تثبتوا يرحمكم الله - نادر بكار - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 5:38 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تثبتوا يرحمكم الله

نشر فى : الجمعة 1 مارس 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 1 مارس 2013 - 8:00 ص

إغفالُ التثبت عند تناول أخبار الخصوم والمنافسين يأتى نتيجة طبيعية إمَّا للاستهانة بشأن الأعراض أو بدافع الحقد والعداوة؛ وللأسف يأبى البعض كلما أزف موعد جولةٍ انتخابية إلا أن يمارس هوايته الرذيلة فى بث أخبارٍ تالفة والترويج لشائعات متهافتة لا يرجو من وراء ذلك إلا إرهاب منافسيه وإسكات معارضيه ولو كان ذلك بالتحريف والتزييف.. ويزداد الأمر خطورة كلما خرج من قاماتٍ علمية أو دعوية كبيرة؛ ما اكتسبت احترام الناس لها إلا لطهر الثوب الذى تتسربل به.. ثوب الشريعة بأخلاقها؛ وآدابها؛ ومبادئها التى من جملتها.. التثبت.

 

حوارٌ ٌ متلفز ٌ أجريته منذ ثلاثة أيام لم يرَ فيه «العقلاء» إلا ممارسة لدور المعارضة «الشريفة» التى رأت من السلطة «إساءة» فعمدت إلى تقويمها.. وكنت أسرد تجارب دولٍ سبقتنا على المضمار واستطاعت مواجهة كل تحدٍ عرض فى طريقها؛ ثم نصحت بضرورة جمع المصريين على مشاريع قومية عملاقة ستقلل بالتأكيد من حجم الاحتقان وتعالج حالة افتقاد الهدف المشترك التى نعيشها؛ وضربت مثالا على ذلك بجمع «عبد الناصر» للمصريين على مشروع السد العالى.. فتلقف المشوهون هذه الكلمات التى تقبلها «العقلاء» بقبولٍ حسن ٍ؛ وعمدوا إلى تحريفها وتحميلها فوق ما تحتمل حتى انتهى بهم المطاف إلى كذبٍ صُراح!

 

ظننت أن الأمر يكفى فيه التنويه ونشر مقطع الفيديو لتنتهى المشكلة؛ لكن كتيبة التشويه تأبى إلا أن تنشر عنى مدحا لـ«عبد الناصر» لم أعرج عليه ولو للحظة؛ وأخذت تنهال على شتائم ــ قد سامحت فيها وعفوت ــ لأنى جرؤت وانتقدت بطء الرئيس وارتباك مؤسسته ونسبت إلى مقارنة لم اتطرق إليها بين العهدين الناصرى والمرسوى!

 

أصل أصول التثبت أن يكف المرء لسانه عن نقل كل ما يسمع «كفى بالمرء كذبا أن يحدِّث بكلّ ما سمع» إما لأن ما يسمعه يختلط فيه الصدق بالكذب بالمرسل؛ أو لأنه أثناء تأديته قد يبالغ أو يهون فيكون قد نقل خلاف الواقع أى ببساطة.. كذب.

 

تأمل كيف سمع النبى، صلى الله عليه وسلم، بنفسه من سعد بن عبادة ما اعتمل فى نفوس الأنصار من وجدٍ عليه، وسعد يومئذٍ سيدٌ فى قومه يفهمهم جيدا، ومع ذلك دعاهم صلى الله عليه وسلم وبدأ حديثه بالتثبت منهم قائلا: «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، مَقَالَةٌ بَلَغَتْنِى عَنْكُمْ، وَوَجْدَةٌ وَجَدْتُمُوهَا فِى أَنْفُسِكُمْ؟».

 

ولقد هممت أن يكون تناولى لـ«التثبت» كعنصرٍ من عناصر ثقافتنا مرتكزا فقط على التذكير بأبجديات علم مصطلح الحديث لا سيما المتعلق منها بصفات الراوى مقبول الرواية.. غير أنى لمَّا أمعنت النظر فى ما قاساه الإسلاميون على مدار عقودٍ من غياب التثبت فى نقل الأخبار عنهم، وما ترتب على ذلك من صورةٍ مشوهةٍ علقت فى أذهان الكثيرين عنهم، وجدته كافيا وزيادة لنكون أحرص الناس على تجنب ظلمٍ وخوضٍ فى الأعراض بالباطل تورط فيه غيرنا.