الانتحار على سلالم النقابة - ممدوح حسن - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 7:02 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الانتحار على سلالم النقابة

نشر فى : الأحد 22 مايو 2016 - 9:45 م | آخر تحديث : الأحد 22 مايو 2016 - 9:45 م
أعادت أزمة نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية تنشيط ذاكرتى الصحفية، التى تعود إلى أكثر من ربع قرن، واستدعت حقيقة لا يختلف عليها رجال الشرطة، مفادها أنه مهما كان بحوزة رجل الأمن قرار ضبط واحضار لأى متهم، فلا يدخل حيز التنفيذ إلا بعد دراسة وافية، وتقييم لكيفية تنفيذ المأمورية بنجاح دون أية معوقات.. هذا ما شاهدته على مدار الأعوام التى قضيتها فى مهنة البحث عن المتاعب، وفى تغطية ملف الحوادث الذى يتسم بالغموض والإثارة معا.

كانت قصة ضابط مباحث الأموال العامة الذى تم نقله إلى مباحث آداب القاهرة لخلاف مع رئيسه المباشر، تؤكد ان حيز تنفيذ مأمورية بضبط متهم اموال عامة يختلف تماما عن ضبط فتاة آداب، حيث كلف الضابط الهمام فى اول مأمورية له بضبط سيدة تستضيف رجالا فى شقتها دون تميز، مستغلة ان والدها يعمل فى وظيفة مرموقة ولا يمكن لأحد ان يطرق بابها ويعكر مزاجها.. وفى ساعة متأخرة من الليل طرق الضابط الباب، فتحت بسرعة.. كانت تنتظر طلب «الكباب» دون ان تتوقع انه ضابط شرطة بملابسه المدنية، وكعادة مباحث الأموال العامة قدم لها إذن النيابة لتفتيش الشقة.. صرخت فى وجهه وقالت انها ابنة رجل مهم جدا، فأكد لها ان معه قرارا من النيابة.. تركته وأسرعت نحو البلكونة وخوفا من افتضاح امرها، وألقت بنفسها من الطابق العاشر وتوفيت، وضرب الضباط ورئيس المأمورية «أخماس فى اسداس»..

وفى التحقيقات التى أجراها فى مدير أمن القاهرة – آنذاك ــ اللواء اسماعيل الشاعر، تم تقديم رئيس مأمورية الآداب للمحاكمة، لأنه تسبب فى وفاة انسانة دون ان يتم ادانتها قانونا وتعرض ضابط الأموال العامة المنقول لمباحث الآداب إلى اسئلة كثيرة من وجهة نظر المحقق فى وزارة الداخلية فسأله هل يعلم رئيسك المباشر بالمأمورية وهل تمت مناقشتك فى اسلوب تنفيذها؟ ولماذ لم تتخذ احتياطات الحظر وتأمين منافذ الشقة فور دخولك؟ ولماذا قدمت قرار النيابة لصاحبة الشقة قبل ان تتأكد من تصرفها؟ ولماذا تركتها تسرع نحو البلكونة دون ان تمسكها؟..

هذه التساؤلات تؤكد ان مأمور الضبط كان يحتاج إلى الحكمة فى التنفيذ والتفاعل مع رؤسائه قبل التنفيذ، فقد درس رجال المباحث فى اكاديمية الشرطة والأمن العام أن تقييم المأمورية الأمنية، جزء اساسى فى عمل رجال المباحث ومأمورى الضبط لتنفيذ قرارات النيابة فى الضبط والإحضار، وقد استوعبنا الدرس جيدا من خبراء البحث الجنائى فى مديريات الأمن بالقاهرة والجيزة، عندما كنا نجلس معهم فنجدهم يتحدثون مع رؤساء المباحث ومسئولى الضبط ويقدمون نصائحهم فى الضبط والإحضار الجنائى مثل.. لا تدخل المقهى لضبط تاجر المخدرات.. استدرجه إلى احدى الحارات.. ويقول آخر «خد بالك الراجل اللى قتل جارته فى الطابق السابع اغلق السطوح قبل ان تدخل عليه» ويضيف «احترس من تاجر المخدرات ده عنده عزوة كتير، وخلى بالك من الأطفال الموجدين معاه وحافظ عليهم» وكانت نصيحة اللواء سراج الروبى لطلاب اكاديمية الشرطة التى اجمع عليها العديد من ضباط الشرطة انه لابد من احترام اللوائح الداخلية للمؤسسات العامة والنقابات ومواءمة المأمورية مع مسئولى تلك المؤسسات.. كل تلك النصائح يقدمها مدير المباحث لضباطه منذ الحصول على اذن الضبط ومناقشة ملابسات الضبط والمكان الذى سيتم فيه التنفيذ، هل هو جائز قانونا من عدمه؟ والآثار المترتبة على التنفيذ؟ واختيار توقيت التنفيذ وهل يمكن الانتظار لبعض الوقت لحين تنفيذ المأمورية؟ وماذا لو تأخر تنفيذ الضبط والإحضار وهل سيؤثر على القضية؟ وهل تمت مناقشة منفذ المأمورية مع رؤسائه المباشرين فى العمل ومدير الأمن؟ وهل هناك مناقشات دارت بين منفذ قرار الضبط ومدير مكان الضبط؟ وما هى نتائج تلك المناقشات فى تنفيذ المأمورية؟

كل هذه الأسئلة تحتاج إلى اجابات لتقييم اداء المأمورية الأمنية..

وسؤال اخير ماذا يمكن ان يفعل مأمورو الضبط لو ان احد المتهمين فى نقابة الصحفيين وصعد إلى الطابق الأخير وألقى نفسه منتحرا ومات على سلم النقابة؟.. حينها من سيكون قد انتحر على سلالم النقابة؟
التعليقات