ليست (ندى) وحدها من انتحر! - نادر بكار - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 3:57 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ليست (ندى) وحدها من انتحر!

نشر فى : الثلاثاء 16 يونيو 2015 - 9:35 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 16 يونيو 2015 - 9:35 ص

(ندى سلامة).. لم أعرفها من قبل وأزعم أنك مثلى.. فوجئت بانتشار خبر انتحارها أمس الأول على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى.. انتحار شابة فى عمرها كارثة إنسانية بكل المقاييس، لكن الكارثة يتضاعف حجمها بشكل يصعب تقديره حينما تعلم أنها صديقة (زينب المهدى).. تذكرها؟ لا بأس ولا أنا أيضا رغم أنى كتبت عنها منذ بضعة أشهر مقالا كاملا.. زينب المهدى سبقت ندى بالانتحار قبل أشهر قليلة من الآن.. أدركت حجم المأساة؟

سأقتطف لك مما كتبت وقتئذ عن (زينب).. ولك الخيار أن تستبدلها بـ(ندى)..أو تتركها كما هى، فما عادت الأسماء تصنع فارقا!

***

«... بعدما أوضحت فى إيجاز ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة وأجمع عليه أهل السنة من أن المنتحر ليس كافرا وإن كان قد وقع فى إثم كبير لكن الله سبحانه قد يغفر له ما فعل، لم يرق هذا للبعض فأصر على رأيه ــ لمجرد أنه توارثه عن أهله دون علم ولا فهم ــ وراح يتهمنى بالتحليل والتحريم «على مزاجى» وهؤلاء ليسوا إسلاميين بالمناسبة.. المشكلة الكبرى كانت فى من رأى أننى قلت ذلك لمجرد أن الفتاة كانت منتمية يوما لتيار إسلامى ــ قصدت زينب وقتها ــ أما لو كانت من عموم الناس لكان الحكم مختلفا! تخيل!.. لا نجيد إلا التفتيش فى الضمائر!» الآن ماذا سيقول هؤلاء وأنا أكرر الكلام نفسه عن (ندى)؟

***

«لست أمتلك رهافة الحس ولا أدعيها، لكن اليأس الذى يدفع فتاة فى مثل عمر (زينب) / (ندى) لا تفتقر إلى أقل ثقافة دينية تبصرها بفداحة الإقدام على قتل النفس لهو يأس مخيف... يأس مهول.. يأس سيأتى على الأخضر واليابس إن لم تدركنا رحمة ربنا.

أنا وأنتَ وأنتِ وهو وهى ربما ــ أقول ربما ــ نكون قد انتحرنا منذ زمن بعيد أو فى طريقنا!... انتحرت إنسانيتنا أو أوشكت، انتحرت فطرتنا أو كادت، منذ أن تبادلنا الكراهية وتواصينا بالانتقام وتعاهدنا على إزاحة الآخر من الوجود!».

***

«انتحرت إنسانيتنا ونحن نطبق شعار «عش ودعهم يموتوا» ونرفع راية «من ليس معنا فهو حتما علينا» لا فارق فى ذلك بين إسلامى وليبرالى أو يسارى... بل وحتى من لا يدخل تحت تصنيف من هؤلاء انتقلت إليه نفس العدوى حتى قتل فطرته بيده!

وانتحرت إنسانيتنا قبل أجسادنا ونحن نقتل أملنا ونمجد اليأس... ونسحق طموحنا وننحنى للوهم... ونذبح سلام نفوسنا ونرتمى فى أحضان الخوف والجزع والكرب.

وانتحرت إنسانيتنا أيضا حينما استبدلنا واقعا يحيا فيه آباؤنا وإخواننا وأبناؤنا وتنتج فيه شركاتنا ومصانعنا وأرضنا بواقع افتراضى مزيف متوهم، ملأناه إحباطا وسبابا وتهجما وسخرية من أنفسنا ومن الآخرين، وخضنا فيه المعارك الوهمية واستبحنا على صفحاته دماء بعضنا البعض باسم الدين تارة وباسم الوطنية تارة أخرى».