مأزق.. بنتين من مصر - كمال رمزي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 3:09 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مأزق.. بنتين من مصر

نشر فى : الأربعاء 30 يونيو 2010 - 9:39 ص | آخر تحديث : الأربعاء 30 يونيو 2010 - 9:39 ص

 حنان، بطلة الفيلم، مثل قطاع واسع من البنات المصريات، تتعلق بخيوط الأمل تارة، وتتداعى فى هاوية اليأس تارة. سارت، بخطوات جادة، واثقة، إلى منتصف حياتها المتواضعة لتغدو أمينة مكتبة فى الجامعة. لكن التعثر أخذ يحيط بالنصف الثانى من حياتها.. كاتب السيناريو، المخرج، محمد أمين، حدد معالم شخصيتهاـــ مظهرا ومخبراــــ فبدت مفهومة، واضحة. وبإبداع خاص ومتميز من «زينة»، بأدائها المرهف، المقتصد، المعتمد على الصدق الداخلى، الذى تعبر عنه باللفتة، والنظرة، ازداد حضور «حنان» رسوخا، وتضاعفت قوة تأثيرها.

«حنان»، فتاة الأسرة المتوسطة، تعبر فى أفكارها وسلوكها عن فضائل تلك الطبقة: الإيمان بالعلم والعمل، وهو ما حققته فعلا. الإحساس الصارم بالمسئولية والتضحية فى سبيل الأهل والإخوة، وهو ما يتوفر فى بطلتنا، فهى تحنو على الجميع ويذوب قلبها ألما حين ترى شقيقها، الذى لا يجد عملا، يمسح الشقة.

هنا، تتجلى إحدى التفصيلات الإنسانية الجميلة والدقيقة فى الفيلم. إنها تدرك، بعيون منزعجة، مدى شعوره بالهوان، لأنه يعيش عالة عليها، فتنزع منه الممسحة لتكمل ما بدأه.. وهى، أخلاقيا، ترفض العلاقات خارج مؤسسة الزواج، ولكن أمنية تكوين أسرة تبدو بعيدة المنال، لأسباب اقتصادية ظالمة، تحاصر زملاء جيلها.

وعلى طول الفيلم، تجسد «زينة» معنى الانكسار حين تتوالى تنازلاتها فى الشروط التى تطلب توفرها فى العريس الغائب. ومن ناحية ثانية، تعبر عن التغيرات النفسية بداخلها، فى موقفين يصيغهما محمد أمين ببراعة، بعد نظراتها الرقيقة، تجاه شاب وشابة متحابين فى المكتبة، تغضب وتثور ضدهما، وتكاد تطردهما من المكان.

إلى جانب «حنان»، ثمة «داليا»، صديقتها وقريبتها، بأداء موفق من «صبا مبارك» التى تعد مكسبا كبيرا للسينما المصرية: طيبة، لا تختلف فى قيمها وسلوكها عن «حنان»، كلتاهما تعانيان من ظروف شديدة القسوة فى إطار نظام يضيق ذرعا بأبنائه إن لم يكن يكرههم، وبالتالى يغدو «مطار القاهرة» ــ بالطائرة التى تحمل المرء بعيدا عن الوطن ــ هو طوق النجاة، سواء بالنسبة للمهندس الزراعى الشريف، طارق لطفى، المهدد بالسجن، أو بالشابين اللذين يأملان فى حياة كريمة، خارج بلادهما.

مشكلة الفيلم الوحيدة تكمن فى تلك الاستطرادات الطويلة التى تتابع قصصا جانبية، مثل العلاقة بين «داليا» وأحد الشباب خلال «النت»، بالإضافة لتلك المواقف المتكررة التى لا تضيف جديدا، مثل جلسات الفضفضة النفسية التى تعقدها الطبيبة، نهال عنبر.. إن الفيلم يبدو كما لو أنه يجرى وراء عدة أرانب فى وقت واحد. لكن يبقى له رصده الواعى لمأزق بنتين من مصر، تستحقان حياة كريمة، سعيدة، لا تتحقق، ومصيرا يختلف عن تلك النهاية التى يمتزج فيها احتجاج المخرج بأسى البطلتين: البنتان تجلسان فى المطار بجانب بعضهما، منكسرتان، تنتظران ذلك العريس الذى سيغادر مصر، لعله يختار إحداهما.. إنه فيلم مهم.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات