ثوابت فى السياسة الخارجية المصرية - نادر بكار - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 12:30 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ثوابت فى السياسة الخارجية المصرية

نشر فى : الثلاثاء 16 أبريل 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 16 أبريل 2013 - 8:00 ص

كنتيجةٍ طبيعية لاستشعار خطرٍ داهمٍ يحدق بالاقتصاد المصرى تلاقت آراء الكثيرين على ضرورة صياغة حدٍ أدنى من الثوابت الاقتصادية تبقى بعيدة عن التناحر السياسى؛ ليس فقط للخروج من الأزمة الراهنة وإنما لتجنب مغامراتٍ غير محسوبة تكلف الأجيال القادمة ثمنا باهظا.

 

والأمر ذاته ينطبق على علاقاتنا الخارجية التى تشهد تدهورا حادا على عدة أصعدة؛ وتناميا عشوائيا يفتقر إلى تحديد حجم المصالح المرجوة منه على أصعدة أخرى.

 

لابد من صياغة اتفاقٍ حول أهم ثوابت السياسة الخارجية المصرية؛ ثوابتٌ لا تقبل الزحزحة أيا كان انتماء من يتولى مسئولية البلاد؛ فلا يمكن اعتبار السياسة الخارجية حقلا للتجارب يدفع المصريون فيه ثمن أن تكون بوصلة البلاد متحركة وفق أهواء رئيسها ومزاجه الخاص فنكرر من حيث لا نشعر خطايا عهد مبارك فى إعراضه عن إفريقيا برمتها وفرضه حالة من الفتور المتعمد على العلاقات مع أغلب دولها أو تحويل العلاقة إلى ملفٍ أمنى تمسك المخابرات بزمامه بعيدا عن أروقة الدبلوماسية إثر حادث أديس أبابا. صورة التعامل مع «الكيان الصهيونى» على سبيل المثال لابد أن تكون محسومة فى ضوء هذه الثوابت؛ سواء كان إسلاميا أو علمانيا من يقود البلاد.. تعامل ٌيتشكل من منطلقات الأصول الإسلامية والتاريخية والأمنية وموقف مبدئى من القضية الفلسطينية وعودة اللاجئين واستعادة كافة الأراضى العربية المغتصبة.

 

والعلاقة مع إيران يمكن أن نخضعها لنفس المنطق؛ وعلاقاتنا بالدول العربية المشرقى منها والمغربى ثابت ٌآخر معتمد ٌعلى الدين واللغة والتاريخ المشترك والجغرافيا والمصالح المشتركة وقائمة طويلة من العناصر لا تخفى على المدقق؛ لذا فإن غض الطرف عن تدهور العلاقات مع الإمارات والسعودية والكويت خطأ استراتيجى باهظ التكلفة يخرق فكرة الثوابت التى أتحدث عنها.

 

ثوابت لا تتبدل ومتغيرات يمكن الاجتهاد فيها وتوازن بين الاثنين قيادة سياسية لها رؤية واضحة ومرونة كافية وقراءة واعية لتجارب الآخرين.. وفى هذا الباب ضرورى أن يُستفاد من الخبرات المتراكمة التى حققتها الدبلوماسية المصرية على مدار عقود.

 

المبدع «أحمد داود أوغلو» مهندس سياسات تركيا الخارجية يصف فى كتابه «العمق الاستراتيجى» للدول التى تبحث عن دور ٍمحورى كيفية النجاح فى إدارة علاقاتها الدولية بمراعاة «التوازن» الدقيق بين قوة الأمر الواقع، وقوة الحق الأصيل، فلا تغامر بمواجهة قوة الأمر الواقع دون استعداد كاف، وفى الوقت نفسه لا تفرط فى قوة الحق الثابت الأصيل، ويمكنك أن تنجز الكثير فى المسافة القائمة بين «قوة الأمر الواقع»، و«قوة الحق الأصيل» فى ضوء موازين القوى العالمية التى تتحرك باستمرار ولا تعرف السكون أو الجمود.