بدون سخرية.. ما وراء «الوحش المصرى»! - أحمد بهاء الدين - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 3:31 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بدون سخرية.. ما وراء «الوحش المصرى»!

نشر فى : الأربعاء 30 ديسمبر 2015 - 10:00 ص | آخر تحديث : الخميس 31 ديسمبر 2015 - 9:49 ص
في مثل هذا الوقت من كل عام، أركز دائماً على أمر واحد فقط وهو أن أكون متفائلاً!، مع عائلتي، مع أصدقائي، مع زملائي وبالتأكيد في هذه المساحة أيضاً، حاولت أن أركز على «التفاؤل» فيما أكتبه اليوم ولكنى في الحقيقة لم أستطيع، حاولت أن أبتعد عن مشهد «الوحش المصري»، وأكتب تحت أي عنوان من قائمة طويلة لقضايا أحتفظ بها على سطح مكتبي، ولكن بدون جدوى.
«الوحش المصري» في ميدان التحرير.. المشهد كالأتي:
(١)
مركبة غريبة، يبدو أنها مصنوعة على شاسيه قارب، ويخرج منها أجنحه ويطل منها شاب قروي، يرتدى خوذة «ديليڤري»، ويؤكد أن هذه المركبة تسير على الأرض وتطفو فوق الماء وتطير في السماء!، وبالطبع لم يخلو المشهد من أعلام مصر وصور الرئيس لتأكيد الانتماء.
(٢)
المشهد في قلب ميدان التحرير، على بعد أمتار معدودة من المتحف المصري بما يحتويه من أثار، تشهد على عظمة هذا البلد وتفوقه في زمنٍ ما في العلم والفلك والطب، في قلب ميدان التحرير حول تلك المركبة عشرات الأشخاص، يدفعونها في حالة «عجيبة» من السعادة.
(٣)
المرور متوقف حتى ينجح القروي في الإقلاع من ميدان التحرير، أفراد الداخلية كانوا يشاركون العشرات فرحتهم بتشجيع الشاب على الإقلاع، وفى دقائق انتشرت صور المركبة وصاحبها على مواقع التواصل الاجتماعي.
(٤)
انتقل المشهد لمواقع بعض الصحف اليومية، وفى منتصف اليوم كان كل مهتم بأخبار بلدنا في العالم العربي وغير العربي قد شاهد تلك «الفضيحة»!، مادة نموذجية للسخرية، شاب قروي يرتدى خوذة، مركبه تشبه «عربية الأيس كريم» يخرج منها أجنحه، والعشرات يهللون في حالة فرح شديدة، ويشاركهم أفراد الشرطة بالزي الرسمي ممسكين بأجهزة «اللاسلكي»، وأعلام مصر في الخلفية، والإعلام يتسابق على إجراء حوارات صحفية مع صاحب المركبة، وكل هذا يتم في أهم وأشهر ميدان في مصر.
من وجهة نظري؛ المشهد لا يدعو للسخرية على الإطلاق!، المشهد محزن فعلاً!، لا يكشف فقط تقصير عدد من جهات الدولة، بل يكشف أيضاً تقصير شركات السيارات وعدم فهم وكلاء العلامات الكبرى لدورهم تجاه المجتمع، وأخيراً يؤكد الدور أو الوجه «القبيح» للإعلام الذي أصبح هدفه فقط الانتشار ونسب المشاهدة، حتى لو ساهم في نشر الجهل أو تسبب في «فضيحة» للبلد بكل المقاييس.
عن الجهات الحكومية؛ هناك عدة تساؤلات «بديهية» جدا!، مركبه بدون لوحات وبدون ترخيص تسير في قلب أهم ميدان في مصر!، مصنوعة أو «مُجمعة» يدوياً في ورشة، أي أنها لم تخضع لأي نوع من أنواع الاختبارات!، ولأنها لم تخضع للاختبار فهي غير مُصنفة أيضاً، أي أنه حتى وإن كان سائقها حاصلاً على رخصة قيادة فلا يمكن استخدامها لقيادة هذه المركبة، لأن المركبة لم يتم تصنيفها!.
بدلاً من أن يتم إيقافه من قبل أفراد الداخلية ومصادرة المركبة لأن وجودها في الشارع وسط السيارات يهدد سلامة وأمان مستخدمي الطريق سواء مشاة أو سيارات، نجد العكس تماماً!، حالة تقصير أمنى كاملة ومُثبته بالصور ومقاطع الفيديو، من الواضح فعلًا أن أفراد الداخلية الذين تواجدوا خلال تلك الواقعة، لا يعرفون لماذا يتم ترخيص السيارات، ولماذا يجب أن تحمل السيارة لوحات قبل أن يتم السماح بقيادتها في الشارع!.
بعد أن فشل صاحب المركبة في إثبات ادعاءاته، وقف في قلب ميدان التحرير يجرى لقاءات صحفية، وبغض النظر عن ما قاله الرجل عن المركبة والتكلفة، حديثة لا يعنيني في الحقيقة لأنه «كلام كله جهل في جهل»، ولكنه «جهل» يقودنا لتوجيه سؤال أو استفسار لمنشآت البحث العلمي في مصر، أياً كانت؛ وزارة، هيئة، أكاديمية!.. هل من المنطقي أن يدعى أي مواطن اختراع أي شيء، ثم يأخذه إلى الشارع ويقوم بتجربته وسط الآف المواطنين دون أي إجراءات، اختبارات وموافقات؟!
الجزء الأخير من المسؤولية أضعه على عاتق شركات السيارات، التي لم تقوم حتى الآن بدور يحترم تجاه المجتمع، الدور الذي سوف نشرحه بالتفصيل ربما في حديث لاحق ولكن سريعا؛ مع احترامي وتقديري الكامل للتبرعات للمستشفيات والمدارس والمنظمات الأخرى، فليس هذا أبداً دور شركات السيارات في أي مجتمع!.
التبرعات تأتى بعد أن تؤدى الشركات دورها الرئيسي، وهو المساهمة في التطوير والارتقاء بمعدلات الآمان على الطرق، وتطبيق تقنيات حديثة وإدخالها لمنظومة المواصلات بالتعاون مع أجهزة الدولة!.
هذا يحدث في كل دول العالم، وللعلم وعلى سبيل المثال أيضا، فإن دور الشركات في انتشار السيارات الكهربائية في أي دولة هو الدور الأكبر، أكبر من دور الحكومة نفسها، دائماً تساهم شركات السيارات في بناء محطات الشحن وتوفير اللازم للبنية التحتية تحت إشراف الدولة، وهكذا يتم تطوير المنظومة بالكامل.
من المؤكد أنه لو قامت أي جهة من هذه الجهات بواجبها؛ الداخلية، ومنشآت البحث العلمي، والإعلام، وأخيراً شركات السيارات، ما كنا أبدا لنشهد «فضيحة» قد لا يدرك حجمها البعض في هذا التوقيت الدقيق الذي تمر به بلدنا!.
كل سنه وانتم طيبين..
أحمد بهاء الدين المشرف العام على ملحق السيارات بجريدة الشروق
التعليقات