فوز مرسى.. الفرح الحزين - فاطمة رمضان - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 12:18 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فوز مرسى.. الفرح الحزين

نشر فى : الثلاثاء 3 يوليه 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 3 يوليه 2012 - 8:00 ص

فى الحقيقة رغم انتظارى ككل المصريين لنتيجة انتخابات الرئاسة فى مرحلتها الثانية، والتى وجدنا فيها أنفسنا بين شبح عودة النظام القديم، نظام حسنى مبارك بما فيه من قبح خصوصا مع خروج خفافيش الحزب الوطنى والتى كانت قد اختفت لفترة، بعد تنحية حسنى مبارك ثم بدأت تطل علينا ببجاحة لكى تقول لنا جميعا نحن ما زلنا موجودين وقادرين على الفعل رغم الدم الذى سفك، والشهداء الذين ماتوا راضين شريطة أن تكون أرواحهم ثمن لحياة جديدة لمصر والمصريين، وبين مرشح إسلامى من الإخوان المسلمين بأخطائهم التى رأيناها رأى العين فى الفترة التى كانوا فيها أغلبية بمجلس الشعب ــ إلا أننى رغم إحساسى بالارتياح لعدم نجاح مرشح الفلول شفيق، فإننى لم أستطع أن أبتسم. عندما أعلنت اللجنة العليا للانتخابات النتيجة التى توقعتها رغم كل البروباجاندا التى حدثت فى الأيام الأخيرة من انتشار قوات الأمن، وتخويف الشعب المصرى من الفوضى والحروب الأهلية التى من الممكن أن تحدث بين الطرفين مشجعى مرسى ومشجعى شفيق، وكأن المعركة انتقلت من خانة الثورة والثورة المضادة، إلى خانة الإخوان والعسكر ــ وتذكرت اليوم الذى أزيح فيه حسنى مبارك وأتى مكانه المجلس العسكرى، فيومها سعدت بإزاحة مبارك، ولكنى بكيت كلما كلمنى أحد من أقربائى أو أصدقائى أو زملائى فى العمل ممن يعلمون أننى كنت معتصمة بالتحرير تقريبا طيلة الـ18 يوما لكى يهنئونى بالانتصار فى الإطاحة بالديكتاتور الذى لم يتصور أحد منا أنه من الممكن أن يأتى اليوم ولا نجده يمكث على صدورنا جميعا، وكان ردى عليهم هو «عسكر تانى».

 

●●●

 

ارتياحى لعدة أسباب وهى:

 

1ــ هزيمة الثورة المضادة، وقطع الطريق على عودة أذناب الحزب الوطنى والفاسدين.

 

2ــ عودة الروح المعنوية العالية لمعسكر الثورة، وهذه الروح التى أحسستها صباح يوم الإثنين 18 يونيو عندما بدأت تظهر نتائج ومؤشرات أولية بتفوق مرسى على شفيق، وهى الروح التى ذهبت إلى عملى فوجدتها فى وسط زملائى من معسكر الثورة، ووجدت الوجوم والاكفهرار على وجوه زملائى من مشجعى شفيق.

 

3ــ انفضاض الحشد الكبير فى مدينة نصر صبيحة الإعلان الرسمى للنتيجة، والذى اعتقد أنه كان جزء من استعراض القوة من جانب المجلس العسكرى والثورة المضادة (والتى لا استبعد أن يكون فيه نسبة كبيرة من المأجورين، أو من المجندين الذين يلبسون الزى المدنى) للوصول مع الإخوان لتوافق ما قبل إعلان النتيجة ولسان حالهم يقول بأنكم إذا كنتم تهددوننا بالشعبية والجماهير فلدينا شعبية وجماهير.

 

4ــ عندما رأيت مئات الآلاف سعداء ويحتفلون فى الشوارع بفوزهم على الثورة المضادة، وعندما سمعت من أحد الشباب وأنا بالقرب من ميدان التحرير يقول بأن هذه أول مرة نحتفل مثل هذا الأحتفال الكبير بشىء بخلاف مباريات كرة القدم.

