عزاء بيريز.. قبل أيام من ذكرى أكتوبر - نادر بكار - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 7:43 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عزاء بيريز.. قبل أيام من ذكرى أكتوبر

نشر فى : الإثنين 3 أكتوبر 2016 - 11:10 م | آخر تحديث : الإثنين 3 أكتوبر 2016 - 11:10 م
تزامنُ يوم وفاة شيمون بيريز مع ذكرى وفاة جمال عبدالناصر كان مفارقة يصعب ألا يتنبه إليها الكثيرون فى مصر وغيرها، سواء منهم من أحب ناصر أو اختلف معه، ومن انتمى لجيله أو لأجيال أتت بعده.. إنما المفارقة الأكبر برأيى أن جنازة بيريز التى حضرها وزير الخارجية المصرى ضمن لفيف ٍمن قادة عرب أبرزهم رئيس السلطة الفلسطينية تأتى قبل أيام قليلة من ذكرى انتصار أكتوبر.. مفارقة تستدعى أن نسأل أنفسنا عربا ومصريين عن طبيعة العلاقة الحالية مع هذا الكيان أيا كان وصفه بعيدا عن تبادل الاتهامات وثقافة القوالب المحفوظة.. فلنطرح سؤال «الهُوية» بهدوء!

(٢)
منذ أن تيسرت لى نافذة للكتابة وأنا أحاول فى كل ذكرى سنوية لنصر أكتوبر أن أفرغ على الورق كل ما يجيش به صدرى من مشاعر الفخر بإنجاز حقيقى قلب موازين الدنيا وقتها، تمتزج بها مشاعر الحسرة من جراء ما أعبر عنه بغياب «ثقافة الانتصار»، ومشاعر أخرى من القلق على هُوية أبنائى وأنا لا أرى مناهج دراسية أو أعمالا فنية تتناول فصول ملحمة العاشر من رمضان بالتمجيد واستلهام العبر.
والحقيقة أن التلميح فى هذه القضايا لن يجدى.. هناك تيار فى مصر تمكن على مدى ثلاثين عاما من طمس هذا الانتصار وتشويه ملامحه بشكل أتخيل أنه غير مسبوق فى تاريخ الأمم.. رويدا رويدا تضاءل النصر حتى اُختزل فى الأوبريت الغنائى السنوى وأعداد من الضيوف تتناوب عليهم الفضائيات فى تغطية مملة روتينية تملأ فراغ اليوم بغير حماس يذكر.. بضع ساعات وينتهى الفرح السنوى قبل أن يبدأ ونعود سريعا إلى مربع واقعنا الكئيب.

(٣)
فلتتطور العلاقات الدبلوماسية وصور التعاون المختلفة ما شاء الله لها أن تتطور، وليبقى الشعب على كرهه لإسرائيل كرها باهتا لا يستند إلى فكرة واضحة تغذيها وسائل الإعلام المختلفة.. اللهم إلا فى تبريرات واهية وحجج ضعيفة خائبة تسوقها الوجوه الإعلامية المعروفة عقب كل زيارة لمسئول مصرى رفيع المستوى.. الدولة المصرية تبدو أكثر قبولا لهذه الصيغة وأعتقد أنها تراهن على استمرارها على الأقل فى المستقبل المنظور.
هل كان للدولة توجهٌ حيال هذه القضية زمان عبدالناصر تبدل جذريا فى أعقاب انتصار أكتوبر وما تلاه من توقيع اتفاقية السلام؟ لست أسأل لأعرف الإجابة لكنى فقط أسلط الضوء على خطورة تعدد الهُويات والتوجهات داخل الدولة الواحدة حيال أمر حيوى كهذا.. قولوا للناس إننا لازلنا فى حقبة ناصر، وبالتالى لن يكون لإسرائيل ذكر فى قاموسكم إلا مقرونا بالويل والثبور.. أو أننا نبنى على تركة السادات وبالتالى ستنحسر الازدواجية التى نعيشها ونتفق من بعدها على توجه واحد.

(٤)
أنتمى إلى جيل ٍلم يشهد إسهام بيريز فى بناء دولته على الأرض العربية المغتصبة، لكنه جيل كان واعيا أيام هُدمت البيوت على رءوس الأطفال فى قانا.. وأيام شُردت العائلات فى قانا.. وأيام سكت المجتمع الدولى عما يحدث فى قانا.. ولقد كانت صورة بيريز تصاحب ذلك كله وأفظع منه.. فلا يفهم جيلى كيف ولا متى صار لزاما علينا التعزية فى وفاة القاتل السفاح؟
أتفهم أن الدعاية الإسرائيلية استطاعت على مدى أكثر من نصف قرن أن تصور الرجل ورفاقه بصورة الأبطال تماما كما صورت كثيرا من هجماتها على العزل والأبرياء دفاعا عن النفس ضد الإرهابيين.. حسنا، هذا عن قادة العالم ورؤساء أمريكا وأوربا.. لكن ماذا عنا نحن؟ هل نرى بيريز حقا كذلك؟ ما هى العواقب الوخيمة التى كنا لنتحملها لو تجاهلنا الحدث برمته بغير تعقيب بالسلب حتى أو بالإيجاب؟.. أضف هذا إلى ما سبق تتضح لك صورة جديدة من صور تشتت الهوية الجامعة التى نحياها!