اصرار قطر على التمادى فى لعب دور قوة عظمى منفردة تتوهم قدرتها على تحريك كل شىء وأى شىء فى المنطقة العربية من وراء ستار، اصرارها ذلك دفعها إلى التعامل باستهتار بالغ مع كل مؤشرات تضخم كرة الثلج لتصحو ذات يوم على هذه الصفعة الخليجية غير المتوقعة.

أكبر مشكلة يعانيها النظام القطرى هو افتقاده إلى حساسية إدراك اللحظة التى ينبغى عندها التوقف وإعادة التقدير بحسابات منطقية تأخذ بعين الاعتبار عناصر القوة البشرية والمادية والبعد التاريخى والعمق الجغرافى والأهم من ذلك كله دروس التاريخ.. فحتى وإن كان البون كبيرا فى المقارنة، لكن النظام القطرى لم يبد للحظة أنه قد استفاد شيئا من تجربة عراق صدام، وهى التى لم يمر عليها أكثر من ثلاثة عقود.

ورغم أن استفزازات القطريين لم تكن وليدة هذا العام ولا حتى ثلاثة أعوام الربيع العربى، إلا أن المملكة السعودية تحديدا صبرت على هذه الخطوة طويلا، فرغم موازين القوى التى تميل إلى صالحها بلا شك مقارنة بقطر، إلا أنها كانت حريصة أن يخرج المشهد حاملا رسالة الاستبعاد الخليجى لقطر بدلا من أن يجسد صراعا ثنائيا بين دولتين.

كان مهما جدا لدى القيادة السعودية أن تفوت َعلى النظام القطرى ما كان يصبو إليه دائما من تأكيد الندية والمبارزة على الزعامة، فانتظرت بصبر وحنكة حتى يجتمع فى صف واحد أكثر من حانق خليجى ينقم على القطريين عبثا غير مسبوق بشأن جيرانه، لتأتى الرسالة صاعقة ومربكة إلى أقصى حد.. إجماع خليجى على نبذ النظام القطرى وتعنيفه، أو هكذا أرادت له السعودية أن يظهر.

إجماع خليجى لا انقسام فيه، فمن ذا الذى سيسأل عن مواقف الباقين أو بالأحرى سيراهن على مواقفهم إذا كان حلفا من أكبر المتضررين قد اتخذ قراره واكتفى الآخرون حتى الآن بصمت لن يفسر فى مصلحة قطر قطعا.

المعطيات التى بين أيادينا حتى اللحظة الراهنة لا تؤشر على احتمال تراجع قطرى مرتقب، قدر ما تشير إلى مزيد من التحدى والعناد، ونفس المعطيات تشير إلى أنها أيضا لن تكون ورقة الخليج الأخيرة ضد النظام القطرى، لكن يمكن اعتبارها الخطوة التصعيدية المعلنة الأولى فى صراع خليجى قطرى لن ينتهى فى المستقبل القريب.