محاسبة المصانع وليس تعويضها! - أحمد بهاء الدين - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 7:42 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

محاسبة المصانع وليس تعويضها!

نشر فى : الخميس 11 يونيو 2015 - 10:40 ص | آخر تحديث : الخميس 11 يونيو 2015 - 11:42 ص

 أقاويل وشائعات امتلأت بها مؤخرا سوق السيارات!.. ما يدور خلف الكواليس تحت مسمى «استراتيجية تطوير صناعة السيارات المصرية»، المصانع المصرية تسعى بقوة للحصول على المزيد من الدعم والحماية من جانب الحكومة لمواجهة اتفاقية الشراكة الأوروبية، الحماية التي قدمتها الدولة لأكثر من ٣٠ عاما أملًا في أن تصنع تلك الكيانات «نموذج» تزاحم به بلدنا بعض الدول الصناعية النامية.

٣٠ عاما، حصلت خلالها السيارات المجمعة محليا على الحماية الكاملة، بالرغم من المكاسب التي حققتها المصانع لم تستطيع تلبية جزء ضئيل من متطلبات السوق ولا تحقيق الرضى للمستهلك المصري، وفي المقابل «تعايرنا وتعاير الدولة ليل نهار بالعمالة» باستخدام عبارات من نوعية «المصانع فاتحة بيوت ناس».

إذا اعتبرنا أن سوق السيارات صورة كبيرة، فالمتضررين كل من هم في تلك الصورة باستثناء القائمين على المصانع؛ أولا المستهلك المصري، ثانيا الدولة، ثالثا العمالة.. نعم، العمالة!

المستهلك المصري هو الأكثر بؤسا في الصورة، باستثناء مصانع تجميع السيارات الألمانية التي تعمل طبقا لمعايير صارمة فيما يخص الجودة وينعكس ذلك على السعر، لم ينجح أي مصنع في إنتاج سيارة تحقق طموحه، لم تطبق المصانع مواصفات الآمان ولم ترتقي بها، المكسب فقط هو الهدف، وفي المقابل حصل المستهلك على سوق منغلقة، لا يملك حرية الاختيار، سيارات مُحرمة عليه وأنظمة حديثة؛ للعرض فقط.

تم إبعاده بشكل كامل عن حركة تطور الصناعة العالمية، يقرأ عن الأنظمة الجديدة ويشاهدها على الشاشة، الحقيقية أن مصانع التجميع لم تقدم شيء للمستهلك، لم تبادر بتطبيق تقنية جديدة أو نظام آمان رائد، لم تتعاون مع الحكومة في تحديث منظومة الطرق والمواصلات كما يحدث في كل أنحاء العالم!، «أرخص حاجه في كل حاجة».

الدولة خسرت الكثير في سبيل الحصول على «النموذج»، عندما يتفاخر القائمون على السوق بوصول المبيعات إلى ٢٩٣ ألف سيارة خلال ٢٠١٤ في بلد يعيش فيه أكثر من ٨٥ مليون شخص، يجب أن ندرك أن هناك مشكلة، وللعلم؛ هذا الرقم يشمل جميع أنواع وفئات السيارات المستوردة والمجمعة محليا.

لو افترضنا «جدلا» أن التعريفة الجمركية مماثلة لتلك المطبقة في الدول المجاورة، سوف يكون متاحا للمستهلك شراء سيارة جديدة «محترمة» يبدأ سعرها من ٨ ألآلف دولار، من الطبيعي أن تتجاوز المبيعات مليون سيارة سنويا خلال عدة سنوات، ما يعنى فرص عمل وسوق تجارية توازي هذا الرقم، بداية من شراء السيارة وترخيصها وخدامات محطات الوقود واستيراد قطع الغيار وحتى أعمال الصيانة كاملة.

العنصر الأهم هنا هو الآمان، سيارات جديدة مزودة بأنظمة آمان متطورة، ما يعني حوادث أقل ومن المؤكد أعطال أقل، وبعض العوامل التي لا نلتفت لها في بلدنا مثل الحد من التلوث البيئي.

في كل مرة أكتب فيها عن التجميع المحلي، أتعرض للنقد الشديد من العاملين في المجال، الهجوم عادة يتضمن عبارات ثابته بغض النظر عن الإهانات؛ «إحنا مش أقل من حد، نفس المعدات اللى بيشتغلوا بيها بره بنشتغل بيها، آيوه نقدر نعمل أي عربية».

وتلخيصا للجدل لي سؤال بسيط؛ هل قامت المصانع «المحلية» بتطوير قدراتهم بشكل موازي لما يتم في مصانع الشركة الأم؟ لا أطلب إجابة عن هذا السؤال أتركها لهم، إن كانت «نعم» فلا خوف عليهم، من الممكن أن يتقدموا بطلب نقل لمصنع أخر تابع للشركة الأم وسوف يتم قبول الطلب، تحت أي ظروف لن تضحي العلامة «العالمية» بما «استثمرته» في العنصر البشري!، أترك لهم الإجابة، فهم أكثر مني علما.

الآن تُطالب المصانع الدولة بفرض المزيد من الضرائب لحماية المُنتج المحلي!.. وفي تحقيق رائع بجريدة الأهرام الجمعة الماضية كشف الزميل العزيز محمود عبد العاطي بعض الآراء حول «الاستراتيجية» التي نترقبها، آراء متنوعة حتى قرأت تصريح المهندس حمدي عبد العزيز رئيس غرفة الصناعات الهندسية، جاء في نصه: «المشكلة الحقيقية تكمن في كون خروج الهيكل القانوني لتعويض الصانعين من خلال هذه الحوافز بشكل لا يتعارض مع القانون»!.

لا أريد الاجتهاد محاولا تفسير التصريح!

ولكن السؤال؛ «تعويض»؟! بعد كل ما تسببت فيه المصانع من ضرر للمستهلك والدولة نبحث لهم عن «تعويض»؟!.. ليتحمله المستهلك!.

بعد ٣٠ عاما من الحماية، أجدر بالدولة أن تحاسب تلك الكيانات على ما آلت إليه الأوضاع، وتحاسبهم أيضا على التسهيلات التي تم منحها فيما يخص الأراضي وبناء المصانع.

ختاما للحديث، لا أجد كلمة أدق من كلمة السفير جمال بيومي أمين عام وحدة المشاركة المصرية الأوروبية في تصريح سابق له:«ليس لدينا صناعه سيارات حقيقيه، طوال فترات الحماية السابقة لم ننجح في تحقيق ذلك والموجود صناعه مفكات».

ahmed.bahaa@shorouknews.com

 

أحمد بهاء الدين المشرف العام على ملحق السيارات بجريدة الشروق
التعليقات