التقارب مع إيران.. مسألة القوة الناعمة «٢» - نادر بكار - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 11:55 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التقارب مع إيران.. مسألة القوة الناعمة «٢»

نشر فى : الجمعة 5 أبريل 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 5 أبريل 2013 - 8:00 ص

قلت إن الذى يسوى بين سياحةٍ هنديةٍ أو أوروبية وبين ما نحن بصدده من الحديث عن السياحية الإيرانية واهمٌ لا يُدرك معنى الغزو الثقافى...وبداية ً فإن مجرد إنكارك لمفهوم الغزو الثقافى لا يعنى اختفاءه أو التقليل من خطره؛ بل يعنى مرة ً أخرى عدم قدرتك على فهم دروس التاريخ القديم منها والمعاصر.. ولعلى هنا أكتفى فقط للإشارة إلى أن مكمن الخطورة يأتى من الاشتراك بين الشعبين فى خصائص معينة يمكن التسلل من خلالها أو البناء عليها لإحداث إمَّا مسخٍ وتشويه ٍللمبادئ والقيم أو تمييعٍ لهذه المبادئ فتصبح شعاراتٍ لا أكثر أو موافقةٍ على الانسلاخ من هذه المبادئ بالكلية.

 

خصائصٌ أهمُها «ظاهر» الاشترك فى الدين الإسلامى نفسه ؛ وهذا ما لا يتوافر فى سائحٍ أمريكى أو هندى بصفةٍ عامة ؛ أو الاشتراك فى حب آل البيت «وإن كان صورياً مختلقاً عند الجانب الثانى» ؛ ولن تعدم فى الطريق تاريخا ًمشتركا ًوآثارا ًفاطمية ًقديمة بل وعادات فاطمية توارثها المصريون كابرا ًعن كابرٍ ...كل ذلك وغيره يمثل المدخل للتغلغل الناعم ....التغلغل الذى سيكون حريصا ًفى أيامه الأولى على تجنب الاصطدام المباشر مع ثوابت المصريين وعقائدهم.

 

تحسب أنى أكلمك عن هوية ستنقلب بين عشيةٍ وضحاها ؟ أبدا ً...يكفيهم فى هذه المرحلة أنك أوجدت لهم موطئ قدم وأعطيتهم اعتبارا ًما كان أخصبهم خيالا ًليحلم به؛ وفتحت الباب لنفوذٍ فارسى ما إن ترنح فى الشام حتى وجد إكسير الحياة عندك فى مصر....هذا يكفى وزيادة ؛ ريثما يقرر الإيرانيون الانتقال إلى خطوةٍ أبعد.

 

أذكر فى هذا المقام بعد أن انقشع الغبار عن الوجه الكالح للثورة الإيرانية ؛ كتب سعيد حوى «المراقب العام للإخوان المسلمين فى سوريا» رسالته الشهيرة « الخومينية شذوذ ٌفى المواقف والعقائد» ليزيل البقية الباقية من غشاوةٍ علت أبصار المفتونين بالنموذج الإيرانى والمبشرين به ويحذر الناس فى بلده ــ ولم يدر البائس أن سوريا ستدك على رؤوس أهلها بعد وفاته بالمدافع الخومينية ــ بل وفى سائر بلاد العالم الإسلامى من الخطر الفارسى المتسربل بعباءة الدين.

 

بل وأذكر من قريب كيف كان تحذير علماء التيار السلفى من «حصان طروادة الشيعى» إبان حرب لبنان ٢٠٠٦ يقابل بنفس التهوين والاستخفاف ؛ الحرب التى جرها إليها حزب الله الشيعى بغير مبررٍ مفهوم إلا تعبير حسن نصرالله الغامض وقتها «إن أوراق اللعبة قد تغيرت» ؛ تدمر وقتها نصف لبنان على رؤوس مواطنيه ثم لما حاولت إسرائيل اجتياح غزة فى عام ٢٠٠٨ وانتظر المساكين من أشاوس حزب الله الشيعى التحرك لصد العدوان الوحشى لكنهم فوجئوا أن أوراق اللعبة أضحت هشيما ًيذروه الرياح أو أصداء ًلخطب نصر الله الرنانة يهدد بها ويتوعد ؛ لكن الفعل شىء آخر!

 

وقبلها كان التحذير من سقوط العراق بأكمله فى أسر القوس الفارسى بعد الغزو الأمريكى؛ وقالوا وقتها أنتم مثيرو فتنة ومسعرو حربٍ أهلية ...حتى غدا العراق ولاية ًفارسية بامتياز.. ولا مانع طبعا ًمن معاودة الاستشهاد باللقاء الحميمى الذى جمع رئيس وزراء مصر بقائد فيلق بدر الإيرانى «عمار الحكيم» فى قلب بغداد.