قانون الأوقاف وإصلاح الخطاب الدينى - نادر بكار - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 6:31 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قانون الأوقاف وإصلاح الخطاب الدينى

نشر فى : الثلاثاء 10 يونيو 2014 - 5:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 10 يونيو 2014 - 5:00 ص

هل قصر الخطابة وإلقاء الدروس الدينية على الأزاهرة وأئمة الأوقاف حل ٌلمشكلة الخطاب الدينى المنفلت (علميا ودعويا) أم أنه قرار لن يزيد المشكلة إلا تفاقما وتعقيدا؟ هل أصل المشكلة فى شخص من يعتلى المنبر وانتمائه أم فى مفردات الخطاب الذى يوجه الناس به ويسوسهم به؟ ثم هل الوزارة على استعداد أن تتحمل وحدها مسئولية مئات ألوف المنابر فى الوقت الحالى؟

كان الأولى بوزارة الأوقاف إن كانت تريد حلا (علميا منطقيا) للمشكلة لا مجرد إثارة إعلامية وقتية، أن تضع شروطا ومحددات يقوم على أساسها من يعتلى المنبر من سائر الدعاة، لكنها اختارت الطريق الذى تظنه الأسهل غير منتبهة إلى أنها تفتح على مصر كلها بلاء العمل الدعوى السرى (مع التجوز فى وصف دعوى هذا) بكل ما يحمله من تدمير للأجيال الشابة وتشويه لنفسياتها.

ولتنشيط الذاكرة فقط أقول إن خطب الخومينى ودروسه المسجلة كانت تطير من باريس إلى طهران معبأة على أشرطة كاسيت، جاهزة للانطلاق فى طول إيران وعرضها سرا تحت أنف السلطات، ملتهبة لها مشاعر الجماهير حتى من قبل أن تسمعها... الخومينى المنفى إلى العراق ثم المنفى مرة أخرى إلى باريس استطاع بشرائط الكاسيت الموزعة سرا أن يشعل نار ثورة عاتية اسقطت نظاما عتيدا مكتمل الأركان مدعوما من الولايات المتحدة الأمريكية!

لنحدد الهدف الذى لا يختلف عليه اثنان إذن، نعم تحتاج مصر بل الأمة الإسلامية كلها إلى إصلاح الخطاب الدينى ليتطابق فى فهمه للنصوص مع فهم الرعيل الأول الذى أدرك أسباب نزول الآيات القرآنية وتفطن إلى دلالات الألفاظ النبوية واستوعب متطلبات الإنسان على اختلاف الأزمنة وتباين الأماكن وجعل مقاصد الشريعة بوصلة يهتدى بها.... تحتاج أمتنا إلى خطاب دعوى إسلامى غير تقليدى يبعث الجسد الغافى من رقاده وينفث فى روعه العزيمة والإصرار ويدفعه إلى تبؤ مكانه اللائق فى طليعة الأمم....تحتاج أن تنفض عنها خطاب المتقول على الله بغير علم، والمحتكر للفهم بغير حق، والمكفر للمخالف بغير سند، والمتهاون فى الحرمات بغير ورع.

لكن الدولة التى تريد خطابا دينيا ُيصلح المجتمع ويقضى على التعصب ويطرد الجهل، مطالبة أن تنفق بسخاء على المؤسسات الدعوية وفى مقدمتها الأزهر لتصبح قادرة على تخريج أجيال من الدعاة وطلبة العلم والعلماء يفهمون رسالة الإسلام فهما حقيقيا ولا ينقصهم فى الوقت ذاته التسلح بأدوات عصرية من علوم الإدارة وفهم سيكولوجية الجماهير وإتقان التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعى مع دورات تدريبية مستمرة همها الارتقاء بالمستوى العلمى والثقافى للدعاة، فينذرون حياتهم لتوصيل هذا الفهم لمجتمعاتهم دون قلق على أمور معاش أو انشغال بوظيفة أخرى.

ومن أهل الدعوة غير الرسميين يبرز اسم السلفيين، وهؤلاء يحتاجون أيضا على اختلاف مشاربهم إلى تعديل كبير فى ترتيب أولوياتهم الدعوية وإلى تغيير جذرى فى أسلوب مخاطبتهم للمجتمع، وقبل ذلك كله إلى تفهم حال مجتمعاتهم ابتداء والتماس الأعذار للكبير قبل الصغير وعلاج جذور المشاكل بدلا من الوقوف بسطحية عند أعراضها.... والنظر إلى المخالف بعين الطبيب المعالج أو الداعية المشفق لا بعين جلاد غليظ القلب...ولن يتحصل للسلفيين ذلك إلا بفهم متكامل للشريعة مقاصدها وأخلاقها ومعاملاتها.... وهذا يحتاج إلى بسط أشمل أتعرض له فى موضع مستقل إن شاء الله.