 

●●●

 

حزنت ولم أستطع أن أبتسم، فسرت فى وسط الجموع المبتهجة وأنا فى الغالب مكفهرة الوجه، فسألنى أحد الجالسين بجانب فرن بقصر العينى ــ ربما يعرفنى وأمر من أمامه كثيرا، وربما تناقشت معه ضمن مناقشاتى فى الشارع عن الانتخابات ولمن سأعطى صوتى، فكانت إجابتى فى المرة الأولى لخالد على وفى المرة الثانية لمرسى (رغم اعتراضى على سياسات الإخوان) ــ فبادرنى بالقول مبروك فوز مرسى، هو أنتى مش فرحانة، فقلت له فرحانة، فسألنى أمال ما بتضحكيش ليه؟

 

وفى الحقيقة أن ما حدث معى أثناء سيرى فى شارع قصر العينى وصولا للتحرير قد أحزننى، فأنا السيدة غير المحجبة وأنا أسير فى وسط الجموع المحتفلة، والتى تصنفنى على أنى قبطية (فى الغالب)، وبالطبع بما أننى قبطية فإننى من أنصار شفيق، فكنت أرى فى العيون والسلوك تساؤلات وأحاسيس تبدأ من التساؤل لماذا أتيت معنا هنا؟، وصولا للاحساس بالتشفى، وهذا الإحساس أوجعنى جدا، وأشعرنى كم أن المجتمع الذى نعيش فيه طائفى فى أدق تفاصيله، وسألت نفسى ترى ما هو إحساس إخوتنا ورفاقنا فى الوطن الأقباط اليوم؟

 

حزنى الأساسى لأننى أعرف جيدا أن الإخوان المسلمين سوف ينتهجون نفس السياسات النيوليبرالية، والتى طردت العمال من المصانع، وطردت الفلاحين من الأرض، والتى تحرم العمال والموظفين من حد أدنى من الأجر لكى يكفيهم وأسرهم الحياة الكريمة، وعندما يتحدثون عن الحد الأقصى يتحدثون عن 35:1 داخل كل مؤسسة، أى أنهم يبيعوننا الوهم، وأنهم مع أصحاب الأعمال فى فصل العمال من المصانع والشركات بحجة تشجيع الاستثمار، وأنهم ليسوا مع إحساس العمال بالأمان فى وظائفهم من خلال التثبيت..

 

وقبل هذا وذاك فقد كانوا ضد العمال بشكل مباشر عندما وقفوا ضد حق العمال فى الإضراب والاعتصام بشكل سلمى من أجل حقوقهم المشروعة، سواء بكل أحاديثهم فى الأعلام عن المطالب الفئوية للعمال، وعلى العمال أن ينتظروا، ولا يوقفوا عجلة الإنتاج، كما أنهم وبعد أن مهدوا بأحاديثهم هذه لقانون تجريم الاعتصام والإضراب الذى أصدره المجلس العسكرى، ولم يقفوا ضده، ويدعون لسقوطه، كما أنهم لم يسقطوه عندما كانت لديهم السلطة التشريعية بمجلس الشعب، كما أنهم وقفوا وبشكل واضح ضد حرية العمال فى تأسيس نقاباتهم، وحاولوا تمرير قانون مشبوه فى الأسابيع الأخيرة لمجلس الشعب يفرغ حق الحرية النقابية من مضمونه، بحيث يجعلون الغلبة والهيمنة والسيطرة لاتحاد العمال الفاسد ــ والذى بقى على ولائه لأسياده من النظام السابق حتى بعد الثورة بأكثر من عام ونصف العام فأعلن عن ترشيحه لشفيق الذى  يحلمون بركوبه بدلا من حسين مجاور وعصابته، وعندما راحوا يكونون اللجنة التأسيسية للدستور نسوا هم وكل القوى السياسية الآخرى أن العمال الذين يزيد عددهم على 25 مليون عامل بأجر، والفلاحين وجميع القوى الاجتماعية يجب أن تمثل فى الدستور بنسب تتناسب وأعدادهم فى المجتمع، فوجدناهم يتحدثون عن ممثلين للعمال اثنين، ثم يختارونهم من أنفسهم أو من القريبين منهم.

 

●●●

 

المهم هو أننا سوف نستطيع استكمال ثورتنا حتى تحقق كل شعاراتها «تغيير... حرية.. عدالة اجتماعية»، وهذا التغيير المفروض أن يتعمق ويتجذر فى الفترة القادمة، نستكمل ثورتنا حتى نعيش كلنا مواطنين فى وطن بعيدا عن الطائفية حتى فيما بيننا فى المصانع والإدارات الحكومية وفى الشارع وليس فقط على مستوى الكلام من أعلى عن الوحدة الوطنية ومصافحات شيخ الأزهر والبابا، كذلك سوف نستكمل حتى نأخذ كل حقوقنا فى التوزيع العادل للثروة، وحقوق العمال والفلاحين، حقوق المعطلين عن العمل فى العمل وبأجر عادل، فوق هذا وذاك حقوقنا فى التنظيم بحرية والتى من خلالها نستطيع الوصول لكل هذه الحقوق، ثم الحفاظ عليها، وحقوقنا فى كل أشكال المقاومة من إضراب عن العمل والاعتصام التظاهر السلمى

فاطمة رمضان باحثة في الشئون العمالية ومدير برنامج المشاركة السياسية للنساء والشباب في مؤسسة قضايا المرأة المصرية
التعليقات