حسن الظن ورطة - كمال رمزي - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 9:57 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حسن الظن ورطة

نشر فى : السبت 15 يناير 2011 - 9:56 ص | آخر تحديث : السبت 15 يناير 2011 - 9:56 ص

 على غير العادة، وجدتنى أنهر الفتاة الرقيقة التى أخطرتنى، بصوت مبتهج، مشبع بالبِشر، أنى من المحظوظين، فرقم تليفونى فاز بجائزة ثمينة، وهى تريد معرفة العنوان كى ترسلها لى مع مندوب، طلبتُ منى الاحتفاظ بالجائزة لنفسها، ونبهت عليها ألا تتصل بى مرة أخرى. بعدها، انتابتنى نوبة من كدر، ليس فقط لأنى أحرجت الفتاة التى ارتبكت من انفعالى، ولكن أيضا مما أنا أصبحت عليه، فقديما، فى سنوات البراءة، لم أقتنع، ولم أحب، بعض أقوال حكيم العرب، أكثم بن صيفى، الذى أبهر ببلاغته «كسرى» ملك الفرس، يوم وقف أمامه مستعرضا خبرة الحياة، فيما يشبه النصائح ومنها «حسن الظن ورطة.. وسوء الظن عصمة».

لفترة غير قصيرة، كنت أرفض، ولا أصدق، هاتين الجملتين.. لكن مع الأيام، وتوالى الفواتير الباهظة «لحسن الظن»، أخذتْ نصيحة ابن صيفى تتسلل إلى نفسى، ومع ازدياد هيمنتها يتضاءل الإحساس بالأمان، خاصة أمام الوعود الجميلة، المدهونة بمعسول الكلام، حتى أنى غدوت أبحث، فيما أقرأه من أخبار، وما أسمعه من كلام، عن السم الذى قد يكون مدسوسا هنا وهناك.. فمنذ عدة أيام، نشرت إحدى الجرائد الكبرى، خبرا طويلا، مشرقا، يتضمن ثلاثة مشروعات حضارية، منعشة للآمال. أحدهما يتعلق بكوبرى أبوالعلا، الذى أحيل إلى الاستيداع منذ «12» عاما، والذى تقرر إعادته للعمل كجسر للفنون، يقام عليه معارض للرسم والكتب.. ويتمثل المشروع الثانى فى عودة محمودة للأوبرا القديمة، بعد إزالة الجراج الدميم، الأقرب «للخازوق» ــ حسب تعبير أحمد بهاء الدين، مع إحياء حديقة الأزبكية ومقهى متاتيا. وفى تأكيد هذا الخبر جاء «أن هناك فريقا من المصممين الإيطاليين يعكفون على وضع التصميم المناسب للأوبرا».. أما المشروع الثالث، وربما هو الأهم، نظرا لضخامته وجدواه، فيتحدث عن تحويل مجمع التحرير إلى مزار فنى، على غرار المراكز الثقافية العالمية.

هذا الخبر المتلألئ بالنور، بدد شيئا من قتامة ظلام حادث الإسكندرية الموجع، المحير، المقلق، ورسم فى الذهن صورة خلابة للوحات والعروض المسرحية والسينمائية، مع أصداء الموسيقى والأغانى النابعة من «أبوالعلا» و«الأوبرا» و«مجمع التحرير».

لكن نصيحة أكثم بن صيفى، معاصرنا الجاهلى، القائلة بأن «حسن الظن ورطة وسوء الظن عصمة» بدأت تعمل عملها، وكلما أبعدتها أتذكر أن المشروعين الأولين ورد ذكرهما مرارا، ولم يتحقق منهما شىء. وثمة صورة شهيرة للرئيس السادات وهو ينظر برضاء نحو «ماكيت» الأوبرا الجديدة، المزمع إقامتها، مكان الأوبرا المحترقة عام 1971.

عاودت قراءة الخبر المطول، بقدر أكبر من الدقة، متمسكا بخيوط الأمل، لكن من وسط السطور، صدمتنى ثلاث كلمات جعلت الفأر يلعب فى عبى.. فبعد الحديث عن تحويل المجمع لمزار فنى، مكتوب أو «تحويله إلى فندق».. إذن، فالمسألة كذلك.. فانتبهوا.. سوء الظن عصمة.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات