اللي بنى مصر (9).. سليمان باشا الفرنساوي: رائد تدريس العلوم العسكرية بمصر - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 3:11 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اللي بنى مصر (9).. سليمان باشا الفرنساوي: رائد تدريس العلوم العسكرية بمصر

محمد حسين:
نشر في: الجمعة 31 مارس 2023 - 2:28 م | آخر تحديث: الجمعة 31 مارس 2023 - 2:28 م

بتاريخ حضارتها الممتد لآلاف السنين، واحتضانها وتفاعلها مع الثقافات المحيطة الأخرى، أصبحت مصر أشبه بلوحة فنية بديعة من مكونات عمرانية وعادات أصبحت تشكل تراثا ثريا وأصيلا، وراء ذلك عقول بشرية صنعته؛ ليكون من الجدير بها أن يطلق عليها لقب "اللي بنى مصر".

وتحت هذا العنوان، سنعرض في حلقات مسلسلة بعض ملامح سيرة من شكلوا لمصر وجهها الحضاري العظيم، وتراثها الملهم، على مدار أيام شهر رمضان المبارك، للعام الثاني على التوالي.

الحلقة التاسعة..
مع اقتراب احتفالات انتصارات العاشر من رمضان، الذي جسّد فيه الجيش المصري بسالة وإرادة منقطعة النظير، جيث كان في عبور جنوده لقناة لسويس عبوراً للهزيمة ومراتها، وكان إسقاطهم لخط بارليف إسقاط لغطرسة العدو ودعايته الزائفة.

وبالحديث عن بناة مصر، والذي يعد اجيش جزء أصيل من بنائها، نتعرض لسيرة "سليمان باشا الفرنساوي"، أحد بناة الجيش المصري في العصر الحديث، والذي كان بخلفيته الأوربية حريص على أن ينقل صورة متطورة في تنظيم تلك المؤسسة وتدريب أفرادها بصورة تمكنّهم من مجاراة القوى العسكرية في عصر لم تعد تنتسبه الرماح ولا الخيول.

* الحملة الفرنسية ميلاد الفكرة
البداية كانت عندما جاء لمصر سنة 1819 ومعه كتاب توصية، فأحسن محمد علي باشا مقابلته وكلفه بالبحث في جهات السودان عن معادن فحم الحجر، ولكنه لم يعثر على شيء منه فعاد إلى القاهرة، واتفق وصوله إليها يوم الاحتفال بغلبة الجنود المصرية على الوهابية.

وكان محمد علي باشا لحسن نظره واهتمامه في تأييد دولته ما زال يفكر في سبيل يوسع به ملكه، وتوسيع الملك لا يكون إلا بتعزيز الجند، والجند لا يقوم إلا بالنظام، وكان قد شاهد الجنود الفرنساوية بمصر وأعجبه نظامها، وهو النظام الذي وضعه بونابرت وتمكن به من التغلب على معظم دول الأرض.

وكان الجنود المصريون إلى ذلك العهد لا يزالون على النمط القديم، لا يعرفون الخطوط ولا المربعات ولا ما شاكل ذلك من النظامات العسكرية، بل كانوا عبارة عن فرق أو وجاقات وفيهم الأرناءوط والإنكشارية والمغاربة ونحوهم، ولكل من هذه الفرق قائد، فإذا نزلوا ساحة الوغى ركب كلٌّ جواده واستلَّ حسامه أو بندقيته أو رمحه وهجم على ما يترائى له، حسبما ذكر المفكر جورجي زيدان في كتابه "تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر".

*مدارس عسكرية لمختلف الأسلحة

وعن رحلته المهنية في تنظيم الجيش المصري، يواصل زيدان بكتابه "فرأى محمد علي باشا أن يجعل جنده نظاميًّا، ففاوض الكولونيل سيف (سليمان باشا) بالأمر فرغَّبه فيه، فعهد إليه تأليف الجند على هذه الصورة وتدريبه على الحركات العسكرية، فشق ذلك على جماعة الأرناءوط وغيرهم؛ لأن ذلك النظام في اعتبارهم بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، فلم يقبلوا الإذعان ونفروا وتمردوا وتجمهروا حول القلعة يطلبون الرفق بهم، فرأى محمد علي أن يعاملهم بالحسنى، فأجاب ملتمسهم وأغضى عن تعليمهم، ولكنه رأى أن يُدخل ذلك النظام بين جماعة الوطنيين لقربهم من الإذعان.

أنشأ مدرسة حربية قرب المطرية تُعلَّم فيها اللغات والحركات العسكرية، وجعل سراي مراد بك بالجيزة مدرسة للفرسان، وأنشأ مدرسة للطوبجية، ثم أنشأ في القاهرة معامل لسكب المدافع واصطناع سائر حاجيات الجند، وعهد بذلك كله إلى الكولونيل سيف وكان قد أسلم وسمى نفسه سليمان، فصار يُعرف باسم سليمان بك الفرنساوي، وأحبه المصريون وأذعنوا له، فنظم جندًا نظاميًّا بلغ عدده 25000 جندي كانوا له عونًا في حروبه بالمورة والشام وغيرهما".

* لا نأكل إلا مثل أكل الجنود

وعن وصفه الجسدي وطباعه، يقول زيدان: "ممتلئ الجسد، قوي العضل، شديد التعلق بالجندية، وكان عنيدًا مع ميل إلى خشونة المعيشة العسكرية، ومما يُروى عنه من هذا القبيل أن عباس باشا الأول رغب إليه مرة أن يخرج بتلامذة الحربية إلى النزهة ففعل، فلما كان وقت الغذاء أرسل إليه عباس باشا طعامًا شهيًّا متقنًا فرفضه، وقال لحامله: «سحقًا لهذا الغذاء، ألا يعلم عباس باشا أننا جنود لا نأكل إلا مثل أكل الجنود!» وأصر على إرجاع الطعام بالرغم عن تقدم نجل عباس باشا إليه في قبوله".

اقرأ أيضا

اللي بنى مصر (8).. نجيب المستكاوي.. مبتكر صفحة الرياضة في الصحافة المصرية



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك