هذا الطرف فى تشكيل غطاء سياسى وشعبى لانقلاب 3 يوليو، الذى قاده وزير الدفاع فى حكومة مرسى. أما الطرف الآخر، فيتمسك بشرعية الرئيس المنتخب، ويشعر بأن ظلما فادحا وقع عليه، وأن الانقلاب العسكرى كان بغرض إقصاء هذا الفريق من العملية السياسية برمتها، وليس مجرد تدخل لفض الاشتباك.

ازداد هذا الشعور حدة لدى الفريق الأخير بسبب الإجراءات القمعية التى أعقبت الانقلاب، من احتجاز الرئيس المعزول، وغلق القنوات الفضائية، وتحوّل الإعلام الرسمى إلى إعلام أنظمة ديكتاتورية يتحدث بصوت واحد موال لمن انتزعوا السلطة. حتى البيان المتزن العاقل للدكتور حسن الشافعى، لكسر الجمود وبدء المصالحة، منعت بثه جميع القنوات التليفزيونية المصرية، وبثته قناة الجزيرة! علاوة على حملة الاعتقالات، والمنع من السفر، وتجميد الأموال، واختلاق تهم لا يعلم أحد حقيقة ملابساتها، ولماذا ظهرت فقط بعد الانقلاب؟ وأعدّ هذه التُهم للتحقيق نائب عام جديد عيّنه رئيس مؤقت، معيّن بدوره بواسطة قائد 3يوليو. وتعامى المعارضون المتمردون عن كل هذه الأمور، التى كانت سببا رئيسيا للمعركة بينهم وبين مرسى، على خلفية تعيين طلعت عبدالله نائبا عاما!!

●●●

أعقب الانقلاب، أمور لا تثير الحزن والأسى فقط بل والاشمئزاز أيضا. فتصاعدت للمرة الأولى منذ ثورة يناير تيارات من النفاق والرياء ولىّ عنق الحقائق، من جانب كتاب وإعلاميين. وبلغت إجراءات القمع ذروتها بالمجزرة البشعة لمؤيدى مرسى أمام الحرس الجمهورى. وشهد الكثير من وسائل الإعلام العالمية، التى لا يمكن الادعاء بانحيازها للإخوان، بأن أكثر من 51 مدنيا مصريا قُتلوا بنيران القوات المسلحة والشرطة. استعانت هذه الوسائل العالمية بأدلة موضوعية عديدة، فيما انشغل كبار الإعلاميين والسياسيين بتحليلات عقيمة، فى محاولة لقلب ما حدث، ليتحمّل الضحايا مسئولية المجزرة! وطالبت جبهة «الإنقاذ» باستحياء إجراء تحقيق مستقل فى الواقعة. وأتساءل: يا من كنتم تثورون ثورة عارمة، حتى لأتفه الأسباب، كيف يمكن ضمان نزاهة التحقيق فى ظل الظروف الراهنة، حيث الضحايا من مؤيدى مرسى الذى انقلبت عليه قيادات الجيش والشرطة؟!

الانحياز لفريق من المصريين على حساب الآخر، يذهب تأثيره أبعد من الاستقطاب الراهن، إلى مخاوف بشأن نزاهة أية انتخابات مقبلة. فأجهزة الشرطة والجيش هما اللذان يوفران الحماية للانتخابات، كيف تتوافر حماية نزيهة إذن بينما قيادات هذين الجهازين ينحازان، صراحة أو ضمنا، ضد أكبر فصيل سياسى فى مصر؟ ولطالما اتّهمَت جبهة الإنقاذ الرئيس المنتخب لعدم وجود حكومة ترأسها شخصية وطنية مستقلة. وإذا بما كان باطلا بالأمس، يصبح مشروعا بعد الوصول للسلطة. فرئيس الحكومة ونائباه ينتمون إلى الجبهة. ويا للغرابة! هل خلت مصر من شخصية وطنية مستقلة لتتولى رئاسة الوزراء ونحن مقبلون على انتخابات عدة؟ أم هو توزيع للمناصب على من شاركوا أو وفروا غطاء مناسبا لانقلاب 3يوليو، وخلق مناصب جديدة فى ظل إرادة منفردة وغياب لدستور2012.

●●●

أعتقد أن 3 يوليو، ليس فقط انقلابا على رئيس منتخب لم يكمل سوى ربع مدته الدستورية، وإنما قد يتطور إلى انقلاب على مبادئ ثورة 25 يناير، خصوصا ما يتعلق منها بالديمقراطية وحرية التعبير، ولنتأمّل الإشارات السريعة التالية:

ــ أحد أهم مبادئ ثورة يناير أن تكون مصر دولة مدنية لا دينية ولا عسكرية. وهناك توجس أن تتحول مصر تدريجيا إلى دولة عسكرية. وتولى وزير الدفاع فى حكومة ما بعد الانقلاب منصب نائب أول لرئيس الوزراء، ربما يكون خطوة أولى نحو هذا التحول.

ــ تمّ التدبير لهذا الانقلاب بخبرة وإتقان شديدين، كما أن الإعداد له ربما بدأ مبكرا منذ نجاح ثورة يناير، أو منذ تولى مرسى الحكم. وهذا المستوى من المهنية قد لا يتوافر إلا لأجهزة متمرسة على التخطيط والترويج المحكم.

ــ بينما ثورة يناير لم يكن لها رأس مدبر، ما ساهم فى تشرذمها، يوجد رأس مدبر لانقلاب 3 يوليو، وهو ليس شخصية عادية، وإنما عسكرى محنّك، تولى منصبا كبيرا وخطيرا كرئيس للمخابرات العسكرية فى حكم مبارك.

ــ قائد 3 يوليو كان عضوا فى المجلس العسكرى الذى فرّط كثيرا فى اتخاذ إجراءات ثورية استجابة لمطالب ثورة يناير، رغم التفاف جميع المصريين حولها. وتخاذل عن تطهير أجهزة الدولة خصوصا الأمن والقضاء والإعلام. هذا فى حين طُبقت إجراءات استثنائية فورية بناء على شرعية الانقلاب، الذى لم يناصره سوى فريق من الشعب المصرى شكّل حشدا كبيرا نتيجة لتحالفه مع أنصار الثورة المضادة، فى ظل حملات إعلامية ممنهجة وغير مسبوقة ضد الإخوان.

●●●

وأخيرا ليس هناك أمل فى تمتع مصر بديمقراطية حقيقية وتقدم ورقىّ، دون الحفاظ على مكتسبات ثورة 25 يناير واستكمال أهدافها، والوقوف صفا واحدا دون إقصاء ضد محاولات الثورة المضادة تمزيق أوصال ثورة يناير والعودة بنا إلى الوراء. ويتطلب ذلك بداهة إلغاء كل الإجراءات الاستثنائية التى اتخذت حتى الآن، والبدء فورا فى مصالحة وطنية تشمل جميع الأطراف، جوهرها دولة مدنية لاعسكرية ولا دينية.

 

أستاذة الاقتصاد بجامعة الأزهر

محيا زيتون  استاذ الاقتصاد بجامعة الازهر
التعليقات